دعاة أم مهرجون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
& مطلق بن سعود المطيري
تعرضت الدعوة الدينية لتشوهات كبيرة طالت شكلها ورسالتها، ولم تعد الدعوة دينية تستند إلى أصول قيمية تنسل من روح الدين الإسلامي ورسالته الخالدة، وربما يعود ذلك ان المدارس الدعوية أصابها بعض العجز عن تأهيل داعية متمكن من توصيل رسالة الدين بروحانية صادقة وغير مصطنعة.. الشيء الذي جعل الحماس غير المنضبط يأتي بدعاة التهريج والتسطيح ليكونوا بديلاً متاحاً عن الدعاة العلميين الراسخين الذين نحفظ لهم مكانتهم ودورهم بكثير من التقدير والاحترام.
لا يختلف بعض دعاة اليوم عن ممثلي الدراما في التهريج وتسطيح القضايا المهمة في حياة الناس، فجميعهم يهدف لإرضاء الجمهور أكثر من إيمانه برسالته الأخلاقية التي يؤديها، ومع هذا التوجه التسفيهي لرسالة الدعوة تم تصنيف بعض الدعاة تصنيفاً درامياً، داعية كوميدي، داعية تراجيدي، داعية أكشن، شكل ملتوٍ يعبث بالوقار والاحترام حتى أصبحت الدعوة خالية من هذه القيم الضابطة لشكلها الأخلاقي والديني، فهانت الأخلاق وهانت معها رسالة الدعوة وتحول هدفها من إيجاد الاحترام الجدي إلى الإضحاك والتسلية وهذا تحقق لها، فالنجاح أن يكون الداعية خفيف دم وليس صاحب حجة شرعية يحدها الشرع من كل اتجاه.
الدعاة الذين يحاربون الدراما بدراما نكدية ألم يراجعوا طريقتهم في دعوة الناس إلى السلامة الروحية بالتزام صارم بالشكل والموضوع حتى لا تنفلت من أيديهم دروس الاحترام ويصبح التسفيه أسلوباً لطرح الموضوعات الجدية، فالدعوة لله جزء مهم من العبادة تؤدى بإخلاص تام بعيداً عن السخرية والإسفاف.
فعندما تتحول بعض دروس الوعظ إلى مسرحيات كوميدية فأي أثر يريد هؤلاء الدعاة تحقيقه، وأي رسالة يحملونها إلى مجتمعهم، هل هي السخرية وجعل الجدية والصرامة والانضباط شيئاً مقززاً ومنفراً؟ أم الهدف هو منافسة الدراما وفنونها بأدوات الدراما، لكي تتساوى الأدوات والرسالة والهدف، أما إذا كان بعض الدعاة يرى أنه يمتلك مواهب درامية تفوق بكثير علمه الشرعي فقد تكون استوديوهات الدراما المكان المناسب له وليس منابر الدعوة حتى لا تتداخل الوظائف مع بعضها وتضيع الرسالة.. الدعوة وأشكالها التعبيرية ورجالها تحتاج لمراجعة جدية وسريعة من الجهات المعنية بها والرجال الصالحين الذين يخشون على رسالة الحق من الضياع، أما تركها لعبث المهرجين سوف يوجِد لنا جيلاً هزيلاً ساخراً يعرف كيف يتلون بسلوكه من متطرف بغيض إلى مهرج مضحك، فيضيع الالتزام مع توفر هذا الكم الهائل من الدعاة الهزليين، الكوميديا فن ساخر يلعب على التناقضات ليصل بنا إلى التناقضات حتى لا تكون هناك رسالة غير التناقض وهذا مايقوم به بعض الدعاة اليوم لا رسالة لديهم غير التناقض.