الرئيس الموريتاني المخلوع في قبضة الحرس الجمهوريّ

الانقلابيون يشكلون مجلسًا عسكريًّّا ويعدون بإنتخابات حرّة قريبًا
الرئيس الموريتاني المخلوع في قبضة الحرس الجمهوريّ
إدانة دولية واسعة وأميركا تحثّ على الإفراج عن الرئيس المخلوع

الرئيس الموريتاني يصافح الجنرال عبد العزيز (يمين) في نواكشوط. أرشيف. أ ف ب

إيلاف، نواكشوط، الوكالات:ما زال الرئيس الموريتاني سيدي ولد شيخ عبد الله، اول رئيس منتخب ديمقراطيًا في موريتانيا منذ الاستقلال عام 1960، والذي أطاح به الأربعاء انقلاب عسكري، محتجزًا في مقر الحرس الجمهوري على ما علم من مصادر أمنية. وبث مجلس عسكري بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز عبر الإذاعة العامة ليلاً بيانًا يعلن أنَّ مجلس القيادة الأعلى للقوات المسلحة والأمنية "وضع حدًا لحكم الرئيس" المنتخب في آذار (مارس) 2007، والذي اعتقل نواكشوط إثر إلا أنه عن إقالة ضباط رفيعي المستوى بينهم رئيس الحرس الجمهوري الجنرال ولد عبد العزيز، الذي قاد الانقلاب. من جانب آخر، أكدت مصادر أمنية موريتانية إعادة فتح مطار نواكشوط بعد إغلاقه الأربعاء، وأضافت أن المعابر الحدودية الأخرى لم تغلق وتعمل بصورة عادية، كما لم تسجل أعمال عنف منذ الإعلان عن الانقلاب.

ينصُ الدستور الموريتاني على تنظيمِ انتخابات رئاسية خلال 90 يومًا في حال حدوث فراغ في السلطة.

وتعهّد زعماء المجلس العسكريّ، بقيادة الجنرال محمد ولد عبد العزيز،بإجراء انتخابات رئاسيَّة "حرة وشفافة في أقرب وقت ممكن وبالحفاظ على القانون والمؤسسات القائمة". كما تعهدوا بالحفاظ على دولة القانون وحريات المواطنين والإبقاء على المؤسسات الديمقراطية الموجودة وصون حرية التعبير والصحافة وإجراء انتخابات حرّة وشفافة في أقرب وقت ممكن.

وأكدّ ولد عبد العزيز أن ما حدث ليس انقلابًا بل تحرك يهدف إلى إنقاذ البلاد ووضعها على طريق العملية السياسية التي بدأها الجيش في آب(أغسطس) 2005، والتي أدت إلى إقامة مؤسسات تمتع بالصدقية والشفافية أيدّها الموريتانيون والمجتمع الدولي، على حدّ تعبيره.

وأكد بيان صادر عن مجلس الدولة الأعلى للقوات المسلحة والأمنية المكون من 11 عسكريا بزعامة الجنرال محمد ولد عبد العزيز قائد الحرس الرئاسي سابقا، إنهاء سلطة رئيس الجمهورية الذي تسلم منصبه في 19 نيسان(أبريل) 2007. وأضاف البيان أن المجلس سيتخذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارية الدولة، والتنسيق مع المؤسسات والقوى السياسية والمجتمع المدني لإجراء انتخابات رئاسية تسمح بإعادة إطلاق العملية السياسية وتأسيسها وفق قواعد دائمة. ووعد المجلس بأن تجري الانتخابات ضمن مهلة زمنية بأسرع ما يمكن، وستكون شفافة وحرة تسمح مستقبلاً بعمل مستمر وتنسيقي بين مجمل الصلاحيات الدستورية، ومتعهدًا بإحترام جميع المعاهدات والالتزامات الدولية التي وقعتها موريتانيا.

انقسام داخلي

وأيّدت بعض الأحزاب في موريتانيا الانقلاب الذي أطاح الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بعد دقائق من إعلانه إقالة عدد من القادة العسكريين، بينما قالت أوساط أخرى إن الانقلاب يقوّض مسار الديومقراطية في البلاد.

وقال محمد جميل ولد منصور زعيم حزب التواصل إن الانقلاب غير دستوري، ودعا إلى إتباع السبل القانونية لتغيير الرئيس. ويرى محمد محمود ولد لمّات نائب رئيس حزب تكتل القوى الديموقراطية، أن الانقلاب هو الحل الصائب والوحيد لتسوية الأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا.

متظاهرون يدعمون الانقلابيين يرددين "عزيز عزيز"

وشارك نحو الف شخص في مسيرة دعم للانقلابيين في وسط نواكشوط، وردد المتظاهرون "عزيز عزيز" اسم زعيم الانقلابيين الجنرال محمد ولد عبد العزيز قائد الحرس الرئاسي الذي اطاح بالرئيس صباح الاربعاء بعيد اعلان اقالته. ووصلت المسيرة التي انطلقت قرب المطار الى القصر الرئاسي في الساعة 11,00.

وكان الناطق باسم مجموعة من النواب استقالوا من حزب العهد الوطني للديموقراطية والتنمية الذي ينتمي اليه الذي الرئيس المطاح به، سيدي محمد ولد مهام نائب عطار (شمال) اعلن "كل المواطنين مدعوون (الخميس) صباحا الى مسيرة كبيرة دعما لمجلس الدولة ورئيسه الجنرال محمد ولد عبد العزيز".

واضاف في مؤتمر صحافي ان "البرلمانيين يعلنون ما يلي: ناسف للوضع الذي وضع فيه الرئيس المخلوع البلاد ونطلب من مجلس الدولة الحفاظ عن المؤسسات والعمل بالدستور". واضاف "نحن ندعم الحركة التصحيحية ونامل ان تكون في خدمة الديمقراطية والبلاد. وندعو الشعب المورياتي الى الالتفاف حول القوى البرلمانية وقوى التغيير واحترام النظام العام".

الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله
في اكرا يوم الثاني من يوليو تموز 2007. رويترز

تنديد دولي واسع

وتتواصل الإدانات الدولية الواسعة للانقلاب الذي نفذه أمس الجيش الموريتاني. وأدانت الولايات المتحدة الانقلاب وحثت العسكريين على إطلاق سراح رئيس البلاد ورئيس الوزراء وإعادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيّاً. بدورها أعربت فرنسا عن حرصها على ما وصفته بـ"استقرار البلاد" مؤكدة في الوقت نفسه "رفضها الاستيلاء على السلطة بالقوة".

وعبر الممثل الاعلى للامن والسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا عن قلقه ازاء تطورات الاوضاع ودعا المعنيين في موريتانيا للعودة الى الشرعية والالتزام بمبادئ الدستورية وميثاق الاتحاد الافريقي الذي يرفض الاستيلاء على السلطة بالقوة.

كما أعربت الأمم المتحدة عن "أسفها العميق للإطاحة بحكومة الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله". كذلك أدانت المفوضية الأوروبية الانقلاب داعية إلى احترام المؤسسات الديمقراطية. وهدد المفوض الأوروبي لشؤون التنمية لوي ميشال من بروكسل بتعليق المساعدات لهذا البلد.

سولانا يدعو الى عودة الشرعية الدستورية في موريتانيا

وشدد سولانا في بيان صدر الليلة الماضية حول على التطورات السياسية في موريتانيا على دعم التكتل الاوروبي الموحد لجهود الاتحاد الافريقي المبذولة من اجل حل الازمة في البلاد.

وقال انه يتابع "عن كثب" تطورات الاوضاع في موريتانيا ويخضعها للتقييم والتحليل". وكان قادة الاجهزة العسكرية الرئيسة في موريتانيا قد نفذوا في وقت سابق اليوم انقلابا عسكريا للاستيلاء على الحكم في البلاد واعتقلوا الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبدالله ورئيس الحكومة يحيى ولد احمد وذلك على خلفية اصدار الرئيس الموريتاني مرسوما رئاسيا باقالة 3 من قادة الجيش بتهمة دعم نواب سبق ان انسحبوا من حزبه.

أميركا تحث على الإفراج عن الرئيس المخلوع

وقالت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس في بيان "نناشد العسكر اطلاق سراح الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ورئيس الوزراء يحيي ولد احمد الواقف واعادة الحكومة الشرعية والدستورية والمنتخبة ديمقراطيا على الفور." وأطاح قائد الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز يوم الأربعاء بعبد الله وهو أول رئيس لموريتانيا ينتخب في انتخابات ديمقراطية والقى القبض عليه مع رئيس وزرائه.

وقالت رايس "نحن نعارض أي محاولات للعناصر العسكرية لتغيير الحكومات من خلال وسائل خارجة على الدستور." ورحبت الوزيرة الاميركية ببيانين صدرا عن الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي يدينان الانقلاب. وقالت "الولايات المتحدة تتطلع الي أن يدين جميع شركائنا الدوليين هذا العمل المناهض للديمقراطية." وفي وقت سابق من يوم الأربعاء قالت وزارة الخارجية ان السفارة الامريكية في موريتانيا ما زالت تعمل وأنها ارسلت تحذيرات الى الامريكيين هناك للبقاء في منازلهم.

باريس تحذر من عواقب حتمية للانقلاب على علاقات موريتانيا بأوروبا

فرنسا من جانبها من أن استمرار حالة الانقلاب في موريتانيا سيكون لها "عواقب حتمية" على علاقات نواكشوط مع الاتحاد الأوروبي.. وقال المتحدث المساعد باسم الخارجية رومان نادال "نتابع تطور الأوضاع بكثير من الاهتمام، وعدم العودة إلى الشرعية الدستورية سيكون له حتما عواقب على علاقات موريتانيا مع شركائها الأساسيين بما فيهم الاتحاد الأوروبي"، وفق تعبيره، دون الدخول في تفاصيل ما يمكن اتخاذه بحق موريتانيا.

وذكّر المتحدث الفرنسي بأن بلاده دانت باسم الرئاسة الأوروبية التي تتولاها حاليا، الانقلاب الذي قاده قائد قوات الحرس الرئاسي، الجنرال محمد ولد عبدالعزيز، وقال "نطالب بالإفراج فورا عن رئيس الجمهورية سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله ورئيس الوزراء يحيى ولد أحمد الواقف، ونذكر بأن الرئيس انتخب في آذار/مارس 2007 بموجب انتخابات حرة وشفافة، وهو رئيس شرعي لموريتانيا"، على حد وصف الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي.

وكان منفذو الانقلاب في موريتانيا أكدوا عزمهم إجراء انتخابات رئاسية "حرة وشفافة خلال أقصر فترة ممكنة" واعتبروا أن تشكيل "المجلس الأعلى للدولة"، الجديد "يضع حداً" لسلطات ولد الشيخ عبدالله الذي لازال قيد الاعتقال.

كي مون يدعو الى العودة الى المؤسسة

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اليوم الأربعاء عن أسفه العميق بسبب الإطاحة بالحكومة الموريتانية بقيادة الرئيس سيدي محمد ولد شيخ عبد الله، ودعا إلى عودة النظام الدستوري. وقالت ميشيل مونتاس المتحدثة باسم الأمين العام في بيان له إن "بان دعا إلى احترام سيادة القانون وإعادة المؤسسات الدستورية إلى نصابها في البلاد".

وكان ضباط كبار بينهم رئيس أركان الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز وقائد أركان الجيش محمد ولد الغزواني قد نفذوا اليوم انقلابا أبيض واحتجزوا الرئيس، رداً على قرار الأخير بإقالتهما من منصبيهما على خلفية أزمة سياسية تفجرت مؤخرا في البلاد.

ويأتي الانقلاب بعد سنة ونصف من الانتخابات الرئاسية مطلع العام 2007 التي اعتبرت "نموذجا ديموقراطيا" في أفريقيا والعالم العربي وبعد ثلاث سنوات من انقلاب عسكري في آب/أغسطس 2005 أطاح بالرئيس معاوية ولد الطايع. وفي تونس، قال مصدر رسمي إن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والزعيم الليبي معمر القذافي، عبرا عن قلقهما حيال الانقلاب في موريتانيا.

ونقلت الوكالة الرسمية عن متحدث باسم الرئاسة التونسية أن القذافي وبن علي قررا إيفاد أمين عام اتحاد المغرب العربي التونسي الحبيب بن يحيى إلى موريتانيا للوقوف على التطورات هناك وإعداد تقرير شامل وإجراء اتصالات مع مختلف الأطراف.

اسرائيل تدعم "العملية الديموقراطية"

الى ذلك اعلن مسؤول اسرائيلي الخميس ان اسرائيل التي تقيم علاقات دبلوماسية مع موريتانيا تدعم "العملية الديموقراطية" في هذا البلد. وقال مسؤول في وزارة الخارجية "لقد دعمنا العملية الديموقراطية في موريتانيا وسنواصل القيام بذلك". واضاف هذا المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه "نتابع تطورات الوضع الذي لا يبدو واضحا". واوضح ان امن اربعة افراد من السفارة الاسرائيلية في نواكشوط "مضمون تماما".

وعين السفير الاسرائيلي الجديد ميكي اربل في 31 تموز/يوليو وسيتولى مهامه حين "يستقر الوضع". وتابع المسؤول الاسرائيلي ان "العلاقات بين اسرائيل وموريتانيا مهمة لانها دولة عضو في الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي واتحاد المغرب العربي". واضاف "عبر اقامتها علاقات مع اسرائيل، شكلت موريتانيا مثالا للعالم العربي والاسلامي".

وفتحت اسرائيل بعثة دبلوماسية في موريتانيا عام 1996 ثم رفعت الى مستوى سفارة عام 1999 في حين يمثل موريتانيا في اسرائيل سفير. وقد تعرضت السفارة الاسرائيلية في نواكشوط لهجوم في 1 شباط/فبراير اوقع ثلاثة جرحى وتبنته شبكة القاعدة.

مصر تدعو الاطراف الموريتانية الى التعقل وتغليب منطق الحوار

بدورها دعت مصر كافة الاطراف الموريتانية الى التعامل مع الوضع بتعقل وتغليب منطق الحوار واحترام قواعد الديمقراطية وحكم الدستور. وأكد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية فى بيان صحافى أهمية كفالة استمرار اداء المؤسسات الدستورية لمهامها وحماية ارواح وممتلكات الموريتانيين والاجانب وكذلك العمل على بقاء موريتانيا عضوا فاعلا فى النظامين العربي والافريقي. وقال المتحدث "أن مصر اذ تتابع عن كثب الاحداث الاخيرة فى موريتانيا تشعر بالاسف البالغ ازاء ما وصلت اليه الامور فى هذا الببد الشقيق".

إقرأ أيضا

موريتانيا والسودان في صدارتها... والصيف موسمها
الإنقلابات العسكرية لعبة ما زالت تنشط عربياً وأفريقيا

انتشار عسكري في نواكشوط

إنقلاب موريتانيا بين السياسة وسوء الأحوال المعيشية

قائد الانقلاب في موريتانيا يعد بالحفاظ على دولة القانون

موريتانيا والسودان في صدارتها... والصيف موسمها
الإنقلابات العسكرية لعبة ما زالت تنشط عربياً وأفريقيا