تحرير الموصل أم تحرير الشيطان؟

عبدالله بن بخيت&

سمعنا طبول الحرب التي قرعتها الحكومة العراقية والتصريحات النارية التي أطلقها المسؤولون الأميركان. أصبحت معركة الموصل على الأبواب. الجميع يؤيدها. لا يختلف اثنان ان الحرب على داعش مقدسة. حتى على مستوى الأفراد لا أحد يستطيع أن يعلن اختلافه. حرب بهذا المستوى من الإجماع ليست غريبة على التاريخ. حدثت مرة واحدة وعلى نطاق الكون كله ومازالت نتائجها مستمرة حتى يومنا هذا. كل الأديان وكل البشر أعلنوا الحرب على الشيطان. لم يجرؤ أحد على مر التاريخ أن يعلن وقوفه مع الشيطان أو منحه أدنى مستوى من التبرير.

&أكثر من سنتين عاشها العالم مع داعش. لم يبعث هذا الكيان رسالة واحدة تبرهن إنسانيته أو تشير ولو من بعيد انه يشترك مع البشر في شكل من أشكال الحياة. حتى أعماله العدوانية التي تشي بالطائفية لم يرض عنها الطائفيون الحاقدون الذين يسكن في قلوبهم واحد من ذرية الشيطان.

&إذا كان إبليس يتصف بالشر فداعش قدم نفسه بوصفه الشر نفسه، لكن علينا أن نتذكر أن الحرب على داعش لن تختلف عن كل الحروب التي شنت على الشيطان، لا تجمع تحت رايتها بيارق الأخيار فقط.. الجميع يعرف أن المسافة بين الأطراف المقاتلة المحيطة بالموصل لا تفصلها سوى مساحة الموصل البسيطة ولكن قلوبها شتى. القذائف التي سوف تطلق على داعش تكفي لقتل الشيطان وأبنائه منذ هبط آدم على الأرض. تركيا وإيران ورسيا وأميركا وفرنسا والله أعلم كم دولة تشارك تحت استار مختلفة.

&

الشيطان يكمن في التفاصيل. مقولة نرددها في كل حالة تتعقد فيها الأمور:. حرب الموصل هي شرح حرفي لهذا التعبير الرائع. أي جيش لأي دولة من المتربصين على حدود الموصل يستطيع أن يمسح داعش في ساعات. المسألة ليست بهذه السهولة. الصعوبة في التفاصيل. كل جيش له وجهة نظر. لم يأت أحد لقتل الشيطان فقط. أذى الشيطان وغواياته ليست الهم الأكبر. حتى المقاتل الصغير الذي جيء به ليموت مجاناً له وجهة نظر. المعارك التي دارت رحاها ضد الشيطان في التاريخ استولدت معارك لم يكن للشيطان يد فيها. مات فيها من الأخيار أكثر مما مات فيها من جنود الشيطان. منذ فجر التاريخ ومازلنا نعيش الحروب التي تتوالد من حربنا الأولى على هذا العدو الذي لا يموت. في كل مرة ننتهي من حرب على الشيطان نتجه إلى حروب أكبر وأفظع لتسوية النتائج التي تمخضت عن حربنا على الشيطان.

&

في غضون أسابيع سوف يتم القضاء على داعش. سيختفي هذا الاسم المروع. لا أظن أن هناك متسعاً من الوقت لتبادل التهاني. كل جيش له وجهة نظر في تحرير الموصل. كلمة تحرير ستحتاج إلى تحرير وشروحات تفصيلية، القليل منها بالكلمة والباقي سيتم تسويته بالرصاص.