هل ينتهي عمل المحكمة الدولية في 2017؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سابين عويس
عندما انتخب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وتم تعيين عضو "تكتل التغيير والاصلاح" سليم جريصاتي وزيرا للعدل، برز كلام في الاروقة السياسية عن أن أحد بنود التسوية السياسية التي أفضت إلى انتخاب عون وتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة يرمي إلى التنازل عن المحكمة.
لم يبرز على مدى الأشهر الثلاثة الاولى من عمر العهد ما يؤكد هذا التوجه، باستثناء "الخطأ المطبعي" الذي ورد في البيان الوزاري، واضطر رئيس المجلس نبيه بري إلى لفت الانتباه إليه، والذي أسقط "سهوا" البند المتعلق بالمحكمة. لكن الامر صُحح وأدرج البند بالصيغة التي ورد فيها في البيان الوزاري لحكومة الرئيس تمام سلام، والذي للمفارقة، كان سقط أيضا سهوا بخطأ مطبعي مشابه أثاره النائب نقولا فتوش في جلسة الثقة النيابية (20 آذار 2014). وقد جاء في البند ما حرفيته: "إن الحكومة انطلاقاً من احترامها القرارات الدولية، تؤكد حرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، وستتابع مسار المحكمة الخاصة بلبنان التي أنشئت مبدئياً لإحقاق الحق والعدالة بعيداً عن أي تسييسٍ أو انتقام، وبما لا ينعكس سلباً على استقرار لبنان ووحدته وسلمه الأهلي.
قبل ايام، سُجل كلام لافت لرئيس الجمهورية أمام رئيسة المحكمة الخاصة بلبنان القاضية ايفانا هريدليكوفا التي زارته اول من أمس في قصر بعبدا، يرافقها الوزير جريصاتي، فيه دعوة المحكمة الى "الاسراع في اصدار الاحكام لان العدالة المتأخرة ليست عدالة"، مطالبا بـ"المزيد من الشفافية المالية والادارية في عمل المحكمة ولاسيما أن لبنان يساهم بنصف الميزانية المالية الخاصة بها".
بحسب مطلعين على أجواء اللقاء، طرح عون اكثر من سؤال عن اسباب التأخر في إصدار الاحكام، مستوضحا عن التفسير للوقت الطويل الذي استغرقته المحاكمات، ولا سيما أن المسار لا يزال في محكمة البداية. وهو إذ طلب الاطلاع على تفسيرات المحكمة، حذر من التدخل في استقلالية القضاء اللبناني.
والواقع أنها المرة الاولى تُطرح أسئلة عن عمل المحكمة. سبق لوزير العدل السابق شارل رزق أن سأل أيضا عما يفعله القضاة اللبنانيون في لاهاي، ولماذا لا يسرعون عجلة التحقيقات، كما سأل أيضا عن الاموال التي تصرف لهؤلاء وهم يقيمون في لبنان.
في سياق مماثل، يتابع جريصاتي عمل المحكمة عن قرب، تساعده في ذلك خلفيته القانونية ومتابعته لها من موقعه السابق. ولعلها المرة الاولى يتسلم وزير العدل تقريرا مفصلا من 80 صفحة عن كل العمل المحقق. ولعلها كذلك المرة الاولى يتسلم من مكتب قلم المحكمة في لبنان إشادة خطية بتعاون لبنان الجدي مع المحكمة.
في المقابل، قدمت القاضية الدولية الى رئيس الجمهورية تطمينات عن الشفافية المتبعة في العمل، وسمعت للمرة الاولى ربما توافقا لبنانيا على إلتزام القرارات الدولية وتصميم لبنان على معرفة الحقيقة.
إكتسب اللقاء أهمية كبيرة بما أنه ساهم في رسم مسار هذا الملف في المرحلة المقبلة، ليس فقط من باب التمويل وإنما من باب الوصول إلى النتيجة. ويمكن في هذا المجال تسجيل مجموعة من المعطيات التي ستتبلور في قابل الايام:
- إن الحكومة ملتزمة تمويل المحكمة للسنة الجارية. لم تحدد مصادر التمويل بعد، وخصوصا أن مشروع موازنة 2017 لم يلحظ البند المتعلق بهذا الموضوع.
- إلتزام معنوي من جانب المحكمة للتعجيل في الاجراءات القانونية، وخصوصا أن قضايا التحقير أو القضايا المتلازمة أخذت حيزا كبيرا من عمل المحكمة.
- لم يظهر حتى الآن أي معطى في شأن القضايا المتلازمة، تماما كما هي الحال بالنسبة إلى قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
- من حق لبنان أن يسأل، والمحكمة مدينة بتقديم الشروحات عن أسباب التأخير، ولا سيما أن لبنان غير مقصر في واجباته في توفير المعلومات المطلوبة منه، ولا في التمويل، وهو يمول 50 في المئة من نفقاتها.
وعليه، وأمام هذا المسار الجديد المسَرع لعمل المحكمة، تتوقع مصادر قضائية ان يصدر القرار عن محكمة البداية بحلول حزيران المقبل، على أن تنتهي في الاستئناف بحلول 2018.
ليست هذه الا توقعات، تعكس في طياتها حرصا على إنجاز العمل وإصدار القرار. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في مثل هذه الحالة: ماذا سيكون القرار؟ وهل سيكون هناك حكم؟