مشروع التسوية العراقية لم يُنسّق مع إيران؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سركيس نعوم
بعد تولّيه رئاسة "التحالف الوطني" أعطى السيد عمار الحكيم مشروع التسوية الشيعية الذي تسلّمه مع رسالة موفد الأمين العام للأمم المتحدة في العراق الأهمية التي يستحق. فدرسه ثم عرضه على الهيئة القيادية والسياسية للتحالف. وأعقب ذلك اجتماع حضرته الأخيرة والسيد ابرهيم بحر العلوم والفريق الأممي. تحدث فيه رئيس الأخير عن أهميّة الوثيقة وضرورة دعمها.
وأكد تواصله مع نيويورك والمرجعيات الشيعية. وأشار الى تلقيه رسالة من المرجع السيد السيستاني أبدى فيها دعمه المبادرة ولكن من دون الدخول في تفاصيلها. وبعد المناقشة طُرح اقتراح التصويت عليها في الهيئة العامة للتحالف التي تضم نواباً ووزراء وقيادات. وبالفعل عُقد اجتماع في 26 تشرين الأول الماضي وتحدّث عن المبادرة التي لم يتم توزيعها على المشاركين فيه، ثم تمّ التصويت عليها. فأبلغ السيد عمار الحكيم الأمم المتحدة خطيّاً بموافقة الهيئة العامة عليها لافتاً إياها الى أن دورها قد حان. وردّ الموفد الأممي باستعداده لطرح الوثيقة على السنّة والأقليات وللقيام بجولة على دول خليجية ودول عربية أخرى من أجل تسويقها. ومن جانبه قام السيد الحكيم بجولة شملت الأردن وإيران وغيرهما للغرض نفسه.
وفي هذا المجال يقول بحر العلوم إنه ورفاقه لم يتسرّعوا بل عملوا على مدى 6 أو 7 أشهر لإنجاز المشروع – الوثيقة. وهو عراقي الولادة وضعه أشخاص ليسوا في دائرة الصراع الدائر قادرون على تجميع القوى السياسية. وقد صاغوا أسساً مقبولة من مكوّنات العراق وكلها تلبّي حاجاتها وحاجاته. ويلفت الى أن إيران لم تكن على علم به عند ولادته، وأُعلمت به لاحقاً من خلالنا ولم تبدِ معارضة له. كما أن السنّة اعلموا به جماعتهم. وتم الاتفاق على أن يكون موعد إطلاقه رسمياً مع تحرير الموصل أو بعده.
لكن قيادات سنّية عدة رأت في اجتماع عُقد قبل نحو 4 أسابيع من الآن أن التزامن بين اطلاق المشروع وتحرير الموصل قد يكون أثره سلبياً. إذ قد يعتبر البعض أن الشيعة يريدون بواسطته التعبير عن قوّتهم الكبيرة، وقد يعتبر البعض الآخر أن الشيعة يريدون هذه التسوية لتغطية انقساماتهم وخلافاتهم. كما قد يعتبر البعض الثالث أنهم يعملون للتسوية نفسها لتبرير ما ارتكبوا في حق السنّة وخصوصاً بعد بدء تحرير مناطق عراقية من "داعش". ولذلك طلبت القيادات المشار إليها إرجاء إطلاق مشروع التسوية الى وقت آخر، ولم يواجه طلبهم باعتراض.
ما هي رؤية واضعي مشروع التسوية لمبادرتهم وما هي أسسها؟
رؤيتهم هي الانطلاق من الانقسام الموجود في العراق لبناء المواطنة وتكريس مبدئها من أجل النجاح في التخلص منه. وهو يتضمن أسس التسوية الوطنية وثوابتها التي تشمل الأكثرية الشيعية والأقليات بدءاً بالسنّة العرب وانتهاءً بالأكراد وغيرهم. وهناك خطة لتنفيذه تمتاز بوجود التزامات لكل الأطراف، وضمانات من الأمم المتحدة التي أكدت استعدادها للتعامل مع الرافضين لرؤية المشروع أو المختلفين مع بنود عامة فيه بالطرق الأممية المعروفة. تتألف الخطة من مراحل ثلاث.
الأولى تبنّي الأمم المتحدة طرح رؤية السنّة والأكراد استناداً الى ثوابت المشروع – التسوية الشيعي. والثانية حسم المكونات العراقية أمور تمثيلها بالتشاور مع التحالف الوطني بوصفه الكتلة الأكبر نيابياً وسياسياً وشعبياً. أما الثالثة فهي دخول المسلك التفاوضي ضمن استراتيجيا تضعها الأمم المتحدة من أجل الخروج برؤية مشتركة. وبعد التوصل الى ذلك بموافقة الجميع يطرح مشروع الرؤية المشتركة على الحكومة فالبرلمان العراقيين من أجل الحصول على موافقتهما. بعد الانتهاء من المراحل المذكورة تصبح المبادرة "تسوية"، وتكون شروطها الأساسية: لا غالب ولا مغلوب، الانتباه الى تصدير الأزمات، رفض استخدام العنف. وتكون الالتزامات متبادلة بين كل الأطراف والمكونات.
هل واجهت الرؤية المشروع – التسوية إشكالات في اثناء وضعها والتشاور حولها؟ واجهت إشكالات عدة. منها تسريب نسخة منها الى الاعلام العراقي الأمر الذي خلق جواً مؤيداً لها وآخر معارضاً. ومنها أيضاً إرادة "المجلس الأعلى" احتساب المبادرة له مما أثار حفيظة نوري المالكي وآخرين. ومنها ثالثاً إثارة قرار المحكمة الاتحادية إعادة المالكي نائباً لرئيس الجمهورية حفيظة التيار الصدري وانعكس ذلك سلباً على موقفه من الوثيقة. ومنها رابعاً خوف القيادات الشيعية من شارعها أو شوارعها. ودفع ذلك الى عدم الاستعجال ريثما يضع السنّة رؤيتهم.
ما هو الموقف السنّي من كل ذلك؟