"الانتقالي" أمام اختبار حضرموت والمهرة: رسائل حازمة من الإقليم والداخل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
وسط رسائل إقليمية ودولية تتسم بالحزم والوضوح، يجد المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه أمام اختبار متصاعد في حضرموت والمهرة، حيث يتقاطع الأمن بالمشروعية، والسيطرة بالمحاسبة، والسلاح بالمسؤولية السياسية.
ففي حين تطالبه جهات إقليمية فاعلة بوقف خطواته الأحادية، وسحب قواته من المحافظتين، تفتح تقارير حقوقية زاوية أخرى من الزاويتين القانونية والأخلاقية، متهمة قوات المجلس بارتكاب "انتهاكات جسيمة" بحق المدنيين في محافظة حضرموت، تشمل ممارسات واسعة النطاق مثل مداهمة منازل، واعتقالات تعسفية، وعمليات إخفاء قسري، فضلاً عن فرض طوق عسكري على مناطق مأهولة بالسكان، ما أثار تساؤلات جدية حول طبيعة المشروع الأمني الذي يعتمده المجلس في المناطق التي يسيطر عليها.
ويأتي هذا المشهد الميداني بالتوازي مع رسائل سعودية وإقليمية ودولية، توصف في دوائر صنع القرار بأنها "حازمة"، وتحمل مضمونًا موحدًا مفاده: لا يمكن فرض وقائع جديدة بالقوة في شرق اليمن، ولا يمكن لأي طرف أن ينفرد بتحديد مصير محافظتي حضرموت والمهرة، خارج الإطار السيادي أو التوافقي.
هذه الرسائل، بحسب قراءات دبلوماسية متقاطعة، لم تكن موجهة فقط للانتقالي، بل عكست عتبة لا يُسمح بتجاوزها في المعادلة اليمنية المعقّدة، خاصة مع تزايد الحديث عن ضرورة دعم جهود الاستقرار والحد من تعددية الفاعلين العسكريين في المناطق المحررة.
وبينما تتكثف مؤشرات التحفظ الدولي من سلوكيات المجلس، يرى مراقبون أن التحركات الأحادية الأخيرة كشفت عن إشكالية مزدوجة في تموضع "الانتقالي" ضمن مشهد الشرعية اليمنية، إذ لم يعد يكتفي بدور مكوّن سياسي داخل معسكر الحكومة، بل يتخذ مواقع ميدانية تضعه أحيانًا في مواجهة مع الخط العام للتحالف العربي، أو تعقّد الجهود الرامية لتثبيت الاستقرار في شرق اليمن.
وتذهب تقديرات متقاطعة إلى أن هذه التحركات تحمل كلفة عالية على أكثر من صعيد: سياسياً، من خلال زعزعة الثقة مع الحلفاء الإقليميين؛ ميدانياً، عبر تحويل مناطق مستقرة نسبيًا إلى ساحات توتر؛ وقانونياً، بسبب اتهامات الانتهاكات الحقوقية التي قد تُستخدم مستقبلاً كسيف ضغط دولي.
في المقابل، لا يزال باب التراجع مفتوحاً أمام المجلس، وفق مراقبين، من خلال الانسحاب المنظّم من حضرموت تحت مسمّيات فنية وأمنية، تُبقي له هامش المناورة وتحفظ بعضًا من مكاسبه، بعيدًا عن الانزلاق في صدام مباشر قد يكلّفه موقعه السياسي ويضعه في زاوية الإحراج الإقليمي والدولي.
ومع ذلك، فإن تعقيدات الداخل الجنوبي، ومسار الحرب ضد الحوثيين، وتعقّد خطوط السلام اليمني، تفرض على المجلس الانتقالي خيارات ضيقة، تجعل من الانضباط السياسي، والانخراط في التفاهمات، ليس مجرد ضرورة تكتيكية، بل مسألة بقاء سياسي وتنظيمي في بيئة متقلبة.