الحب سر الله في الانسان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نزار جاف
إذا کان لکل شئ من تعريف، فإن الحب لوحده غني عن التعريف، ذلك ان الانسان ومنذ تلاعبه و عبثه بالکلمات، سافر بل طار في فيافي و بحور الاوصاف و التشبيهات و التضمينات بحثا عن مفردات تجعل من الحب أيقونة مرئية للجميع، وکان کل مرة وعند کل أيقونة يجسدها، يطير قلبه فرحا ظنا منه انها ضالته، ولکنه سرعان ماکان يعود القهقري و يبدأ من جديد.
تعال وألق برأسك هنيهة على فخذي کي أبکي على وردة و على قلب خسرته
هکذا وصف الشاعر عبدالله کوران حال الحبيبة التي کانت تتغنج على حبيبها وطالبه بأن يأتي لها بباقة ورود من قصر الملك، فجاء لها بالباقة و سهم قد مزق شغاف قلبه ففارق الحياة على فخذها و مطر دموعها يغسل وجهه بتٶدة.
لست أبحث عن تعريف عن الحب رغم إنني أطمح لو حظيت بذلك الشرف الکبير يوما، لکنني أرغب بين کل فترة و أخرى في أن أسبر أغواره و أمضي في دياجيه بعيدا عن هذا العالم الکئيب الغارق في کل أنواع الظلام و الکذب و الضياع، ولاأدري لماذا أجد نفسي دائما مع ذلك المقطع الغريب من فلم"روفائيل الفاسق"، عندما وجد روفائيل أن الاميرة الفرنسية قد أحبته من أعماقها ولما کان مجرد زير نساء و يرغب في التنقل کالفراشة من حضن هذه المرأة لأخرى، فقد صمم على الهروب منها، وهذا أيضا مصداق على إعتراف ضمني منه بطهارة حبه لها، وکان يرتاد المواخير ليحظى کل يوم ببائعة هوى مختلفة عن الاخرى، لکن الاميرة التي طار صوابها في حبه ظلت تراقبه عن کثب حتى علمت بأنه يرتاد المواخير، فذهبت الى إحدى المواخير التي يرتادها روفائيل بشکل مستمر وهناك لبست و تهندمت و تزينت کبائعات الهوى، وعندما أطل روفائيل هرعت إليه صاحبة الماخور التي لم تکن تعلم شيئا عن أصل الاميرة و علاقتها بروفائيل، وهتفت به جذلى: هناك غانية فائقة الحسن بإنتظارك! ولما دخل روفائيل مسرعا الى غرفتها و نيران الشهوة تستبد به، فقد کانت المفاجأة التي صعقته و هزته من الاعماق عندما أبصر الاميرة في هيئة مومس، فصاح بها جزعا؛ لماذا فعلت ذلك؟ فأجابته تلك الاجابة التي لن أنساها أبدا، والتي تتضمن أعمق و أروع المعاني الانسانية بين کلماتها، حين قالت: أنا أحب کل شئ أنت تحبه، وطالما تعشق الغواني فإني سأصبح إکراما لك مجرد غانية!
النظر بعين المعشوق و السماع بأذنه و الذوبان في عوالمه و أجواءه، هذا هو من أحوال و أهوال الحب وأنت لازلت لم تطأ بقدميك بعد عتبات بواباته، فکيف الحال إدا ماتجاوز العتبة و تخطيتها؟ وقد يکون ماقد قاله المتنبي وصف بديع لذلك:
وقل لقتيل الحب وفيت حقه
وللمدعي: هيهات ما الکحل الکحل
تبا لقومي، إذا رأوني متيما
وقالوا: بمن هذا الفتى مسه الخبل.
بل وان الشاعرة الايرانية الرقيقة"فروغ فرخزاد"، تضع شرطا لمن يريد أن يطأ بوابات الحب، عندما تقول:
ليت القلوب کانت من النقاء
بحيث عند قول"أحبك" لاتحتاج للقسم
الحقيقة أن القسم هو من أجل درء الشك و الظن، لأن أروع و أقوى و أسمى و أعمق حالات الحب هي تلك التي يکون کلمة"أحبك"، جواز مرور ليس الى القلب وانما الى أعماق الروح، فعندما يطأ العاشق عتبة بوابات الحب، ويرى معشوقته فإنه يخالجه فورا إحساس فريد من نوعه، إذ يشعر بالفرق الشاسع بين وحدته و وحشته قبل لقياها و وحدته و وحشته عندما تغيب عنه وهذا هو الضياع و الذوبان في الحب!
هذا الحب، نجده أيضا عند عنترة أبن شداد الذي يخلط بين عالمين متناقضين تماما ليصل الى القناعة المثلى بأن الحب هو الاصل و الاساس الانساني عندما يقول:
ولقد ذکرتك و الرماح نواهل مني
وبيض الهند تقطر من دمي
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت کبارق ثغرك المتبسم
فما بين الموت و الميلاد حيث يقف عنترة، ينتزع من وسائل و أدوات الموت عدته للعودة الى عوالم الميلاد حيث عبلة التي تجلس بخيلاء في عرش قلبه و روحه و عقله.
الشاعر الکردي أحمد مختار جاف، يمضي بعيدا کمن تعدى العتبة بخطوات عندما يقول:
لو حظيت يوما بالتسول أمام دارها
أقسم أن لاأبدله بعرش و تاج السلطان
أمام دارها فقط، وليس أمامها، أوليس الناس يذهبون لأضرحة و بيوت و مقامات القديسين، فالمعشوقة عند هذا الشاعر في مصاف القديسين و الاولياء الصالحين!
الحب، ذلك الذي وصفه الکبير الخالد جبران خليل جبران قائلا: لاتقل إن الله في قلب العاشقين بل قل إن العاشقين في قلب الله. وقد صدق، فالله هو الحب وأي حب، الحب الذي ليس بعده حب، حب تبحث عنه دونما کلل أم ملل فتکتشفه و يکتشفك لکنك تجد نفسك وانت في أغواره بأنك لازلت بعيدا عنه فتعدو و تعدو ولکن لاتسبق ظلك کما يقول أبراهيم ناجي بل تسبق جسدك فمن يعدو هو ذلك القبس و الشعاع الذي أودعه الله في أعماق کل إنسان و جعله يعيش ليبحث عن نفسه في نفسه فهل هذا هو الحب أم إنني أخطأت مرة أخرى؟!
التعليقات
دمويين
القس ورقة بن نوفل -وهذا السر يفتقره معظم المسلمين لانهم دمويين لا يوجد في هذا الدين غير القتل والذبح وايات القران خير دليل على ما لقول فهو يحضهم على قتل وذبح المخالف لهم بالدين لانهم لايعترفون بالديانات الأخرى والإسلام هو الوحيد المقبول عند الله حسب اعتقادهم الخاطىء
جميل جدا
najran marhoum -جميلة جدا المقاله استاذ الجاف كنت اتمنى ان تكون اطول وتظل تكتب عن الحب فهو اجمل شئ في هذا العالم الواسع الذي به اختلط الطيب والشرير الحب والكراهية وكل المتناقضات الموجوده حولنا .مقالتك رائعة جدا اشكركnajran marhoun
اتفرج على الدين اللي بيشر
محبة وتسامح وسلام يا عيني -تقول الشاعرة الهندية كريستو في قصيدة لها:حدثيني يا جدتي العجوز أن كل من شاورتهنمن بنات جنسنا يخفن أن يكن هندياتلأن رجلا أبيض اغتصبهنأو قتل اخاهنأو طاردهن في الطرقاتأو أهانهن، أو فعل كل هذه الموبقات بهنهذا خبزنا، خبز البغضاءنأكله منذ مجيء الانسان الأبيض كل يومحتى أنا صرت أكره في بعض الأحيان أن أكون هندية!وترى باحثة أمريكية ان الانجليز الذين احتلوا امريكا كان لديهم هوس بأكل لحوم الهنود. فعندما كانوا يجوعون كانوا يلجأون الى تصفية كل هندي يصادفونه في طريقهم ويأكلون لحمه.ويقول الباحث ان الغزاة المسيحيين قضوا على أكثر من ٤٠٠ أمة وشعب كانوا يعيشون قبل الغزو المسيحي في ما يُعرف اليوم بالولايات المتحدة الامريكية. لقد "اختزلوهم" الى ربع مليون كنعاني حكم عليهم شعب الله بالفناء أو بالعبودية. وعندما وضع الهنود اسلحتهم واستسلموا لمخدرات اتفاقيات السلام، كانت وجهة نظر المستوطنين البيض هي التالية: "لقد انقضى عهد الحرب مع الهنود. ما نحتاج اليه اليوم هو جيش مسيحي من المعلمين. هذا هو الجيش الذي سيربح الحرب. اننا سنقضي على البربرية، ولكننا سنفعل ذلك بالقضاء عليهم بربرياً بعد بربري. سنغزو عقل كل فرد منهم، كل ذكر، وكل انثى، وكل طفل، وسنعلمهم الحضارة. سنقهر الهنود ونسحق هنديتهم بجيش من المعلمين المسلحين بالأفكار، ونحقق انتصاراتنا بالتدريب الصناعي وبإنجيل المحبة وإنجيل العمل".في خمسينيات القرن الماضي بدأت جامعة كاليفورنيا في بيركلي بإجراء ابحاث حول الهنود الحمر خلصت منها الى ان عدد سكان أمريكا زمن كريستوف كولمبس كان يزيد على مئة مليون. وقد قدر بعض الباحثين ان العدد كان في حدود ١١٢ مليوناً بينهم ١٨ مليون ونصف المليون في اراضي ما يُعرف اليوم بالولايات المتحدة الامريكية (لم يبق منهم في نهاية القرن الماضي سوى ربع مليون). وبمقارنة سريعة مع نسبة الزيادة السكانية التي طرأت على الجزيرة البريطانية بين ايام كولمبوس (٤ ملايين) واليوم (٥٨ مليونا) فان عدد السكان الاصليين في حدود ما يُعرف اليوم بالولايات المتحدة كان يجب أن لا يقل اليوم عن ٢٧٠ مليون انسان لو لم يتعرضوا للإبادة. ويقول الباحث ان تاريخ المنتصرين يصفهم "بالقبائل" وليس بالأمم والشعوب. في حين أن معظم المصادر الأولى تتحدث عن أمم أو شعوب هندية وليس عن قبائل. في عام ١٨٢٨ سافر عالم الاحياء الفرنسي جان لوي بر
الله محبة
باسم -"ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة."انجيل يوحنا الاصحاح ٤ الاية ٨.
اتفرج على المحبة المدعاة
اول حديقة بشرية -يُسجل التاريخ ظهور أوّل حديقة حيوان بشرية، في إيطاليًا، وكان ذلك في القرن السادس عشر، حيث أسست أسرة ميديشي الأوروبية العريقة واحدةً من أكبر حدائق الحيوان الأوروبية آنذاك. وخصصتها لعرض الحيوانات الغريبة، بالإضافة إلى أكثر مجموعات بشرية من أكثر من عشرين عرقية مُختلفة، بينها التتارية والهندية، فضلًا عن الإفريقية. يُشار إلى أنّ تلك الحقبة الزمنية، عُرفت بعصر النهضة الأوروبي، الذي اعتبرت تلك الحديقة واحدة من مظاهره! انتشرت تلك الحدائق في الأمريكتين بُعيد استيطان الأوروبيين فيهما. وكانت أقرب إلى كونها معارض متنقلة تعرض إلى جانب الحيوانات، البشر المُلوّنين، والأقزام، والمصابين بالبرص أو التوائم السيامية (المُلتصقة). وبدايةً من مُنتصف القرن التاسع عشر، كانت ذُروة انتشار تلك الحدائق بشكل أكثر تأسيس، حيث شهدت أوروبا الكثير منها، ما زالت آثارها باقية إلى الآن. أوتا بينجا، أو “الصديق” بلغة قبائل مبوتي التي تقطن أدغال الكونجو. أوتا بينجا هو واحد من أفراد هذه القبائل الذين هُم جميعًا من الأقزام. يُرجّح أن أوتا بينجا قد وُلد عام 1883، في قريةٍ صغيرة على ضفاف نهر كاساي. عاش مع قبيلته كفرد عادي؛ تزوّج وأنجب ولدين، قبل أن تتحوّل حياته تمامًا. ما حدث هو أنّ تاجرًا أمريكيًّا يُدعى صمويل فيليبس فيرنر، كان قد تعاقد مع معرض الأعراق بمدينة سانت لويس الأمريكية، على أنّ يمدّهم بمجموعة من الأقزام ليتم عرضهم في ذلك المعرض. وتصادف أن زيارة فيرنر للكونغو أتت مُتزامنة مع حملة عسكرية بلجيكية على قبائل الأدغال، إذ كانت الكونغو واقعة تحت الاستعمار البلجيكي. طالت إحدى تلك الحملات أوتا بينجا، واقتادته أسيرًا، قبل أن يشتريه فيرنر بدوره. نُقل أوتا بينجا إلى مَعرض سانت لويز عام 1904، ونال دون غيره، شُهرةً واسعة، إذ كرّس المعرض له باعتباره أقرب حلقة انتقالية بين القرود والإنسان وفقًا لنظرية التطوّر. لذا كان يتم وضعه دائمًا برفقة حيوانات الشمبانزي.بعد ذلك بعامين، نُقل بينجا مرّة أخرى، هذه المرّة إلى حديقة الحيوان في برونكس بنيويورك. وقد كانت من عادات قبيلته، نحت أسنان الفرد فيها على هيئة مُدببة. هذا الشكل للأسنان، جعل إدارة حديقة برونكس تُروّج لبينجا باعتباره من شعوب بدائية آكلةٍ للحوم البشرحرفيًّا كان يُعرض بينجا كحيوان. ليس وحده، إنما هو وغيره من البشر الذين اُقتيدوا قسرًا لحدائق الحيوان ليعرضوا بالجوار