فضاء الرأي

الزيف العميق… آخر اوساخ العالم الرقمي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يُتحفنا العالم الرقمي في كل فترة بنتاجات جديدة تجسد في مظهرها جانبا وتجليا واضحا لإرهاصات عصرنا الحالي الذي تشهد حركته ايقاعا متسارعا يصعب احيانا اللحاق به واستيعاب جزئياته.

وفي خضم الحديث الصاخب حول الاخبار المزيفة في مواقع التواصل وتداعياتها التي أرقت اصحاب هذه الشبكات وطعنت مصداقيتها بالصميم، جاءت التسجيلات الفيديوية الاباحية المزيفة، لتنافس الاخبار الكاذبة في مستويات التضليل والاساءة التي تقوم بها، بل وتتفوق عليها.

التقنية الجديدة التي تسمىDeepfake    تعتمد على الذكاء الاصطناعي، حيث يتم فيها نمذجة الوجه باستخدام عشرات الصور للشخص المستهدف ومن ثم يتم تطبيقها على وجه اخر ليكون بديل له، وبذلك يتم التلاعب في المقاطع التسجيلية للافلام الاباحية ووضع راس الشخص المستهدف بدلا من رأس بعض الممثلين في هذه الافلام .

‫عملية تزييف الصور ليست بالشيء الجديد ، ولا هي مظهر من مظاهر العصر التكنولوجي المتعددة الاشكال ، بل هي عملية قديمة كانت تستخدم من اجل التشويه والتضليل والاساءة لسمعة الشخص المستهدف، لكنها كانت صعبة ومعقدة ولايستطيع ان يقوم بها الا المختص، بل تتطلب، ونحن نتحدث الان عن الفيديو ، تكلفة باهظة ووقتا طويلا جدا من اجل اتمامها والتي تكون في نهاية العمل غير محترفة بل ومكشوفة ولايمكن ان تخدع الا قلة نادرة وتحتاج ٤٠ ساعة عمل لاجل فيديو صغير جدا.

اما في هذا العصر، وعلى نحو الدقة خلال الاسابيع الماضية، وبالاستعانة بالتقنيات الحديثة، والبرمجيات وعمليات المونتاج المحترفة ، فقد اصبح التزييف الفيديوي سهل، ‫ويحتاج لخطوات بسيطة أهمها جمع عدد من الصور المختلفة للشخص المستهدف، وهي التي تتوفر الان بكثافة بالصفحات الشخصية للمستخدمين في مواقع التواصل، ثم بعد ذلك يتم اختيار  اي فيلم إباحي، وفي النهاية يتولى الكومبيوتر الخطوات عبر برامج معينة.

وبحسب الكاتب ديف لي ، وهو محرر التكنولوجيا في البي بي سي، فان أحد التقنيات التي يتم استخدامها  في عملية صناعة هذه التسجيلات قد تم تحميلها مئة ألف مرة منذ ان اتيحت للجمهور قبل عدة اسابيع.

ويبدو ان هذه التقنية في تقدم وتطور مستمر ، فهناك تحسينات تجري لجعل حركات مقلة العين الزائفة اكثر اتساق مع الحركات الذي تقوم بها الشخصيات التي تؤدي أدوارا في الفيلم، بل ان التقارير تؤكد  ان الامر قد اصبح اكثر يسرا وشيوعا، وأصبح الأمر في شهر كانون الثاني سلسا جدا خصوصا بعد ان تم طرح تطبيق "فاك آب"، الذي يساهم في التلاعب بالفيديوات بصورة آلية سهلة.‫

ومن الممكن ان تقع اي شخصية ضحية للزيف العميق بشرط ان تتوفر عنها عشرات الصور وباوضاع مختلفة ، وقد اشارت التقارير الى ان الممثلات هن الصنف الاكثر تعرضا لهذه التقنية الجديدة كما حدث مع المطربة الكورية سولهايون والممثلتين أيما واتسون ونتالي بورتمان، وقد انتج المسؤولون عن هكذا فيديوات تسجيلات لميشيل أوباما وإيفانكا ترامب وكيت ميدلتون، كما تحدث عن ذلك تفصيليا تقرير البي بي سي.

وبسبب الانتهاك الواضح لمقاطع التزييف العميق لقواعد كل المواقع والمنتديات ومنصات التواصل، قامت تلك المواقع بمنع نشر هذا النوع من الفيديوات على منصاتها ،حيث حظر تويتر هذا المقاطع من النشر في موقعه “ لأنها تستخدم ملامح أشخاص دون موافقة أصحابها   بالرغم من ان هذا الموقع يقبل نشر المقاطع الجنسية الاباحية، كما قام موقع ريدت لنشر الروابط وموقع جفيكات، لاستضافة المقاطع الفيديوية، وموقع المحادثات ديسكورد، بحسب التقارير ، بمنع نشر هذه الفيديوات ايضا‪ ، وقد اضطر موقع بورن هاب الشهير للمواقع الاباحية الى حذف جميع هذه الفيديوات من موقعه بعد ان كان يقبل نشرها فيه.

انني شخصيا احذر المستخدم من هكذا تقنية ، واراهن على ذكاءه وفطنته التي ارجو ان تكون متقدة وواعية لمثل هكذا نوع من التقنيات التي تعمل على تزييف الواقع بعمق وعلى نحو مخزي ، خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية والتي تستخدم فيها بعض الحملات الانتخابية  التابعة للأحزاب كل الأدوات الخبيثة والوسائل المنحطة من اجل الاطاحة بالاحزاب الأخرى المنافسة لها.

ولذا تساءلت وانا اكتب هذا المقال :

ماذا لو استخدمت هذه التقنية في الانتخابات العراقية من قبل بعض النفوس المريضة التي تعمل عند بعض الاحزاب او الشخصيات العراقية ؟

وكم شخصا سيصدقها ، ويبني عليها مواقف معينة تتعلق بالشخص المستهدف ؟

وانى يستطيع الشخص الضحية الدفاع عن نفسه بعد ان ينتشر الفيديو المزيف ؟

أسئلة أتمنى ان تضل في المقالة فقط، وان لاتنتقل الى عالم الواقع حيث السياسة وعالمها يخلو ، في الكثير من فضاءاته، من الاخلاق والقيم .

خبير في مواقع التواصل الاجتماعي

https://twitter.com/alsemawee

 

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الشعب والبرلمان والحكومه
Omar..jordan -

دوله و بناء النظام البرلماني الرئاسي ***** سيدنا محمد عليه السلام لم يهاجر للحبشه .. اضطر للهجره .. فهاجر الى يثرب لا كلاجيء بل كرئيس او امير منتخب لبناء دوله وفق مشروع معلن ودستور يتكامل ورؤيه تشاوريه .. انتخابه عليه السلام ك(قائد وامير لوطن غير وطنه) لم يكن من قبل كل افراد الشعب في يثرب .. فانتخابه ومبايعته تمت من قبل بعض اهل المدينه وابرز وجهائها واعلامها (حيث يقال انه قد سبق المبايعه تحضير وتنسيق مسبق وكان ممن عمل على ذالك السفير مصعب ابن عمير رضي الله عنه وجمعنا الله به) .. اي ان سيدنا محمد عليه السلام وافق ورضي بمبايعته وانتخابه كرئيس من قبل وجهاء واعلام يثرب (برلمان يثرب) .. فهؤلاء كانوا يمثلون اهلها وفق قانون الشرع العشائري لذالك الزمان.. فدخل عليه السلام المدينه باحتفال شعبي شارك فيه الذكور والاناث معا.. وعليه يمكن القول ان النظام السياسي الذي سار عليه سيدنا محمد عليه السلام يتضمن على ان رئيس حكومة الدوله ينتخب من قبل البرلمان .. والبرلمان ينتخب من قبل الشعب .. وبناء على واجب تحمل مسؤوليه القرار وواجب الحفاظ على العهد وبناء على الايه (وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله) والتي تمنح العزم والقرار (بعد الشورى) للحكومه ورئيسها وليس لاغلبية البرلمان.. فمن المنطقي ان نقول انه في حال حصول تصادم مستمر للحكومه مع اغلبية البرلمان فان الواجب حل البرلمان والحكومه ودعوة الشعب لانتخاب برلمان اخر لينتخب هذا بدوره حكومه تستطيع العمل والتعاون معه .. فلا يحق للبرلمان ان يسقط الحكومه بدون اسقاط وحل نفسه.. اما القول بفصل السلطات فهو قول نفاق ودجل وتدليس.. فكل الحكومات الدمقراطيه الغربيه تشارك بالتشريع وسن القوانيين ولها الدور القيادي فيه.. اما السلطه القضائيه فمثلهم كمثل السلطه الامنيه فليس لهم الحق ان يعلوا بصوتهم فوق صوت البرلمان المنتخب من الشعب.. او فوق صوت حكومته .. هذا والله القائل (وامرهم شورى بينهم) اعلم من العمائم والحكواتيه واعلى من اوليائهم ..

الحاجه للاحزاب السياسيه
Omar..jordan -

في الدول متعددة الاعراق تكون الاحزاب والتكتلات السياسيه وسيله سياسيه بحد ذاتها للحفاظ على وحدة الدوله لصالح مجتمعها.. فان لم يوجد بين هذه الاحزاب السياسيه خلافات سياسيه فيتوجب على النخبه خلقها.. اي يجب خلق الاختلاف السياسي للرقي بالانسان عن الغرائزيه الحيوانيه ... لكن اختلاف سياسي بعيدا عن توظيف العمائم والحكواتيه في اللعبه السياسيه لكي لا تتورط الدوله بمشاكل مذهبيه متكلسه ومركبه اصعب من مشاكل العرقيه ..