جريدة الجرائد

عراق ما بعد داعش واحتجاجات إيران

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد آل الشيخ

في 12 مايو المقبل ستجري انتخابات برلمانية، وبالتالي حكومية، في العراق. أهمية هذه الانتخابات - على الأقل للمملكة والخليج - أنها تأتي بعد الهزة العنيفة، التي شهدها الداخل السياسي الإيراني، والتي استطاعت قبضة الملالي الفولاذية أن تقمعها، غير أن تأثيراتها الارتدادية على سياسات النظام الحاكم في إيران، لا بد وأن تكتنف مرحلة ما بعد تلك الأحداث.

في العراق الأحزاب السياسية المسجلة بشكل رسمي أكثر من مائتي حزب سياسي بقليل، وجميعها تطرح أنها مع وحدة استقلال الجغرافيا العراقية، ومع الوطنية بما فيها كردستان العراق، وضد الإرهاب، وضد الفساد المالي والإداري، غير أنها عند التطبيق، تفكر في الغنيمة السياسية، وربما المالية، فتدور مع تلك الغنائم، حيث دارت واتجهت، متناسية ما جاء في برامجها. لذلك فإن الديمقراطية الحالية في العراق هي ديمقراطية فوضوية، وهي كذلك شكلية أما المضمون، فليس لها علاقة بها، تحكمه تكتلات أحزاب تغير توجهاتها وتحالفاتها بين اليوم والآخر، الأمر الذي جعل هذه الديمقراطية الوليدة، أقرب إلى تجاذبات ومصالح فئوية وطائفية، يغلب عليها الفساد السياسي والمالي بكل أنواعه.

كما أن الأحزاب السياسية بمعناها العريق في الديموقراطيات التقليدية، لا وجود لها في العراق، فزعيم الحزب، وانتماءاته الطائفية والفئوية، هي التي ترجّح قوة وشعبية هذا الحزب أو هذا التكتل. فمثلاً هناك تكتل حيدر العبادي، وهناك تكتل نوري المالكي، أو تكتل الصدريين، أو تكتل إياد علاوي، أو تكتلات الأحزاب الكردية، هي التي توجه الناخب العراقي الى ممثله النيابي، كما أن التخندق الطائفي، وكذلك الإثني، ما زال قوياً وفاعلاً في الساحة السياسية العراقية، بل أجده أولوية في اصطفافات الكتل السياسية، رغم أنها دون استثناء تزعم أنها تتجاوز الطائفية. ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي هو سبب رئيس لاجتياح داعش واحتلالها أجزاء كبيرة من العراق بسهولة، نتيجة لطائفيته، وممارساته التي تضع الطائفة فوق الوطن، ومع ذلك ما زال المالكي حاضراً في التكتلات السياسية التي ستدخل الانتخابات، مع أنه ضعُف كثيراً، بسبب انشقاق حيدر العبادي عن تكتله (دولة القانون)، وإنشاء تكتل جديد تحت مسمى (نصر العراق)، والتكتلان ينتميان إلى (حزب الدعوة) المتأسلم والطائفي في العراق، إلا أن العبادي لم يذهب بعيداً في توجهه الوطني اللا طائفي، بعد أن دعا الحشد الشعبي للانضمام إلى تكتله لكن (الحشد الشعبي) رفض دعوة العبادي، مما أحرجه واضعفه كثيراً. رغم أني لا أعتقد - حسب متابعتي للشأن العراقي - أن العبادي في توجهاته الطائفية على الدرجة نفسها التي كان عليها نوري المالكي، الذي كان له القدح المعلى في (تبعية) العراق للمشروع التوسعي الإيراني.

قوة ونفوذ إيران، كما يتوقع كثير من المتابعين والمحلّلين، لن تكون على الأقل في المستقبل المنظور، مثلما كانت قبل الاحتجاجات والتظاهرات الأخيرة، فثورة الجياع التي اكتسحت أغلب المدن الإيرانية، ستحد جزماً من إمكانياتها وقدراتها على النفوذ في الشأن العراقي، أضف إلى ذلك أن هناك نزعة عراقية، بدأت تتسع وتتجذر، تقدم الوطن على الطائفة، وهذه النزعة الوطنية، يتصدر قيادييها كثيرون، على رأسهم إياد علاوي ومقتدى الصدر، وكلما اتسعت هذه النزعة الوطنية أكثر، ستكون بلا شك على حساب نفوذ وتوسع الإيرانيين، وتراجع نفوذهم في داخل العراق.

كما أن العلاقات الأمريكية الإيرانية المتوترة، ستسهم بلا شك في تراجع النفوذ الإيراني في العراق؛ فالرئيس الأمريكي ترامب، ليس كالرئيس السابق أوباما، الذي سلّم الإيرانيين العراق على طبق من ذهب، مقابل توقيع الاتفاقية النووية معهم، لتكون أهم منجز حققه ذلك الرئيس في تاريخه.

وعلى أية حال، وللأسباب التي تطرقت لها سابقاً، لا أعتقد أن العراق بعد الانتخابات القادمة، سيكون كما كان عراق المالكي ولا حتى عراق الحيدري، فقواعد اللعبة هناك اختلفت إلى حد بعيد.
إلى اللقاء

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مثلما ذكرت تشويه
PMSK -

يحاول الكاتب في مقاله التحليلي عن الانتخابات القادمة في العراق ، ان يعكس جانبا محددا ذا بعد طائفي مركز ، مشيرا في نفس الوقت الى العرقي .... ولكنه توقف ، او صمت أو لم يستطع قلمه الاشارة الى التكتل الحزبي السني ، لانه لا يريد ان يذكر ذلك ، وهذا نابع من تفكيره الطائفي .. وتحدث باسهاب عن التكتلات والاحزاب الشيعية ، وغلق تفكيره عن التكتلات والاحزاب السنية .. كما تحدث باسهاب عن المالكي والعبادي والصدر واخرين ، وكانهم الوحيدين في الساحة السياسية ... على الاقل من يريد ان يكون صادقا ومتجردا وواقعيا ، ان يبتعد عن النفس الطائفي البغيض ويضع افكاره وتوقعاته، ولا يجرد نفسه من الصدق والرياء ومحاولات تكريت الطائفية ... انكم تحاولن دوما الابتعاد عن مشاكل بلدكم ، الذي يمتليء بالكثير ، سواء في التورط القاتل في حرب اليمن ، والقاء القبض على الامراء وارتفاع الحياة المعاشية بسبب الضرائب والرسوم وغيرها ... العراق الذي خرج من عنق الزجاجة في قضاءه على الارهاب المجرم ، وتحرير مدنه المغتصبة ... يعمل على الاستقرار ، والانتخابات البرلمانية التي اقرها الدستور واحدة المعطيات التي تشير الى عامل الاستقرار ...ومن سيفوز بالانتخابات ويحصل على مقعد في مجلس النواب ، ثم يراس الحكومة ورئاستي مجلس النواب او الجمهورية ، تحدده صناديق الاقتراع ، وليس قرار ملكي بتعيين هذا رئيس الوزراء او رئيس مجلس الشورى او الوزراء او الاعضاء او اقالتهم ... المغانم المالية يا سيد محمد آل الشيخ ، هي ليست كما تتصورها ، ويشاع عنها ، نعم للنواب والوزراء والمسؤولين رواتب ومخصصات ، كما ان لديكم للوزراء واعضاء مجلس الشورى وغيرهم رواتب ومخصصات وامور اخرى الله يعلم ما هي... لذلك لا تغطون على مشاكلم وتشوهون الاخرين بانتقاد اوضاعهم الديمقراطية وحرية الراي الغير موجوده لديكم... ندعو الله عز وجل ان ياخذ العقل والروية الصدق للجميع على الاقل ليقنعو انفسهم ...