شهوة التوسع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
&محمد المختار الفال
أدخلت الثورة الإيرانية هذا الجزء من العالم في نفق مظلم من الاستنزاف للثروات والعلاقات الروحية والاجتماعية.. وأحيت نعرات (بردت)، بل كادت تموت، بحكم تطاول الزمن، وكان بعض المصلحين والسياسيين يرون إمكانية تجاوزها ودفنها في مقابر التاريخ، فجاءت الخمينية بشهوة توسعها لتحيي في النفوس والعقول بواعث الكراهية والأحقاد وعيوب الاختلاف، بعد أن كان ميزة ثراء وتنوع. فقد زرعت ولاية الفقيه الطائفية داخل إيران نفسها حين حددت في دستورها من له الحق من مواطنيها في أن يتقدم إلى الصفوف الأمامية للمشاركة في حياة بلده السياسية، فخلقت بهذا التمييز فوارق حقيقية حددت موقفها من المختلف مع رؤيتها في الداخل والخارج، وتوهمت أن بقاءها وقوتها لا يكون إلا باتساع دائرة من صنفتهم أهلا لثقتها.. وكان من نتائج هذه الرؤية &"الطائفية&" مشروع تصدير الثورة إلى الخارج؛ بهدف تحقيق الأطماع السياسية حتى لو أدى الإنفاق على هذا المشروع إلى هدر الثروة الوطنية وتجويع وإفقار الإيرانيين في الداخل وتشريدهم في الآفاق..
ومنذ اندلاع هذا المشروع دخلت المنطقة في حرائق متتالية، بعضها بأفعال طهران مباشرة، وبعضها بزرع الأتباع والموالين وإحياء البؤر الخامدة ودفع البعض للوقوع في أحلام اليقظة التي أخرجته من الواقع إلى الوهم بأنه يستطيع أن يكون له دور غير مؤهل له وليست لديه إمكانياته وقدراته..
اليوم تعاظمت شهوة التوسع الإيراني ودخلت مرحلة جديدة، بعد أن تقاربت مع الدول الكبرى، ولاح في الأفق إمكانية الوصول إلى اتفاقيات وتفاهمات تعطيها دورا مميزا في الإقليم..
ورغم فهم حق الدول في أن تكون لها سياسة توظف فيها إمكانياتها لتحقيق أهدافها المشروعة، إلا أن الذي يستحق الفهم والتفهم أيضا هو أن هذه الأطماع والشهوة في التوسع ستبقي المنطقة كلها في حال الاستنزاف الذي يؤدي ــ في المحصلة ــ إلى إهدار الطاقات وتعطيل التنمية التي تخدم الإنسان في كل دول الإقليم.. والدول الأخرى لن تقف متفرجة على ما تفعله إيران من تراكم آلة الحرب بهدف تخويف الآخرين وإرغامهم على الإذعان، فهذه الدول ستتحرك لاكتساب ما يجعلها قادرة على حماية أوطانها ومكتسباتها واستقلال إرادتها وقرارها، وهذا يعني الدخول في سباق القوة الذي تتفاوت فيه الإمكانيات والقدرة على التحمل. فهل تدرك طهران مخاطر تهديد السلم الاجتماعي في المنطقة وما يرتبط به من كوارث لن يسلم منها أحد؟.
القدر المتيقن هو أن إعادة النظر في السياسة الإيرانية الخارجية ونتائجها من عقلائها ستوقف حالة الانحدار إلى المجهول، الذي لن تكون إيران من الرابحين فيه.