فضاء الرأي

ما هي أبلغ لغات الكلام؟

عبدالله بن أحمد الغفيص
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قالت العرب من المعضلات توضيح الواضحات. 
إذا إسال نفسك: هل الصمت لغة أم صفة في البشر؟ وما اختلافه عن السكوت. 
نتأمل تحليلات التواصل وما يتعلق بما يلفظه الإنسان بدأ بمخارج الحروف ومرورا بتركيب الكلام ولكن هل تأملنا الصمت. إنه فن من فنون الكلام : من أتقنه نال مراده في أي مكان وزمان. 
فبربك ; هل سبق ندمت\ي على صمتك أم كلامك؟ من بلغ النضج العقلي وعنده الحكمة الكافية من الخبرة، يتكلم صمتا. 
فالأشجار صامتة، ولكنها ليست ميتة أو فارغة. إنها تتمايل مع النسيم عازفة أعذب الألحان.. 
الصمت صوت خفيّ يغمر كيانك... إنه موسيقى أثيريّة تعزفها روحك المطمئنة على القيثارة الأبديّة التي وهبك إياها الله، فتجد اللغة عاجزة عن التعبير عنها.

* الصمت في اللغة
وقيل في لسان العرب لابن منظور : سَكَت الصائت سُكُوتاً : إذا صَمَت. ونستطيع القول بأن المعنى المخصوص للسكوت لا يخرج عن المعنى اللغوي وذكر ابن عابدين في حاشيته بأن : « السكوت ضم الشفتين ، فإن طال سمي صمتاً ». 
وعرفه الدكتورالشرنباصي بأنه : « حالة سلبية غير مصحوبة بلفظ ، أو إشارة ، أو فعل شيء ينبئ عن الإرادة ، ويدل عليها ». وله عدة ألفاظ متصلة فمثلا الصمت هو السكوت المطلق أما الإنصات فهو السكوت للإستماع والإصغاء. فيتضح مما سبق أن الصمت أعمّ من السكوت ، بينما الإنصات هو أخص من السكوت. والصمت لغة كأي لغات العالم، تضاف لرصيد معرفتك.

* الصمت في التربية
عندما يعجز اللسان عن الحديث وتعجز الجوارح عن التعبير فالصمت هو المعبر الوحيد بما يألم هذا الانسان. 
لأنه العلم الأصعب من علم الكلام، ويصعب على الكل تفسيره وهو الأفضل لكل جواب. 
فسكوت الأب عن تصرف لإبنه والمدير عن تصرف ما لموظف والبائع عن همسة ما من الأجير فيها تربية ودرس. 
عندما نبكى من الداخل وقناع الابتسامه على وجوهنا ستكون لحظات الصمت هى الفارق بين البكاء والابتسامة.
وعندما نرى أن من كانوا اقرب الناس ألينا قد آلفوا البعد عنا فالصمت هو أبلغ رد.

* الصمت في الحزن
عظمة الصمت تكمن في عدم امتلاكك للصمت... إنه ليس ملكيّتك، لأنّه يتملّكك منذ الولادة.
الصمت هو الوعي، وعندما تكون واعياً، تختفي الأفكار... تذوب الأنا، فقط تذكّر أن الله معك... يراك، يسمعك، يحميك... عندها ستصمت لأنك تعلم الحقيقة وستشعر بآلاف النعم تغمرك... لقد تعرّفت الى نفسك، والآن أنت تتعرّف الى ربِّك.
هل أحسستم يومًا بألم الصمت؟... ماذا تفعلون إذا كنتم لا تستطيعون التغلّب على نقطة ضعفكم التي هي صمتكم عندما يساء اليكم؟ إن لغة الصمت تفوق لغة الكلام، وتفوق عدم الكلام. هي لغّة الوجود. 

* الصمت في الحياة

في حياتنا الكثير من الضعفاء الذين يخافون الكلام أو ممن رضخ لواقعه : فهؤلاء يجمعون بين طياتهم أضدادا كثيرها إيجابي والقليل منها سلبي. 
فالصمت يمدّك بطاقة قويّة، فيرتاح تفكيرك، ويكون تركيزك في الإجابات أنقى وأصفى ويمنح العقل قوة عظيمة لا مثيل لها.
فغالبا ما يولد الإحترام لأنه يعلّمك فنّ الإصغاء والإستماع الذي يفتقده معظم الناس. 
أصمت، عندما أجد أن الحديث في المجتمع هو حديث مملّ، ولا نتيجة من متابعة الكلام، فالنقاش مع الطرف الآخر لا يجدي نفعاً.
إنه يولد لدى الآخرين شعورا بالغيظ الشديد فيعتبرونه هجوما مستترا، فتكون الأقوى من دون كلام ولا تعب. 

* الصمت في السياسة
أصمت عندما يكون الصمت هو اللغة الوحيدة للتفاهم في جوّ يسوده الكلام الفارغ والآراء المختلفة والعنجهيّة الفكريّة.
أصمت عندما أرى المبادئ الأخلاقيّة تشوبها الشُبهات وتتأثّر بكل الظروف وتنهار.
أصمت عندما أعرف الكثير، وحرصاً على ألاّ أجرح مشاعر غيري.
أصمت حين يعجز الكلام عن التعبير.
قيل إن الصمت بالنسبة إلينا يعني عدم الكلام، وغياب الصوت لا أكثر…
هل حقاً نعرف ماهو الصمت؟ إنّ أحداً منّا لم يختبر تجربة الصمت الحقيقي ولم يعشها حقاً... 
ويقول غلاسكو: (لا بدّ من لزوم الصمت أحيانًا ليسمعنا الآخرون)
في علم السياسة يسمون السياسيون الصامتون أو حزب الكنبة وهي الطبقة التي تشاهد وتتابع من بعيد ولكن عند حديثها ترجح كفة على الأخرى. لأن لصمتهم بعدٌ آخر... أبعد من أيّ حدود.

* ماذا يعلمنا الصمت؟ 
يعلمنا حسن الاستماع الذي يفتقده الكثيرون. 
يعلمنا أن نحاول إتقان هذا الفن ولن نفشل أبدا في تحقيق ما نريد في أي وقت وموقف.
يعلمنا بأنه فن لقي الاهتمام مؤخرا بحسب الباحث مايكل إيفرت ويقول :( أن الصمت البليغ يأتي عبر سياقات معينة ، يوصل رسائل لها معنى قد لا يوصلها الكلام وذكر بأننا نستطيع أن نضع لكل هذه السكتات رموزا ويصبح لها معنى في المعجم ). 

لذا فسكوتك الإختياري يحمل دلالة ورسالة معينة خاصة عند قدرتك على الحديث. 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الصمت ليس لغة
فول على طول -

الصمت ليس لغة ولا كلام ..ربما يصلح أحيانا للتعبير عن موقف ليس أكثر . اللغة فقط والكلام هما وسيلة التواصل وليس الصمت . الصمت مطلوب أحيانا ولكن ليس دائما . أما قالت العرب من المعضلات توضيح الواضحات فهو كلام خاطئ تماما . الواضحات لا تحتاج للتوضيح وليس معضلة . والأشجار صامتة لأنها لا تملك موهبة النطق . نعم نحتاج الى الصمت أحيانا كثيرة .

اللغة العربية بدون منازع
القرآن المعجزة الخالدة -

اللغة العربية طبعاً بدون منازع ويليها اللغات التي من أصل لاتيني كالايطالية والفرنسية والاسبانية. وإليك الدليل فقط من الشعر العربي وليس من القرآن الذي هو المعجزة الخالدة الغنية عن التعريف : الشعر العربي يعتمد على البلاغة وحسن صياغة الابيات وهذه أمثلة كسرت بها جميع الحواجز والتي يمكن ان تقرأها افقيا او راسيا ألوم صديقي وهذا محال.... صديقي أحبه كلام يقـــــــال وهذا كلام بليغ الجمـال .... محال يـقال الجمال خيـــــال ويقول علي بن ابي طالب: مودته تدوم لكل هول. وهل كل مودته تدوم إقرأ البيت بالمقلوب واكتشف الإبداع ... هذا البيت يقرا من الجهتين . حلمـــــوا فما ساءَت لهم شيم ....................... سمحوا فما شحّت لهم مننُ سلــموا فـلا زلّت لهم قدمُ..رشـدوا فــلا ضـلّت لهم سـننُ وهي ابيات مدح وثناء ولكن اذا قرأتها بالمقلوب تصبح ابيات هجائيه مننٌ لهم شحّت فما سمحوا ..... شيمٌ لهم ساءَت فما حلمـــــوا سننٌ لهم ضلت فلا رشدوا .... قـدمٌ لهم زلّت فــلا سلمــــوا ومن طرائف الشعر هذه القصيدة والتي عبارة عن مدح لنوفل بن دارم، واذا اكتفيت بقراءة الشطر الأول من كل بيت وتغدو قصيدة ذم لا مدح إذا أتيــت نوفل بن دارم ...... امير مخزوم وسيف هاشـــم وجدته أظلم كل ظـــالم ..... على الدنانير أو الدراهــــم وأبخل الأعراب والأعاجـم... بعـــرضه وســره المكـاتم لا يستحي مـن لوم كل لائم .. إذا قضى بالحق في الجرائـــم ولا يراعي جانب المكــارم .. في جانب الحق وعدل الحاكـم يقرع من يأتيه سن النـــادم ... إذا لم يكن من قدم بقــــادم ( إذا أتيت نوفــل بن دارم .... وجدتــه أظلـم كل ظـــالم ) وأبخل الأعراب والأعاجم .. لا يستحي من لوم كل لائــــــم ولا يراعي جانب المكارم .. يقرع من يأتيه سن النـــــــادم

كفاكم شعوذات
فول على طول -

اللغة الأفضل هى التى يعرفها الجميع ويتكلم بها نسبة كبيرة من البشر والتى تصلح للعلم وبها الكثير جدا من المرونة وعدد كلماتها كبير جدا يصل الى المليون وهذا يتوفر فى الانجليزية والفرنسية واللاتينية وما عدا ذلك شعوذات وكلام عاطفى يخلو من أى مضمون وأى معنى . اللغة العربية هى اختراع بشرى مثل أى لغة وكانت بدون تنقيط وتشكيل وتم تشكيلها وتنقيطها بواسطة بشر - أبو الأسود الدؤلى وسيبوية - وهى تنحدر من اللغات السامية وبها الكثير جدا من المصطلحات الارامية والسريانية والفارسية أما حكاية أنها لغة أهل الجنة وموجودة فى اللوح المحفوظ فهى شعوذات وتضعكم فى ورطات كبيرة وتضع اللة نفسة فى ورطة حيث أنة لا يجيد اللغات الأخرى وأيضا متعصب وهذا لا يجوز مطلقا . العرب نتيجة احساسهم بالنقص دائما جعلهم يبحثون عن شئ يدعون بة التفوق ولذلك اخترعوا حكاية اللغة العربية ولغة القران وأهل الجنة ...مع أن التاريخ العربى نفسة يؤكد أن القران نزل بلسان قريش ..يعنى عنصرية داخل العنصرية نفسها ويوحى بالتفوق القرشى الكاذب حتى على كل العرب . مساكين الذين أمنوا . ربنا يشفيكم من الشعوذات . يستشهد بأن اللغة العربية هى الأفضل من اللغة العربية نفسها ...وعجبى .

الصمت فطره
Saleh -

قال العرب إذا كان الكلام من فضه فسكوت من ذهب و في الحقيقه يولد الطفل فيسمع سنتين ليتكلم بعدها فهذي هي الفطره وهذي هي جبلة الانسان فصمت أدب وذوق وأخلاق فقدها الكثير والله المستعان

أبلغ لغات الكلام
اللاتينية لغة منقرضة -

يتساءل الكاتب هنا عن البلاغة لا سعة الإنتشار وسهولة التعلم والتداول التي تتمتع بها اللغة الإنكليزية . أما اللاتينية فهي لغة منقرضة لا يتعامل بها سوى دولة الفاتيكان وعدد سكانها الفي نسمة. ومن حيث البلاغة فلا يعلى على اللغة العربية ولا يمكن مقارنتها من حيث البلاغة والجمال والنغمة واللحن والتعبير سوى اللغة الايطالية على عكس الشائع عن أنها اللغة الفرنسية التي تأتي بعدها لأن جميع كلمات اللغة الايطالية تنتهي بحرف صوتي تطرب لسماعها حتى ولو لم تفهمها. أما لغتنا العربية فتمتاز بثباتها ورسوخها عبر أكثر من ألف وخمسمئة عام حيث إنها ربما تكون اللغة الوحيدة في العالم التي لم يطرأ عليها تغييرات جذرية. إذ يستطيع العربي المتعلم أن يقرأ كتب التراث والمخطوطات القديمة على ما بها من اختلاف أشكال الخط بيسر نسبي، والأمر في اللغات الأوروبية مغاير وذلك حيث طرأ عليها كثير من التغيير. لقد وصل عدد اللغات الأوروبية اليوم إحدى وأربعين لغة في خمسة وأربعين دولة، وبعد أن كان معظم هذه اللغات متشابه الأصل ويعود للجذور ذاتها ويختلف اختلافاً سطحياً بما يمثل اللهجات من منطقة إلى أخرَى، صارت اللهجة اليوم لغة مستقلة وتمثل مجتمعاًً بعينه. يعود هذا الأمر إلى حقيقة أن أكثر اللغات الأوروبية تركيبية واللغة العربية معربة وقد فقدت معظم اللغات الأوروبية أبنية إعرابها بينما تنبه علماؤنا منذ القدم وخصصوا كتباً وفصولاً في كتباً عن "خصائص العربية" و"دقائق التصريف" و"النظم" في تركيب الجمل، وغيرها من المقومات الأساسية التي تدخل في صميم طبيعة اللغة فحافظت على كينونتها ووجودها. صحيح أن اللغة العربية مرت بأوقات عصيبة كتلك التي سجلها ابن خلدون في مقدمته وليس الوضع اليوم بأحسن منه بالأمس، إذ يمر بالعربية في وقتنا المعاصر أزمات نتيجة تأثرها بالوضع السياسي والاجتماعي العام المنتشر في وطننا العربي والنزاعات بين الدول المتجاورة والنزاعات الداخلية وبروز العصبيات القبلية، إلا أنها استمرت لغة واحدة طيلة هذه القرون رغم ما يهددها من مخاطر خارجية، ففرض السيطرة اللغوية أحد أبرز أساليب الاستعمار الخارجي، وهذا ما يقع فيه الجيل المعاصر لأبناء اللسان العربي حيث تُفرض علينا بطرق مباشرة وغير مباشرة مظاهر لُغوية استعمارية مختلفة، أبرزها في الوقت الراهن النداءات الخارجية التي تحث عناصر من أبناء أمتنا وهم غير واعين لخطورة ما يقدمون عليه- عل

اللغة الحضارية الأولى
اللغة العربية -

كانت اللغة العربية عبر دهر طويل هي اللغة الحضارية الأولى في العالم . واللغة العربية أقدم اللغات التي ما زالت تتمتع بخصائصها من ألفاظ وتراكيب وصرف ونحو وأدب وخيال، مع الاستطاعة في التعبير عن مدارك العلم المختلفة. ونظراً لتمام القاموس العربي وكمال الصرف والنحو فإنها تعد أمّ مجموعة من اللغات تعرف باللغات الأعرابية أي التي نشأت في شبه جزيرة العرب ، أو العربيات من حميرية وبابلية وآرامية وعبرية وحبشية، أو الساميات في الاصطلاح الغربي وهو مصطلح عنصري يعود إلى أبناء نوح الثلاثة : سام وحام ويافث. فكيف ينشأ ثلاثة أخوة في بيت واحد ويتكلمون ثلاث لغات ؟إن اللغة العربية أداة التعارف بين ملايين البشر المنتشرين في آفاق الأرض، وهي ثابتة في أصولها وجذورها، متجددة بفضل ميزاتها وخصائصها . إن الأمة العربية أمة بيان، والعمل فيها مقترن بالتعبير والقول، فللغة في حياتها شأن كبير وقيمة أعظم من قيمتها في حياة أي أمة من الأمم. إن اللغة العربية هي الأداة التي نقلت الثقافة العربية عبر القرون، وعن طريقها وبوساطتها اتصلت الأجيال العربية جيلاً بعد جيل في عصور طويلة، وهي التي حملت الإسلام وما انبثق عنه من حضارات وثقافات، وبها توحد العرب قديماً وبها يتوحدون اليوم ويؤلفون في هذا العالم رقعة من الأرض تتحدث بلسان واحد وتصوغ أفكارها وقوانينها وعواطفها في لغة واحدة على تنائي الديار واختلاف الأقطار وتعدد الدول. واللغة العربية هي أداة الاتصال ونقطة الالتقاء بين العرب وشعوب كثيرة في هذه الأرض أخذت عن العرب جزءاً كبيراً من ثقافتهم واشتركت معهم - قبل أن تكون ( الأونيسكو ) والمؤسسات الدولية - في الكثير من مفاهيمهم وأفكارهم ومثلهم، وجعلت الكتاب العربي المبين ركناً أساسياً من ثقافتها، وعنصراً جوهرياً في تربيتها الفكرية والخلقية . إن الجانب اللغوي جانب أساسي من جوانب حياتنا، واللغة مقوم من أهم مقومات حياتنا وكياننا، وهي الحاملة لثقافتنا ورسالتنا والرابط الموحد بيننا والمكون لبنية تفكيرنا، والصلة بين أجيالنا، والصلة كذلك بيننا وبين كثير من الأمم . إن اللغة من أفضل السبل لمعرفة شخصية أمتنا وخصائصها، وهي الأداة التي سجلت منذ أبعد العهود أفكارنا وأحاسيسنا. وهي البيئة الفكرية التي نعيش فيها، وحلقة الوصل التي تربط الماضي بالحاضر بالمستقبل. إنها تمثل خصائص الأمة، وقد كانت عبر التاريخ مسايرة لشخصية الأمة العربية، تقوى إذا

لغة المحبة والإنسانية
والمشاعر والأخلاق والأدب -

تظهر اللغة العربية الأخلاق والمشاعر كالمكارم والمثالب، والمحاسن والمساوئ ، والفرح والحزن، والحسيات والمجردات . ولا تقتصر العربية على الحسيات كما تقتصر كل لغة في طورها الابتدائي. فبالإضافة إلى ما فيها مما لا يكاد يحصى من الألفاظ الدالة على الحسيات لم تهمل المعنويات والمجردات. إننا نجد في العربية سعة وغزارة في التعبير عن أنواع العواطف والمشاعر الإنسانية. كما أنهها اشتملت على الكلمات الدالة على الطباع والأفعال والمفاهيم الخلقية. واشتملت كذلك على المفاهيم الكلية والمعاني المجردة. لقد جمع العرب في لغتهم بين الواقعية الحسية والمثالية المعنوية ، فالمادية دليل الاتصال بالواقع ، والتجريد دليل ارتقاء العقل . ولها باع في الدقة والخصوص والعموم، إذ تمتاز برقة تعبيرها والقدرة على تمييز الأنواع المتباينة، والأفراد المتفاوتة، والأحوال المختلفة سواء في ذلك الأمور الحسية والمعنوية. فإذا رجعنا إلى معاجم المعاني وجدنا أموراً عجباً. فتحت المشي الذي هو المعنى العام أنواع عديدة من المشي :درج حبا حجل خطر دلف هدج رسف اختال تبختر تخلج أهطع هرول تهادى تأود... والأمثلة كثيرة ، ومن ضروب الدقة ما يظهر في اقتران الألفاظ بعضها ببعض، فقد خصص العرب ألفاظاً لألفاظ ، وقرنوا كلمات بأخرى ولم يقرنوها بغيرها ولو كان المعنى واحداً. فقد قالوا في وصف شدة الشيء : ريح عاصف - برد قارس - حر لافح . وفي وصف اللين : فراش وثير - ثوب لين - بشرة ناعمة - غصن لدن . وكذلك في الوصف بالامتلاء، والوصف بالجدة، والوصف بالمهارة في الكتابة والخطابة والطب والصنعة ووصف الشيء بالارتفاع الحقيقي أو المجازي وغيرها وغيرها . لا شك أن هذا التخصص في تراكيب العربية في النعت والإضافة والإسناد نوع من الدقة في التعبير، لأن هذه الألفاظ المخصصة ببعض المعاني والأحوال توحي إلى السامع الصورة الخاصة التي تقترن معها. فلفظ باسق يوحي إلى الذهن معنى الارتفاع وصورة الشجرة معاً، كما توحي كلمة وثير معنى اللين وصورة الفراش. وكثيراً ما يحتاج المتكلم إلى أن ينقل إلى مخاطبه هذه المعاني والصور متلازمة مقترنة ليكون أصدق تصويراً وأدق تعبيراً وأقدر على حصر الصورة المنقولة وتحديدها .