فضاء الرأي

حكومة ٢٨ يناير ١٩٦٢ الاردنية : مثالا

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بعد خمس وخمسين عاما ، من شهر يناير ، من حكومة قوية صاحبة قرار وولاية  عام ١٩٦٢ نجد ان منصب رئيس مجلس الوزراء الحالي في الاردن  عام ٢٠١٧ تبخرت صلاحياته و  تلاشت و لا يتحكم في اي شيء ، و لا تخضع سياسة البلد وامنة واقتصاده و ادارتها الى مشاروارت مجلسه و امرهم ونهيهم قبولا و اعتراضا ، حتي تسمية الوزراء و اختيار الاكفء او الاسوء و تنحية الغير جيد او الجيد ومحاسبة الفاسد ووضعه امام القضاء وايضا اصلاح هفوات وزرآئه ليست من صلاحياته ، او امكاناته المتاحة .

ان رئيس  مجلس الوزراء الاردني بتنازله عن الولاية العامة و تنازله عن ان يكون الرئيس الفعلي و الرسمي لمجلس الوزراء تحول الي “شبه رئيس  في شبه حكومة “ ، ( بكيفه لتولي المنصب او مرغما عن انفه للبقاء في المنصب ) . هذا التحول  جريمة يرتكبها و ارتكبها رئيس مجلس الوزراء و كل من وافقه عليها بحق الشعب و الدستور ولا بد ان يحاسب عليها الجميع ، بل و الافضل للدولة الاردنية في حالة استمرارية تنازله عن الولاية العامة ، دون اي اعتراض من مجلس الامة ، و عدم قيامه بالواجبات المنوطة به كاملا ان يرحل عن المسرح السياسي، و أن ينسحب بهدؤ ليقوم الاكفأ و الاكرم عطاءا للوطن ليحل مكانه و يعيد للدولة قيمتها و مكانتها و دستورها. 

عند الحديث عن “اصلاحات سياسية “ لابد من اعادة الهيبة و الصلاحية الي منصب رئيس مجلس الوزراء ، واكرر “مجلس الوزراء لا رئيس الوزراء” ، و اخضاع منظومة ادارة الدولة بأكملها الى المراقبة والتقييم المستمر لتقديم افضل خدمة للشعب الاردني المظلوم الذي عانى الكثير ، حتى حسب ان الهواء الذي يتنفسه المواطن ، بعد كل هذا الظلم و التراخي و التنازلات من بعض الحكومات المتعاقبة  و بعض من مجالس برلمانية علي “مسطرة الحكومة و قسطرتها “ ، يدفع المواطن الاردني الصبور ثمنه بمديونية وصلت سبعة و ثلاثين مليارا و العداد يحسب و يضيف بالدقيقة.

عند الحديث عن دولة ديمقراطية لابد من بوادر و ظواهر علي الاقل منها مثلا ان يعلن رئيس مجلس الوزراء عن أسماء الوزارات و الهيئات و المؤسسات والمنظمات الحكومية التي تدخل ضمن مجال اختصاص ومهام رئيس مجلس الوزراء الاردني و تلك خارج السيطرة. و أن يعلن صراحة لمن هو يتبع ، و من يقرر له سياساته غير الملك حاكم البلاد الفعلي ؟

و اقصد ان هناك من يعتقد ، بل من يؤكد ان وزارة الخارجية ، وزارة الداخلية ، وزارة الدفاع ، وزارات اسمية وهمية لا صلاحية لرئيس الحكومة عليها و لا دخل له فيها و لا حتي لوزرائها صلاحية مطلقة حسب الدستور  ، و يسمع رئيس مجلس الوزراء  عن تحركاتها مثل اي مواطن يشاهد تصريحات الوزارات عبر شاشات التلفاز ، و اغلبها غير صحيح ، منها “ العلاقات بين البلدين عميقة ، تناشقنا فيما يهم الوطن ، لا صحة لما قيل ، التعاون بين بلدينا علي اعلي المستويات ، التنسيق قآئم  “و غيرها من مصطلحات جوفاء لا تعبر عن الواقع و لا عن دور مجلس الوزراء و لا تلبي طموحات الشعب.

فقط مطلوب من رئيس مجلس الوزراء ، الغائب عن اجتماعات مختلفه منها ما هو في الديوان الملكي مع روؤساء وزراء سابقين و اخري في رحلات و زيارات خارجية مثل روسيا ، توقيع القرارات دون الادارة السياسية الحقيقية و المركزية ، و علي  بقية الوزراء اتباع تعليمات من ابواب عليا اخري. هنا يجب اعادة النظر في المهام و الواجبات و المسؤوليات المناطة برئيس مجلس الوزراء.

في حرب الخليج مثلا ، عندما اتصل السفير الامريكي برئيس الوزراء الذي يتابع الحرب من شاشاة فضائية الجزيرة و هو يحتسي القهوة برفقة وزير التربية و التعليم العالي ، جاء الامر الامريكي المباشر بالهاتف :”عليكم اخلاء قاعدة الازرق للطائرات الامريكية فورا “ فكان الرد الذي يوارد عقل الرئيس يشبه :” و ما دخلي انا هذا قرار سيادي ليس في يدي  “،  و كانت تعليمات السفير الامريكي :” الطائرات الحربية الامريكية اقلعت من قاعدة بريطانية و ستصل الي الاردن خلال اربع ساعات عليك استعمال صلاحياتك ، احدثك حسب البروتوكول باعتبارك وزير الدفاع ، انقل المعلومات لمن تشاء المهم تنفيذ الامر “. هنا تذكر الرئيس انه وزير دفاع للاول مرة حيث ان الوزارة و المنصب شكلي.، و لا يحق له ان يقبل او يرفض او يقرر ، فقد كانت امريكا مثل “ الثور الهائج”.

تاريخيا ، كان رئيس الوزراء الاردني مغايرا و مختلفا ، و علي سبيل المثال المرحوم وصفي التل ، في  حكومته الأولى في 28 يناير ,1962 يرآس مجلس وزراء مصغر دائم و يتخذ قرارات تتعلق بحكومته لا يمليها عليه احد ، و هناك قرارات اختلف بها مع  الراحل الملك الحسين في موقف رجولي أسس لدور و منصب رئيس الوزراء “الحريص غير الخانع “ ، و هذا المجلس المصغر كان يضم وزير الخارجية ، وزير الداخلية ، وزير الدفاع ، ووزير الاقتصاد و المالية .

كان الرئيس الرسمي لمجلس الوزراء ، المرحوم وصفي التل يترك بقية الوزارات و ادارتها و ادارة مجلسها الي نواب رئيس الحكومة و يتراس مجلس مصغر . ( من مذكرات الوزير الراحل جمال الشاعر الذي كتب “سياسي يتذكَّر” و”50 عاماً في حزب البعث”)، انتهي الاقتباس . تلك الوزارات خرجت من يد رئيس مجلس الوزراء الحالي و لا داعي للتدليل او الشهادة ، فالواقع يثبت ذلك.

وحيث ان وزارات الاقتصاد و المالية الاردنية تتبع تعليمات وزارة النقد الدولي ، فماذا تبقي لرئيس الحكومة الاردنية سوي انه موظف كبير بدرجة رئيس وزراء و راتب في حدود اربعة الاف و خمسمآئة  دينار اردني غير النعم الاخري و التي تآتي بالتبعية؟

للاسف فأن البعض يري الاصلاح السياسي هو في الخصخصة و بيع ممتلكات الدولة الحل الانجع و الاسرع المؤقت للتخلص من جزء من المدينوية ، و هناك من يري أن رئيس الحكومة هو صورة مسرحية امام مجلس النواب يكتب له و يعهد اليه و يرسم له من قبل” بهلوان اكروباتيك ” ، ويفرض عليه كل شيء بينما ينعم هو بالراتب و لقب “باشا” و رئيس الوزراء الاكرم الي ان تهبط طائرته في مجلس الاعيان عضوا.

بهذا الواقع  الاليم لرئيس وزراء منزوع الدسم تنازل عن الولاية العامة ، لقد اختار رئيس الحكومة و قبل ان يكون : “رئيس وزراء علي مجلس من حاله و نفسه و ثلاثة من اصدقائه “. ترنيب بستوني اسود يحتاج الي يد رباعية.

رحمة الله علي الرئيس الرسمي وصفي التل صاحب القرار و الذي كان يحمل الاوراق كلها في يده  فتألق رئيسا ، اليك هو مثالا.

aftoukan@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التنفيذي المبدع
أردني رافع الراس -

يا دكتور طوقان القيادة علم تدرسه الجامعات لطاب الإدارة ومن أهم صفات القائد أن يكون مبدعا ويترك بصمات على مؤسسته ويعنى بالتطوير وخلق ثقافة الابتكار، فأين تجد قائدا بهذه الصفات في العالم العربي، إنهم لا يعدون على أصابع اليد الواحدة، ولو أنك كنت رئيس وزارة، صدقني ستعيد نفس التاريخ، وقد تحاول وتبذل جهدا، لكنك ستصطدم بعوائق شتى منها تنظيمية بيروقراطية ومنها ثقافية، وإن شاء الله يعطيك هذه الفرصة لنرى كيف تكون القيادة الفعالة.