جريدة الجرائد

هل بدأ العد العكسي لانهيار النظام الإيراني؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نديم قطيش

لم تعد الشجاعة في مواجهة إيران والتصدي لسياساتها تقاس بما يصدر خارج إيران من مواقف وقرارات فقط. ثمة دول بالطبع قررت أن تتصدى مباشرة لتحديات الأمن القومي التي تشكلها سياسات إيران في المنطقة وأبعد، كالسعودية والإمارات والبحرين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وفي اليمن تتحلق حول قوى الشرعية نخب وأحزاب وتكتلات أهلية وقبلية تواجه إيران ومشروعها، وكذلك في العراق حيث أعاد السيد مقتدى الصدر تشكيل هويته السياسية على نحو مضاد لمشروع الهيمنة الإيرانية على بلاد الرافدين. قد يكون لبنان الأضعف في المواجهة، حيث الذراع الإيرانية أكثر تماسكاً وتجذراً عبر ميليشيا حزب الله، لكن بيروت تقاوم، ولو على طريقتها.

كل هذا مهم. إلا أن الأهم هو التصدي الداخلي للمشروع الإيراني، أو لتبعاته المباشرة على حياة وأمن الإيرانيين ورفاههم... ثمة اصطدام داخلي متنامٍ بين لغو الثورة وثوارها وبين نتائجه البائسة.

بكلمات بسيطة وضعت سحر محرابي، الطالبة الإيرانية، مضبطة اتهام مفصلة لنظام الثورة، وخاطبت المرشد وجهاً لوجه، على نحو غير مسبوق، خلال واحدة من الندوات التي ينظمها «مكتب القائد» في شهر رمضان.

تجاوزت محرابي في كلمتها الطعون الكلاسيكية، كالبطالة والتردي الاقتصادي ومسألة الحريات بمعناها العام. بذكاء ولباقة طرحت، تحت عنوان تعميق الديمقراطية، مسألة الوصاية السياسية للمرشد، وموقعه الإشكالي في النظام الإيراني، من زاوية أن المؤسسات التابعة له غير عرضة للمحاسبة كالحرس الثوري والقضاء وبعض الإعلام الرئيسي في إيران الذي أمعن في لعبة التخوين والتشهير.

خطاب محرابي، نزل كالصاعقة على رأس خامنئي الذي عاد وغرد عبر منصة «تويتر» أنه يتفهم «مشاعر تلك الصبية التي تقول إن الوضع بالغ السوء، ولكنني أختلف معها تماماً».

بين الخطاب والتغريدة فاصل هائل وهوة ثقة لا تردم، وطلاق يزداد شراسة بين قائد الثورة وشعبه. بينهما تلك المسافة التي يتوسع فيها ثقب أسود بات يبتلع كل اللغو الثوري والوعود المستقبلية، والبقية الباقية من ثقة الإيرانيين بالثورة ومستقبلها ومستقبلهم في ظلها.

بينما كانت محرابي تلقي خطابها في حضور المرشد، كان سائقو الشاحنات الإيرانيون، يمضون في إضرابهم المستمر حتى اليوم، من دون تغطية إعلامية إلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، احتجاجاً على ارتفاع أكلاف أعمالهم من أسعار الوقود إلى غلاء بوالص التأمين وتضخم أسعار قطع الغيار وأجرة الطرق الخاضعة لبدل، وهو التعبير الأحدث عن تردي الوضع الاقتصادي العام في البلاد. فالعملة الوطنية الإيرانية تعاني من خسارة مستمرة في قيمتها بلغت نحو 60 في المائة، من دون وجود أي حلول نقدية في أفق هذه الأزمة، فيما أرخى انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي بثقله على عموم النشاط الاقتصادي في إيران، في ضوء انسحاب كبريات الشركات الأجنبية كعملاق الشحن ميرسك بالإضافة إلى تحضير شركات أخرى للانسحاب أبرزها توتال الفرنسية.

وقد باتت مسألة هروب رؤوس الأموال من إيران موضوعاً يناقش علناً في البرلمان الإيراني من زاوية التحذير من مخاطر المؤشرات السلبية للاقتصاد والمرشحة لأن تزداد سوءاً. فبحسب النائب محمد رضا بور إبراهيمي، رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان الإيراني، هرب من إيران نحو 30 مليار دولار، في الأشهر الأخيرة من السنة الإيرانية المنتهية في 20 مارس (آذار) الماضي.

لا شك أن الأسباب الكامنة وراء التردي الاقتصادي الإيراني معقدة، ويختلط فيها السياسي بالبيئي بالعقوبات وبأسباب تتصل بواقع الاقتصاد العالمي.

إلا أن المواطن الإيراني الذي تزداد معاناته لا يملك رفاهية الفهم المركب لسوء حاله وأسبابها، وسيلقي باللائمة على ما تراه عينه المجردة، وأول ذلك الأكلاف الهائلة التي يرتبها المشروع السياسي والعسكري الإيراني خارج إيران، معطوفاً على شراسة المعارك السياسية بين أجنحة النظام والتي تتبادل فيما بينها اتهامات تستنزف سمعة نظام الثورة من المرشد نزولاً. فليس بسيطاً أن يتهم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد المرشد بسرقة أكثر من مائة مليار دولار من المال العام أو أن يتهم قادة الحرس رئيس البلاد الحالي حسن روحاني بالعمالة، أو أن يرد روحاني بالتصويب على الدور الاقتصادي المافيوي للحرس. في الديمقراطيات تطوى صفحات كهذه بالتحقيق الجاد وعبر المؤسسات والمحاسبة والتغيير. أما في نظام الثورة الإيرانية الجامد، فتطوى سمعة النظام نفسه وهيبته وقدرته على كسب ثقة الناس.

المواطن الإيراني هو سحر محرابي وصرختها. وهو النشطاء الإلكترونيون الذين اخترقوا شاشات مطار مشهد قبل أيام ووضعوا عليها شعارات داعمة للعمال المضربين ومنتقدة لمقدرات إيران المهدورة في لبنان وغزة واليمن... ومشهد هي المدينة التي شهدت أعنف المظاهرات نهاية العام الفائت وأوسعها منذ إخماد الحركة الخضراء عام 2009.

ثمة شيء يتداعى في إيران. في الثقة بالغد، في قدرة النظام نفسه على الاستمرار، ولم يعد خافياً. في السابع من مايو (أيار) افتتحت مراسلة «الفايننشال تايمز» نجمة بزرغ مهر تقريرها من طهران بسؤال «هل بدأ العد العكسي لانهيار النظام الإيراني؟».
سحر محرابي لن تنتظر طويلاً لتتأكد من الجواب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل اقتربت نهاية الملالي
عادل محمد - البحرين -

أقدم للقراء الكرام ملخص موضوعي "هل اقتربت نهاية عصابة ولاية الفقيه؟" النشور في 11 أغسطس 2017 ذو صلة بالمقال: "إذا أراد الله زوال النملة انبت لها جناحين" هذا القول ينطبق على عصابة ولاية الفقيه الإرهابية التي أصابت بالغرور وتضخيم الذات، وتمارس السلب والنهب والإرهاب والقمع في إيران، وتهدر مليارات الدولارات من ثروة الشعب الإيراني المغدور، من أجل التدخلات في الدول المجاورة، وتصرف مليارات الدولارات على مرتزقة وعملائها للقيام بالأعمال الإرهابية وزعزعة أمن الدول المجاورة، من أجل تغيير أنظمتها وبسط سيطرتها على هذه الدول، حتى تكمل الهلال الشيعي الكاذب وتصبح دولة عظمى على غرار الامبراطورية العثمانية البائدة!... مصادر الحكومة الأفغانية: مقتل أربع كوماندوز من الحرس الثوري الإرهابي الذين كانوا يحاربون في صفوف عصابة طالبان الإجرامية... مع غطرسة عصابة ولاية الفقيه الإرهابية وتدخلاتها السافرة في المنطقة هل تبدأ أميركا بحملة عسكرية صغيرة ضد هذه العصابة البربرية والاجرامية بالتزامن مع انتفاضة الشعب الإيراني للتخلص من نظام ملالي الدكتاتوري الدموي؟... حسب المعارضة الإيرانية المساجد في إيران خالية من المصلين لأن آلاف الإيرانيين ارتدوا عن الإسلام واعتنقوا الزردشتية (دين أجدادهم) أو المسيحية، والكثير من العائلات الإيرانية لا ترغب في التقارب مع الملالي وترفض زواج أبنائها بهم، لأن عصابة ولاية الفقيه الفاسدة والمستبدة جلبت الويل للشعب الإيراني وأحدثت الدمار في المنطقة!... "إيران تراهن على «طالبان» وتدعمها بالتدريب والتمويل والتسليح"... بعيداً عن التناقض المذهبي... وإطاحة واشنطن بحكم الحركة في أفغانستان... نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً لكارلوتا غال يكشف بكثير من التفصيل تطور العلاقات بين السلطات الحاكمة في إيران وحركة طالبان الأفغانية. وتشرح الكاتبة كيف انقلب العداء المستحكم بين نظام الولي الفقيه في طهران والحركة الأصولية المتشددة، التي سيطرت على أفغانستان حتى أطاح بها التدخل الأميركي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، إلى تعاون على مستويات التدريب والتمويل والتسليح. ويظهر في سياق الشرح كيف أن «سيناريو» أفغانستان يشبه ما حدث في العراق بعد 2003، عندما لم تعارض طهران الغزو الأميركي، لكنها أخذت تسعى لاستنزاف القوات الأميركية وا