جريدة الجرائد

ميليشيات الحج الإيرانية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 

أحمد عجب الزهراني

كان هناك رجل في قديم الزمان متيم بحب فتاة من بنات قريته، ولكنها لم تكن تبادله نفس المشاعر، وكان من المتعارف عليه أن من يحج من القرية في كل عام ثم يعود من رحلته، يخرج جميع أهالي القرية لاستقباله، فخطرت في بال هذا الرجل المتيم فكرة عظيمة ستمكنه من رؤية معشوقته وربما الحديث معها ولو للحظات، وهي الذهاب للحج في ذلك العام، وبالفعل حزم أمتعته وتوجه راجلا لأداء المناسك مع بعض أبناء قريته، وقد تكبد خلال رحلته معاناة كبيرة (ولكن كله يهون لجل عيونها)، وحين أتم نسكه وعاد إلى قريته وجد الأهالي رجالا ونساء في انتظاره، ولكن للأسف لم تخرج معشوقته مع الجموع، وكأنها علمت بنواياه فحزن لذلك حزنا شديدا، وقال قولته التي غدت مثلا يتداوله الناس عندما يخططون لعمل شيء ولا يتم كما خططوا له، إلا وهي (وش حجينا له)؟!

هذا المثل الشهير أيضا، يوضح بجلاء أنه ليس كل من عقد العزم على أداء هذه الشعيرة أو لبس الإحرام أو طاف بالبيت العتيق أو وقف بصعيد عرفات وبات في مزدلفة ورمى الجمرات الثلاث، أن نيته خالصة لوجه الله سبحانه، فقد تكون هناك نية أخرى مبيتة، لا يعلمها إلا الحاج نفسه أو أبناء جاليته وطائفته!؟، وهو ما يمكن أن نستشفه من تعليق إيران السماح لمواطنيها بالحج لهذا العام بأن يتم منحهم أولا مزايا أشبه بالمظاهرات في هذه الفريضة !!، وهو ما رفضته كليا بلدنا الحبيبة لقدسية المكان من جهة وخوفا على أمن وسلامة عموم الحجاج من جهة أخرى، وبالتالي أصدرت حكومة طهران قرارا بمنع حجاجها من المجيء إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج ولسان حالها يقول (وش حجينا له)!!

في كل عام، تقدم مملكتنا للحجاج الإيرانيين أسوة ببقية الحجاج الآخرين من مختلف بلدان العالم كل التسهيلات الممكنة منذ أن تطأ أقدامهم مطار أو ميناء جدة وحتى يغادروا المشاعر المقدسة بسلام، ويكفي لإثبات ذلك، تلك المشاهد الحية التي تبثها القنوات الإخبارية على مدار الساعة، والتي تظهر انسيابية الحركة وسلاسة المسارات المخصصة لتفويج الحجيج، على الرغم من الجموع الغفيرة التي تصل غالبا إلى 3 ملايين حاج، عطفا على تلك المشاهد الانسانية الرائعة التي لا تملك معها العيون إلا أن تغرورق بالدموع وهي ترى جنديا يحمل امرأة مسنة على ظهره، وآخر يسقي حاجا ويمسح بالماء البارد على وجهه لتخفيف حرارة الجو، وثالث يمسك بيد طفل ضائع ويهدئ من روعه حتى يسلمه لذويه، وما بينهما مجموعة من الجنود البواسل يحملون على أكتافهم حاجا مقعدا ليتمكن من رمي الجمرات وأداء فريضته بكل يسر وسهولة.

كل هذه الجهود المضنية والمشاعر الجياشه تصدر أمام سمع ونظر العالم من الجنود المكلفين وأفراد الكشافة تحت مظلة اللجنة المنظمة للحج، بينما تحرص إيران على خلق الفوضى، حيث حاولت مؤخرا بعد أن منعت حجاجها بدس عناصر من ميليشيات (حزب الله) و(سرايا الخراساني) و(كتائب العباس) بين قوائم الحجاج العراقيين بأسماء وجوازات سفر مزيفة قبل أن يتم اكتشافهم ومنعهم، وهو ليس بالأمر الغريب، فقد جرت العادة من الحجاج الإيرانيين في كل عام على التكدس وعرقلة الحركة واستبدال تلبياتهم بهتافات طائفية مناوئة هدفها تسييس الحج والخروج به عن المقاصد الشرعية (حبا وتقربا لمرضاة ولاية الفقية حين عودتهم) وكلما ضاقت بهم السبل أمام حزم قوات الطوارئ الخاصة وانكشفت أساليبهم الملتوية أمام فطنة وروية حكومتنا الرشيدة رددوا فيما بينهم بصوت ناقم (ويش هجينا لوه)!؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف