كوميديون يشكلون المشهد السياسي في أمريكا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إدوارد لوس&
&
قال مارك توين إن لدى الجنس البشري سلاحا واحد فعالا بحق؛ "الضحك". أحدث تجسيد لذلك هو صناعة شركات البث عبر الكابل في الولايات المتحدة. قال جهاز تنظيمي فيدرالي الأسبوع الماضي إنها قد تقتحم بقوة النطاق العريض (الإنترنت السريع) على الرغم من المنافسة الشديدة من شركات أمثال كومكاست. لنترك جانبا دعم الرئيس باراك أوباما لهذه الخطوة. جاء التدخل الأقوى من الممثل الكوميدي جون أوليفر، الذي يعتبر استخدامه للوحة لعبة "مونوبولي" توضيحا لقبضة هذه الصناعة على سرعات الإنترنت، التي دفعت أربعة ملايين مشاهد إلى إغراق واشنطن بالشكاوى. في الديمقراطية، كما هي الحال في الحياة، درهم فكاهة خير من قنطار منطق.
ليس هناك شيء جديد في استخدام الفكاهة للتأثير في الرأي. فيلم "الدكتاتور العظيم" لتشارلي شابلن قدم تحديا أكبر للولايات المتحدة الانعزالية قبل هجوم بيرل هاربر، من نشرات الأخبار حول هتلر التي تقشعر لها الأبدان. الخوف هو شريان الحياة بالنسبة للسلطة، والسخرية عدوها. لكن إذا حكمنا من خلال تغيير أمريكا لعاداتها الإعلامية، فإن الكوميديا دخلت في عصر ذهبي. كلما كانت المجموعة السكانية أصغر سنا، يكون نفوذها أعظم. حصة متزايدة ممن هم تحت الثلاثينات من العمر يعتمدون على "ذا ديلي شو" لجون ستيوارت، والآن على برنامج "لاست ويك تونايت" لأوليفر، على أنه مصدرهم الرئيسي للأخبار. تثق الأغلبية بالأخبار الآتية من برامج الكوميديا التي تظهر على أية قناة إخبارية. الأمر نفسه ينطبق على وسائل الإعلام الاجتماعية. ولدى حساب تويتر الساخر "الملكة إليزابيث" أتباع أكثر من أتباع الحساب الحقيقي للملكة.
لماذا الآن؟ الإجابة السطحية هي التكنولوجيا. لقد سمح تضاعف وسائل المستهلكين على انتقاء واختيار ما يريدون، ومتى يريدون ذلك. ربما كان كل ما اشتهيناه على الإطلاق هو الضحك ومشاهدة أشرطة فيديو القطط (على يوتيوب). الآن لدينا الأدوات التي تجعلنا ندلل أنفسنا. الكثير من الاستخفاف المزهر نفسه تلا آخر ثورة عظيمة في المعلومات &- وأعني بها اختراع الطباعة. ومع ذلك لا يعتبر ذلك تفسيرا مقنعا تماما. بعيدا عن كونها ترعى اهتمامنا المتقلص، تطلب برامج الكوميديا من جمهورها القدر نفسه، ما تطلب على قنوات الأخبار المجلجلة. أوليفر يوظف أربعة باحثين متفرغين، من بينهم اثنان من الصحافيين السابقين في "نيويورك تايمز". مدة برنامجه 20 دقيقة بين فواصل وتحتوي على بيانات أكثر، مثلا، من ساعة بث من قناة سي إن إن. ومن الخطأ أن نفترض أن الكوميديا تعتبر تافهة (اسأل شابلن) مثل الاعتقاد بأن القنوات الإخبارية جدية.
الجواب الأفضل هو انهيار الثقة بالسلطة. بالكاد توجد مؤسسة دون أضرار. اجتاح ارتفاع انعدام الثقة الأعمدة الرخامية للكونغرس والمحكمة العليا - إضافة إلى وسائل الإعلام والكشافة والشركات الأمريكية والكنيسة الكاثوليكية وغيرها.
محبو ستيوارت، الذي يعتبر حسه الإخباري حادا مثل أي شخص آخر، لكن طرافته أكثر وضوحا، يشبهونه بوالتر كرونكايت - مذيع التلفزيون الذي كانت أمريكا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية تستمع إليه كل ليلة. إنهم يبالغون. لكن لا يوجد أي صحافي اليوم في خطر مثل هذه المقارنة. الشخص الذي يقترب من ذلك، بريان وليامز، من شبكة NBC الإخبارية، أُمسِك به وهو يكرر قصة حول السفر في طائرة هليكوبتر قصفت بصاروخ في العراق منذ 12 عاما. لم يحدث أي شيء من هذا القبيل. لقد أسرت حكايته مزاجنا التهكمي. وكثيرا ما وجدنا أولئك الذين كنا معنيين بالوثوق بهم يجمعون مكونات مختلفة في شخصياتهم. بالتالي نتحول إلى المهرجين.
شرائح كبيرة من الولايات المتحدة لا تثق بأي نوع من العلم، خصوصا البرهان. أحدث مثال على ذلك هو تفشي الحصبة في الشهر الماضي. هناك أقلية متزايدة من الآباء الأمريكيين الذين يرفضون اللقاح بسبب وجود صلة خرافية له بمرض التوحد. وهذا يشمل الليبراليين، وكذلك المحافظين. حتى أن هناك عددا قليلا من الأطباء، ولا سيما راند بول، السيناتور الجمهوري، وهو طبيب عيون، يستغرقون في التفكير حول ما إذا كان هذا التلقيح يسبب اضطرابات نفسية. كريس كريستي، المرشح الجمهوري الآخر الذي يطمع في الوصول إلى البيت الأبيض، هو أيضا مذنب.
أخطاؤهم هذه تبدو وكأنها جاهزة في سيناريو لاستخدام ستيوارت، الذي سخر برنامجه الأسبوع الماضي "الليبراليون الأثرياء في كاليفورنيا الذين ينكرون العلم" لموضوع التطعيم، ما دفع الهجوم التالي من قبل أحد المذيعين. قال روبرت سكوت بيل، التابع لأخبار راديو الطبيعة، عن ستيوارت، وهو يهودي: "إنه على استعداد للإجهاز علينا جميعا، ووضعنا في معسكرات الاعتقال". وأضاف: "إذا كان يعرف شيئا عن المحرقة، فإنه يرمي زملاءه الليبراليين تحت الحافلة".
ومع ذلك، هناك حدود لنطاق الكوميديا. أولا، هي تميل إلى اليسار. لدى "ذا ديلي شو" جزء من الجمهور المحافظ على البرامج الحوارية الإذاعية، التي يغلب عليها أن تكون مدفوعة بالغضب. في عام 2010، نظم ستيوارت مسيرة "لاستعادة التعقل" لمنافسة شعار حزب الشاي "استعادة الشرف". ستيفن كولبرت، الذي استند برنامجه الكوميدي على محاكاة ساخرة غاضبة محافظة، نظم مسيرة أخرى "للحفاظ على الخوف على قيد الحياة". مع ذلك استطاع حزب الشاي بلوغ نقطة عالية في الانتخابات النصفية التي تلت ذلك.
ينبغي أن تكون الكوميديا مكملا وليس بديلا للحياة العامة. ولأن الحياة العامة هي الآن عند نقطة دنيا، لدى السخرية فرصة قوية للنجاح، لكن لا يمكنها أن تملأ الفراغ. إطلاق التعليقات الهازلة في وقت متأخر من الليل لا يعتبر إجابة عن الدول الإرهابية التي تحرق الناس وهم أحياء. هناك احتمال كبير أن الحكم الصادر في الأسبوع الماضي بشأن تنظيم النطاق العريض يمكن أن يتفكك في المحاكم. قال الكاتب الساخر، إتش إل منكين، ذات مرة: "إن الديمقراطية هي النظرية القائلة إن الناس العاديين يعرفون ما يريدون ويستحقون الحصول عليه بشكل جيد وبجد". ومثل كل طرفة جيدة، فهي تحتوي على الحقيقة. نحن نحصل على ما نستحق. إنها علامة على التعقل أن تكون قادرا على الضحك على النتيجة.
&