كيف تقوم المراجعات الفكرية في العراق ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فاتح عبد السلام
حدثت مراجعات فكرية داخل الحركات الاسلامية المتطرفة في مصر والأردن ، وبغض النظر عن مقدار صلة الاجهزة الامنية العربية بهذه المراجعات ومدى تأثيرها وسعة انتشارها، كون معظمها كان نتاج السجون ، إلاّ إنها كانت من العلامات المهمة في تحري الطريق الوسطي ونبذ العنف،لاسيما عند الشباب المندفع تحت تأثير شيوخ كبار يوهمون المستجدين بقناعت هم انفسهم لا يؤمنون بها .
العراق بعد مرحلة تنظيم داعش مدعو اكثر من سواها الى فتح كل الابواب للمراجعات الفكرية من العقول النيرة التي تفهم الاسلام بطريقة البناء واعمار النفوس والأمكنة وليس خرابها.
سمعت انه يجري القاء محاضرات على الاطفال الصغار الذين غرر بهم تنظيم داعش بغية عسل ادمغتهم الغضة مما علق بها من أدران التنظيم ، وكان قد أطلق عليهم اشبال الخلافة ، وبعضهم ليس مسلماً في الاصل، كاليزيديين الذين صفّاهم التنظيم الارهابي وسبى نساءهم وأجبر أطفالهم على الانخراط في عمليات انتحارية وعسكرية تحت ذلك الغسيل الجماعي للأدمغة ،الذي يصاحبه الخوف والفزع لمن لا ينفذ الأوامر . لكن تلك المحاضرات هي مرحلة أولى وقصيرة غير كافية في استرداد هؤلاء الاطفال واعادة تأهيلهم وزجهم في المجتمع مرة أخرى. لابد أن يكون هناك خطط أكثر نجاعةً في حفظ المجتمع وتحصينه من آفات التطرف القابلة للتوالد بعد أن ينقصم ظهر تنظيم داعش نهائياً في العراق . التنظيم اشتغل على التخريب ما يقرب من ثلاث سنوات ربما نحتاج زمناً يصل الى عشرة اضعافها للإصلاح. والمسألة لا تقتصر على الاطفال وانما الكثير من الشباب لكلا الجنسين ، كانوا فريسة محاضرات دينية مشبعة بأيديولوجيا التأسيس لانحراف فكري نحو العدمية والاقصاء والتكفير، طوال عقدين في بعض الجوامع وبأوقات خارج الصلوات ، وعلى نحو غير مراقب من أية جهة .
الاعلام غائب في البلد عن مناقشة المراجعات الفكرية ، ولا تزال جميع اللحى مقدسة بكل تصنيفاتها السياسية والمذهبية والاجتماعية بماجعل مسألة الفرز أمراً معقّداً وشاقّاً.
واهم مَن يظن أن المعالجات الأمنية والعسكرية وحدها تكفي لاجتثاث الارهاب وضمان عدم تسربه ، وخاصة في مجتمعات يسودها الفقر والجهل وغياب خدمة العلم واحساس الشباب بالضياع وعدم الانتماء لأي شيء .
نحتاج الى أطر اجتماعية كفيلة بالتحصين تصاحب الطفل في دراسته الابتدائية وما بعدها ، ولنبدأ من اشاعة حب المواهب وتنميتها، في الرسم والرياضة والموسيقى والكتابة والاختراعات والنزوع العلمي بما لا نجعل الفراغات أكثر مساحة وهيمنة من الجزء المنتج والمليء في المجتمع ، فينتصر الفارغ على الملآن .