جريدة الجرائد

الملك سلمان.. وتحديات المستقبل

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبدالله خليفة الشايجي

&

ترك الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بعد عقد من الحكم إرثاً مهماً خلّفه، سواء بالإصلاحات الداخلية ورفع مكانة وحضور السعودية إقليمياً ودولياً. أتى رحيل الملك عبدالله في ظروف بالغة التعقيد ووسط تغيرات متسارعة وتبدل في التحالفات الجيوسياسية. وكان لافتا سلاسة وسرعة ودقة الانتقال من حقبة الملك عبد الله إلى حقبة الملك سلمان. وذلك يُعزى لنظام هيئة البيعة واستحداث منصب ولي ولي العهد لترتيب بيت الحكم في حالة وفاة الملك. وهذا ما أدى لارتياح وثقة بثبات السياسة السعودية كما وعد الملك سلمان في أول خطاب له على الاستمرار &"بالنهج القويم الذي سارت عليه المملكة منذ الملك عبدالعزيز آل سعود&"، ما يعني أن عنوان المرحلة القادمة سيكون الثبات والاستقرار والاستمرارية هي عناوين المرحلة القادمة في المملكة العربية السعودية. لذلك انعكست التغييرات السلسة وترتيب بيت الحكم السعودي بعد وفاة الملك عبدالله، بارتياح واضح في الدوائر الغربية والأسواق المالية والنفطية. فبعد أقل من 12 ساعة على إعلان وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الملك السادس للمملكة العربية السعودية، أصدر العاهل السعودي الجديد -خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أوامر ملكية لافتة وذات دلالات بالغة الأهمية، من تنصيب الأمير مقرن بن عبدالعزيز أصغر أبناء الملك عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً أول لرئيس مجلس الوزراء. وفي تطور لافت وغير مسبوق تم إسناد مناصب قيادية متقدمة لأحفاد الملك عبدالعزيز -الجيل الثالث- وعلى رأسها تنصيب الأمير محمد بن نايف منصب ولي ولي العهد ونائبا ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى منصبه وزير الداخلية. بتعيين محمد بن نايف في منصب ولي ولي العهد تؤكد السعودية الأولوية التي توليها في مواجهة الإرهاب. بسبب خبرة وإمساك الأمير محمد بن نايف بملف مواجهة الإرهاب منذ سنوات. وأتى تنصيب نجل الملك سلمان الأمير محمد بن سلمان وزيراً للدفاع ما يجعله من أصغر وزراء الدفاع في العالم، بالإضافة لمنصبه المستشار الخاص للملك ورئيس الديوان الملكي خلفاً لخالد التويجري، ليؤكد نهج الملك سلمان في إدخال الجيل الثالث -الأحفاد- من آل سعود في نظام الحكم في المملكة مستقبلاً.

أتى التغيير في السعودية في لحظة حرجة في المنطقة وسط تحديات كبيرة تواجه المملكة في جوارها وإقليمياً، وعلى المستوى الدولي. ويتمثل ذلك بانهيار أسعار النفط 60% لحوالي 50 دولارا للبرميل. والجميع ينظر لدور السعودية -الدولة الأولى المصدرة للنفط في العالم- للعب دور قيادي في استقرار أسعار الخام. وهناك تحديات أخرى، أبرزها العلاقة الاستراتيجية للمملكة مع الولايات المتحدة الأميركية والتي شهدت خلال العامين الماضيين الكثير من التباين والخلافات تمثل برفض السعودية مقعداً غير دائم في مجلس الأمن وخلافات حادة حول التقارب الأميركي- الإيراني وقبلها غزو العراق والسياسة الأميركية تجاه حكومة المالكي في العراق، ورفع اليد في سوريا وخاصة بعد استخدام نظام الأسد للسلاح الكيماوي في اغسطس 2013، وموقف واشنطن من ثورات &"الربيع العربي&" وخاصة بعد صعود &"الإخوان المسلمين&" وخاصة في مصر. وآخرها التقارب الأميركي-الإيراني والخشية من صفقة كبرى على حساب السعودية وحلفائها الخليجيين، حيث تقود المملكة تحالفاً في مواجهات متعددة على رقعة الشطرنج الإقليمية ضمن أجواء الحرب الباردة في مواجهة إيران. وكما علقت صحيفة &"نيويورك تايمز&"، فإن كلا من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية تعودتا على الخلاف وليس بالضرورة أن يكون هناك انسجام كامل بين الحليفين الأميركي والسعودي. وكان لافتا إعلان البيت الأبيض عن اختصار أوباما لزيارته للهند وعزمه زيارة السعودية بعد غد الثلاثاء لتقديم واجب العزاء بالملك عبدالله. &"ما يؤكد على العلاقة الاستراتيجية وثباتها تحت حكم الملك سلمان. بالمقارنة اكتفت إيران بتغريدة من الرئيس روحاني يعزي آل سعود بوفاة الملك عبدالله، ويتمنى الرخاء للشعب السعودي والوعد بقيام وزير الخارجية محمد جواد ظريف بزيارة المملكة لتقديم واجب العزاء&".

&

&

التحديات الأخرى التي ستواجه حكم الملك سلمان تتمثل في التعامل مع متطلبات التنمية، التي استثمر بها الملك عبدالله بإرسال 150 ألف طالب للدراسة حول العالم. وكون 47% من السعوديين تقل أعمارهم عن 24 سنة وهناك نحو نصف مليون سعودي في عام 2015 سيكونون بحاجة للتوظيف في ظل تراجع الدخل وتوقع تسجيل عجز في الميزانية وارتفاع عدد السكان لـ 27.8 مليونا.

لكن التحديات الآنية للملك سلمان تكمن في التعامل مع التحديات الداخلية ومواجهة التهديدات الإقليمية، وتوحيد موقف دول مجلس التعاون الخليجي، والتأكيد على التحالف الاستراتيجي مع واشنطن. ويفرض الشأن اليمني نفسه وخاصة بعد سيطرة "الحوثيين" المدعومين من إيران على مقاليد السلطة نفسه. لما يمثله من تهديد لأمن واستقرار السعودية والمنطقة ويزيد من نفوذ إيران على رقعة الشطرنج بعد تمدد نفوذها من مضيق هرمز إلى باب المندب ومن العراق إلى سوريا ولبنان.

&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف