جريدة الجرائد

سيناريو افتراضي لمعركة رئاسية بين ترمب وأوبرا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

FINANCIAL TIMES 

 إدوارد لوس من واشنطن

من السهل أن نحدد السبب في أن كثيرا من الأمريكيين يشعرون بالإغواء. كما اتضح من خطابها الذي ألقته في احتفال توزيع جوائز (جولدن جلوبز)، أوبرا وينفري تمثل كل ما هو نقيض لدونالد ترمب.

خلافا لترمب، أوبرا وينفري من أصحاب المليارات الذين يستحقون هذا اللقب. لقد صنعت شهرتها من خلال تسويق التعاطف بدلا من قول "أنت مطرود"، وهي تتبرع لقضايا خيرية بدلا من التظاهر بذلك. كما أنها إنسانة عصامية، في الوقت الذي ولد فيه دونالد ترمب في عائلة غنية. 

على أنهما يشتركان في سمة تجعلهما غير مؤهلين: كلاهما من المشاهير، ممن ليست لهما خبرة في المجال السياسي. إن كانت وينفري هي الإجابة عن مشكلة ترمب، فما هو السؤال؟
لا أعني بذلك قلة الاحترام نحو الأشخاص المشهورين. اخترعت أمريكا فكرة الشخصية الشهيرة، ولا أحد يتقنها مثل أمريكا. أمريكا جاءت أيضا بفكرة الديمقراطية الحديثة. المشكلة هي أن ثقافة الشهرة تتغلب على السياسة، وهو ما يشكل خسارة محققة من حيث القدرة على الحكم.

لو كانت السياسة مسابقة على الشعبية، يمكن أن تستحق وينفري الفوز فيها مقابل ترمب، هي تستحق إقبالا على ترشيحها بنسبة 100 في المائة على طراز كوريا الشمالية. ليس هنالك أي شيء في خلفية وينفري يمكن أن يساعدها في التصدي لمستقبل العمل، أو صعود الصين. كل ما يمكن لإدارة وينفري عمله أو تقديمه هو تدمير علامتها الشخصية.
الأمر الموجود على المحك هو قدرة أمريكا على الحكم الذاتي بطريقة معقولة. تم وضع الدستور الأمريكي بهدف استبعاد حكم الغوغاء. يجب أن تكون للشعب كلمته - لكن مع ضمانات. 
وضع الدستور تحديدا لمنع أشخاص مثل ترمب من الوصول إلى الحكم. وحقيقة أن كثيرا من أفراد الشعب الأمريكي لا يعرفون هذه الحقيقة يؤكد صحة هذه النقطة. 
الرأي العام السائد هو أن الولايات المتحدة تأسست كدولة ديموقراطية. في الواقع، هي تأسست كجمهورية دستورية. هنالك اختلاف كبير. خشي الآباء المؤسسون لأمريكا من الدهماء. بقي هذا النظام فاعلا حتى عام 2016. الآن هو معرض للخطر.

ظهور وينفري قد يضمن مصير أمريكا كبلد لم يعد يتعامل مع السياسة بجدية. إن كان الجواب على مشكلة ترمب هو محاربة الشخصية الشهيرة بشخصية شهيرة أخرى، ستختفي فكرة الخدمة العامة. 
على الرغم من كل فضائلها، السيدة وينفري ليست أكثر استعدادا لتولي السلطة من ترمب. في المقابل، رونالد ريجان، الذي انتخب مرتين حاكما لولاية كاليفورنيا وترشح قبلها مرة للمنصب، كان شخصا مؤهلا لتولي المنصب الأول في البلاد. 
لقد بدأ الحياة كممثل، لكنه لم يصل إلى البيت الأبيض بسبب ذلك. الحياة السياسية علمت ريجان فن التوصل إلى الحلول الوسط. السياسة تتعلق بإنفاق رأس المال من أجل تحقيق نتائج فوضوية. كونك شخصا مشهورا له علاقة بحماية علامتك المميزة.
ربما تكون أمريكا قد قطعت شوطا طويلا فوق الحد على نحو لا تستطيع معه إيقاف استيلاء المشاهير على المناصب العليا. تقدم البلدان الديمقراطية الأخرى إشارات تحذيرية. 
في إيطاليا، يستعد سيلفيو بيرلسكوني لعودة جديدة. يعود هذا الرجل الثمانيني مع فرصة أخرى لتولي السلطة في انتخابات في إيطاليا التي ستعقد بعد أسابيع قليلة من الآن. 
بعد انتخابها له في مرات سابقة، انخفضت المعايير في إيطاليا بشكل دائم. 
أصبحت التمثيلية الرومانية الصامتة هي الأمر الطبيعي. في ألمانيا، في المقابل، لا تزال السياسة مملة بشكل مأمون. بسبب تاريخها، ألمانيا محصنة بشكل أفضل من معظم الدول الأخرى من الوقوع ضحية إغواء الشهرة والمشاهير. 

في الماضي، عملت البلدان الديمقراطية الغربية على بناء جدران بين الكنيسة والدولة. والجدار الذي نحتاج إليه اليوم هو ذلك الجدار الذي يمكن أن يفصل بين العمل في الفن الاستعراضي وبين الحكم.
دعونا نفترض بأن هذا أمر مستحيل. ما الذي يمكن أن يحصل في مواجهة شخصية ستجري في عام 2020 بين ترمب ووينفري؟ أول الضحايا هو الحزب الديمقراطي. 
من خلال ترشيح وينفري، يمكن أن يكون قد اعترف بالحجة التي مفادها أن الديمقراطية هي برنامج تلفزيوني واقعي. اليوم، لا يزال هنالك حزب واحد يعطي اعتبارا للخبرة. غدا، قد لا يكون هنالك أي حزب يفعل ذلك.

أما الضحية الثانية فقد تكون السيدة وينفري، فآلة ترمب من شأنها أن تنقب بشكل دقيق في سيرتها، بحثا عن أية شائبة أو شبهة يمكن أن تلصق بها. في منافسة بين العلامات التجارية، ترمب سيتلذذ باحتمالية الوقوف في وجه امرأة سوداء ليبرالية غنية. 
هناك احتمال كبير بأنه سيفوز. وحتى وإن فازت هي، فإن هذه المنافسة من شأنها أن ترسخ ثقافة الحرب، بحيث تصبح الأسلوب السائد في السياسة الأمريكية. 
حروب الثقافات هي معارك لا بد أن ينتصر فيها طرف على حساب الطرف الآخر. حتى إن حققت الفوز، فأنت الخاسر.
المرة الوحيدة التي وضعت فيها السيدة وينفري إصبعها في جحر السياسة، كانت عندما أيدت باراك أوباما في عام 2008. كنت حينها في ذلك الحدث الذي حصل في نيو هامبشاير. 
قالت وينفري عن أوباما: "أنت الشخص المطلوب". لقد كانت لحظة حاسمة. 

سبق أن اتُّهِم أوباما أيضا بافتقاره إلى الخبرة. مقارنة بالسيدة وينفري، كان سياسياً محنكاً ومخضرما. 
بعد مضي عشر سنوات على ذلك، سيكون أوباما اختبارا جيدا لقياس السيدة وينفري. إن كانت نصيحته خاطئة، يجب عليها الإصغاء إلى نانسي بيلوسي، المشرع الديموقراطي الأكثر حنكة. 
لقد قالت: "إحدى الحجج لمصلحة أوبرا هي الرقم 45" – في إشارة إلى الرئيس ترمب، أي أنه الرئيس الـ 45 للولايات المتحدة. 
"وإحدى الحجج ضد أوبرا هي الرقم 45"، وهي طريقة تقصد بها بيلوسي أن تقول: "التزمي بعملك اليومي" وتلك كانت نصيحة مواربة وذكية.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف