جريدة الجرائد

طريق النحل بين الحب والفناء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

كلنا يعرف أغنية فيروز &"طريق النحل&"، وكلنا نذكر كلمات مطلعها العذبة: &"انتو وأنا ياما نبقى/ نوقف على حدود السهل/ وعلى خط السما الزرقا / مرسومة طريق النحل/ أنا ومتكية ع بابي مرقت نحلة بكير/ غلّت بزهور الغابة وصارت تعمل مشاوير/ وتعن العنين حزين ومش حزين/ وبسكوت الضهرية تكسّر الحنين&"، وتلح فيروز على الحبيب الهاجر: &"إذا راح تهجرني حبيبي/ وراح تنساني حبيبي/ ظل تذكرني وتذكر طريق النحل&".

قدّمت فيروز &"طريق النحل&"، من تأليف وتلحين الأخوين رحباني، للمرة الأولى في سياق المسرحية الغنائية &"ناطورة المفاتيح&" عام 1972، ثم قامت بأدائها منفردة في حفلات عدّة، وتحملنا كلمات الأغنية على السؤال عن المقصود بطريق النحل، الذي تحثّ فيروز الحبيب على عدم نسيانه؟.

الباحث الموسيقي السوري جمال عوّاد، قال في محاضرة تناولت الأغنية: إن طريق النحل &"كالحبل السري الذي يربط النحلة بحبها السرمدي الأول، قفيرها أو الوطن، الذي دائماً ما ترجع إليه من دون أن تضل طريقها مهما ابتعدت&"، ويرى عواد أن أغنية فيروز لم تكتف برسم &"مشهد انطلاق النحلة في الصباح الباكر، الذي قامت به نقرات البيانو، بل هيأت لمنولوج، أوحى بحالة الوحدة التي عبّرت عنها صاحبة الأغنية&"، مبيناً أن الأغنية &"تبدأ بمونولوج داخلي يصف الحالة المكانية والزمانية، لمشهد انتقال النحلة بين زهور الغابة&"، ليخلص إلى أن الأخوين رحباني يربطان &"مفهوم الحب بما هو قانون كوني، فلا يشمل فقط العلاقات الإنسانية، بل يمتد إلى عناصر الكون برمته ويسيِّره&".

لعلّ هذه الخلاصة بالذات تقودنا إلى التوقع المفزع، الذي أعاد فيه العلماء إلى دائرة الضوء تحذيراً أطلقه، في حينه، العالم الشهير ألبرت أينشتاين، وفحواه أنه إذا اختفى النحل من الأرض، فستكون نهاية العالم، ومع أننا لم نبلغ بعد مرحلة الاختفاء النهائي للنحل، لكن الشواهد على ذلك قد بدأت بالفعل، ما جعل القلق يستشري في أوساط العلماء، الذين يؤكدون أن مستعمرات النحل تشهد انخفاضاً متواصلاً منذ أكثر من نصف قرن، لكن وتيرة هذا &"الانقراض&"، تسارعت في السنوات القليلة الماضية، ويحذّر المتخصصون من أن النحل سيختفي إلى الأبد بحلول عام 2035، إذا لم تتخذ إجراءات تُغيّر الوضع القائم بطريقة جذرية.

سيكون اختفاء النحل، الذي يعود وجوده على الأرض إلى أكثر من 100 مليون عام، بمثابة كارثة بيئية على الكوكب بأسره، فهو لا يعطي العسل فحسب، وإنما يقوم بتلقيح ثلاثة أرباع جميع المحاصيل، ومن دون النحل لن يجد البشر ما يأكلونه أو ما يطعمون به ماشيتهم، وسيكون الجوع مصيرهم، إن لم يعيدوا النحل إلى طريق الحب لا الفناء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف