تمديد قمة المناخ لمحاولة انتزاع اتفاق

يسعى رؤساء دول العالم جاهدين للتوصل الى اتفاق من خلال مفاوضات كوبنهاغن بشان التغير المناخي بعد تجاوز الموعد الرسمي لاختتام القمة دون ان تلوح مع ذلك بوادر على التوصل لهذا الاتفاق.

كوبنهاغن: استمرت المباحثات بعد الساعة 18,00 (17,00 ت غ) الموعد المحدد اصلا لحفل اختتام القمة لكن الغموض والتوتر لا يزالان مخيمان تماما في حين ان مشروع اعلان الزعماء الذي يفترض ان ينقذ اتفاقا ضد الاحتباس لا يوال موضع مناقشات شاقة. واتاح الرئيس الاميركي باراك اوباما بصيص امل مع دعوته رئيس الوزراء الصيني ون جياباو الى لقائه مجددا الجمعة في كوبنهاغن في محاولة لمعالجة الموضوعات التي يختلف عليها اكبر ملوثان في العالم بعد 12 يوما من الاعمال: ضمانات التحقق من تنفيذ التعهدات وتمويل مكافحة الاحتباس ومستوى الانبعاثات.

من جانبه قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان المفاوضات "شاقة"، مضيفا "لا نريد اتفاقا هزيلا". وغادر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، الذي اشار الى ان الطريق لا يزال "طويلا وصعبا" كوبنهاغن مساء الجمعة للقيام بزيارة مقررة منذ وقت طويل الى كازاخستان مفوضا مستشاره لشؤون المناخ تمثيل روسيا في المفاوضات. واعلن مسؤول اميركي ان اوباما سيغادر مساء الجمعة كما هو مقرر.

تجاوز موعد اختتام قمة المناخ دون التوصل لاتفاق

وسلمت بعد ظهر اليوم لقادة العالم نسخة جديدة من مشروع الاعلان السياسي المقرر ان يعتمدوه تتضمن هدفا عالميا بخفض انبعاثات غازات الدفيئة العالمية الى النصف بحلول عام 2050. الا ان الصين والدول الناشئة الكبرى الاخرى ترفض باصرار منذ ستة اشهر الانضمام الى هذا الهدف قبل ان تزيد الدول الصناعية معدل خفض انبعاثاتها قبل 2020. وحذر الرئيس باراك اوباما امام اكثر من 120 رئيس دولة وحكومة من انه "لا يمكن لاي بلد الحصول على كل ما ينشده" مبديا تمكسه بالمواقف الاميركية. وقال ان "المسالة تكمن في معرفة ما اذا كنا نتقدم معا او نتصارع، اذا كنا نفضل الشعارات على العمل".

وقال رئيس وزراء بلجيكا ايف لوتيرم ان على الصين ان تبذل جهودا حتى لا تنتهي قمة كوبنهاغن الى الفشل. وقال للتلفزيون البلجيكي ان "الاتحاد الاوروبي مستعد لابرام اتفاق في كوبنهاغن، ولكن الكتل الاخرى هي المطلوب ان تعلن موقفها في الوقت الراهن. الولايات المتحدة بذلت جهودا. اما الصين فليس بعد. عليه امل ان يحصل ذلك". من جانبه دعا رئيس وزراء الهندي منموهان سينغ الى تمديد المفاوضات حتى 2010 من اجل التوصل الى "اتفاق شامل فعلا والتصدي بصلابة حقيقيى للتغير المناخي".

في المقابل بدا الرئيس البرازيلي لويس ايناسية لولا دا سيلفا يائسا بعد الاجتماعات الاولى معلنا استعداده لبذل "تضحية" مادية لمساعدة الدول الاكثر تاثرا ولاتاحه التوصل الى اتفاق. وشدد على ان هذا العرض الذي لم يبحثه بعد "لا مع الشعب او مع البرلمان" يحرك خطوط التقسيم التقليدية بين الدول الصناعية، المسؤولة "تاريخيا" عن تراكم ثاني اوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وبين الدول النامية. ويرى ايمانويل غيران الباحث في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية ان خطر صدور "اعلان سياسي مائع" قائم فعلا. وقال بعد ظهر اليوم ان "ون جياباو احدث انفتاحا صغيرا بشان مسالة التحقق ولولا ابدى ارادة سياسية كبيرة بشان التمويل في حين ان اوباما لم يتحرك قيد انملة وسينغ اغلق الباب باحالة الامر الى عام 2010".

وتدور المباحثات منذ اكثر من 24 ساعة حول مشروع الاعلان السياسي للزعماء الذي يمكن ان يستخدم كاساس لاتفاق محتمل. ولا تزال النسخ المختلفة المتتالية تهدف الى حصر ارتفاع سخونة الارض عند درجتين مئويتين كحد اقصى عن مستوى ما قبل الثورة الصناعية. وستقدم مساعدة مالية فورية من 30 مليار دولار على ثلاث سنوات (2010-2012) الى الدول الاكثر تضررا ليصل حجم المساعدة الشامل تدريجيا الى مائة مليار دولار سنويا حتى عام 2020. ولم يعلن حتى الان اي هدف بالارقام لخفض الانبعاثات الملوثة. لكن الوعود التي قدمت حتى اليوم من مختلف الدول ستؤدي الى رفع متوسط حرارة الارض بثلاث درجات اي مع تجاوز الهدف المنشود وهو درجتان مئويتان وفقا لمذكرة سرية للامم المتحدة حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها

اوباما يشيد باتفاق المناخ ويقول انه يلزم عمل المزيد

غادر الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الجمعة كوبنهاغن بعد التوصل الى اتفاق حول المناخ اعتبره "غير كاف"، حسب ما افاد مصور وكالة فرانس برس الموجود على متن طائرة الرئاسة الاميركية "اير فورس ون". وأشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما باتفاق غير ملزم بشأن المناخ بين الدول المتقدمة والنامية ساعد في التوصل اليه يوم الجمعة كأساس لمكافحة الاحتباس الحراري في المستقبل. وقال اوباما "علينا الذهاب أبعد من ذلك بكثير." وأضاف انه ينبغي بناء ثقة أكبر بين الدول الغنية والفقيرة للتوصل لاتفاق مُلزم قانونا.

وفي وقت سابق يوم الجمعة قال مسؤول أيميكي ان الرئيس الاميركي باراك أوباما توصل لاتفاق بشأن المناخ مع الزعماء من الهند وجنوب افريقيا والصين سيكون "خطوة تاريخية للأمام" في مكافحة الاحتباس الحراري. واضاف "لا توجد دولة راضية تماما عن كل عنصر لكن هذه خطوة مهمة وتاريخية للامام وأساس لتحقيق المزيد من التقدم." وتابع "انه ليس كافيا لمكافحة تهديد التغير المناخي لكنها خطوة أولى ذات مغزى." ويعد تأييد الصين كمصدر كبير لغازات الاحتباس الحراري ودول أخرى سريعة النمو امرا حيويا لاي اتفاق.

واعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجمعة ان المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ستنظم محادثات جديدة في بون "خلال ستة اشهر" للاعداد للقمة المقبلة حول المناخ التي ستعقد في مكسيكو نهاية 2010. واعتبر الرئيس الفرنسي ان عدم تحقيق هدف 50% لتقليص انبعاثات غازات الدفيئة حتى العام 2050 يشكل "خيبة امل".

وقال دبلوماسيون ان اهداف تقليص انبعاث غازات الدفيئة للدول الصناعية في افق العام 2020 لن تقرر الا في في كانون الثاني/يناير. واوضح ساركوزي ان جميع الدول الصناعية "وافقت على ان ترفع خطيا" التزاماتها.

واشنطن تتعهد بتقديم 3,6 مليار دولار حتى 2012

وتعهدت الولايات المتحدة بدفع 3,6 مليار دولار كمساعدة للدول الفقيرة حتى العام 2012 لمساعدتها على التأقلم مع تأثيرات التغير المناخي، حسب ما جاء في مشروع الاعلان النهائي لمؤتمر المناخ في كوبنهاغن الذي تمت الموافقة عليه مساء الجمعة .

واشار النص الى ان "الدول الصناعية تعهدت جماعيا تقديم مصادر جديدة واضافية" (للمساعدة على التنمية) بمبلغ اجمالي قدره 30 مليار دولار. وكان الاتحاد الاوروبي وعد بدفع 10,6 مليار دولار للسنوات 2010 و2011 و2012 واليابان اعلنت في كوبنهاغن انها ستدفع 11 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة

ماليزيا تعلن استعدادها لخفض 40 بالمئة من الغاز المنبعث منها

الى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق أن بلاده توافق على تخفيض طوعي لغاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث منها بمقدار 40 بالمئة من مستويات 2005 بحلول عام 2020 ، بشرط تلقي المساعدة من الدول المتقدمة في صورة نقل للتكنولوجيا وتمويل كاف. وذكر رزاق في خطاب له بمؤتمر تغير المناخ في كوبنهاجن أن ماليزيا ملتزمة أيضا بضمان أن يظل نصف أراضيها على الأقل في صورة غابات ومزارع للمحاصيل الزراعية وهي التي تغطي حاليا 75 بالمئة من مجموع أرضها.

وناشد رئيس الوزراء الدول المتقدمة أن تلزم نفسها مجتمعة في كوبنهاجن بتخفيض غازي قدره 49 بالمئة من مستويات 1990 بحلول عام 2017 ، ودعا للشفافية والعدل واتخاذ القرارات من خلال التفاوض بين كافة الدول . كما انتقد الأرقام المطروحة لتمويل الدول النامية مشيرا لأن الدراسات دلت على حاجة تلك الدول لما لا يقل عن 800 مليار دولار سنويا لأغراض التكيف مع المتغيرات المناخية والتخفيف من آثارها ، وحث على تقديم الدول المتقدمة لمساعدة قدرها 200 مليار سنويا بحلول 2012 تزاد بعد ذلك الى 800 مليار. وتفيد بيانات الأمم المتحدة بأن ماليزيا أسهمت بمقدار 187 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المنبعث في عام 2006

1500 متظاهر يطالبون بالافراج عن 19 ناشط محتجزين على خلفية التظاهرات

وفي سياق أخر، تظاهر نحو 1500 شخص بعد ظهر الجمعة في كوبنهاغن مطالبين بالافراج عن 19 ناشطا احتجزوا اثناء التظاهرات التي نظمت على هامش قمة المناخ. ورفع المتظاهرون ومعظمهم من الشباب، اعلاما سوداء ويافطات ورددوا بوجه رجال الشرطة هتافات مثل "العدالة الان للمناخ" و"حرروا السجناء السياسيين فورا" و"عار، عار عليكم". وافاد ائتلاف "العمل العادل للمناخ" الذي دعا للتظاهرة ان 19 متظاهرا دانمركيا واجنبيا ما زالوا محتجزين.

وقالت انا ويليام المتحدثة باسم الائتلاف ان التظاهرة التي تفرقت امام البرلمان الدنماركي من دون احداث عنف كانت "تظاهرة احتجاج ضد قمة ترفض ان تسمع صوت الشعب". وقالت ان فشل هذه القمة "ليس مفاجئا" وان "لا حل لهذه الازمة ما لم يجر تغيير النظام الذي يرتكز على اقتصاد السوق". وسعى رؤساء الدول والحكومات ال130 المشاركين في قمة كوبنهاغن للمناخ لاختتام المفاوضات الجمعة، وانتهى الوقت المقرر للقمة من دون بوادر للتوصل الى اتفاق.

تشافيز: مقترحات الولايات المتحدة "مضحكة"

من ناحيته، وصف الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز الولايات المتحدة يوم الجمعة بأنها "أكبر ملوث" واتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما بمحاولة صياغة اتفاقية للمناخ من وراء ظهر الزعماء الآخرين. وقال تشافيز في قمة التغير المناخي التي ترعاها الأمم المتحدة في كوبنهاجن "ان الامبراطور الذي جاء في منتصف الليل وتحت جنح الظلام يعد من وراء كل شخص وبطريقة غير ديمقراطية وثيقة... لن نقبلها." وتحدث الرئيس الفنزويلي بعد كلمة أوباما أمام المؤتمر الذي يهدف للتوصل لاتفاقية بشأن تقليل الانبعاثات العالمية لثاني اكسيد الكربون المسؤول عن التغير المناخي.

وفي مؤتمر سابق للأمم المتحدة عام 2006 هاجم تشافيز الرئيس الاميركي آنذاك جورج بوش ووصفه بأنه "شيطان" ووصف المنصة الذي تحدث من عليها في اليوم السابق بأنها "لا تزال تحمل رائحة الكبريت اليوم." واستمر تشافيز على نفس المنوال يوم الجمعة في كوبنهاجن حين قال "لا زلت أشم رائحة الكبريت. لا زلت أشم الكبريت في هذا العالم." وتسلم أوباما الأسبوع الماضي جائزة نوبل للسلام في النرويج ولكن تشافيز نثر في كلامه إِشارات الى "جائزة نوبل للحرب" التي فاز بها اوباما.

وفيما يتعلق بتعهد الولايات المتحدة بالوفاء "بحصتها العادلة" في المساهمة في تمويل سنوي قصير الاجل قيمته عشرة مليارات دولار من قبل الدول الغنية لمساعدة البلدان النامية على مكافحة التغير المناخي وصف تشافيز المبلغ بأنه "مضحك" وقارنه بالمبلغ الذي خصصته الحكومة الامريكية العام الماضي لانقاذ النظام المصرفي والذي بلغ 700 مليار دولار. ووصف الولايات المتحدة بأنها "الملوث الأكبر" وقال تشافيز انها مسؤولة عن "التهديد والقتل والابادة الجماعية أيضا."

ميدفيديف يغادر كوبنهاجن

وفي سياق متصل، قال متحدث باسم الكرملين يوم الجمعة ان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف غادر محادثات الامم المتحدة الخاصة بالمناخ عائدا الى موسكو. وميدفيديف هو واحد من أوائل الرؤساء الذين يغادرون القمة التي تهدف الى حل الأزمة في المحادثات الرامية للتوصل الى اتفاق لخفض الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري وتوفير تمويل للدول الفقيرة لمساعدتها على التصدي للتغير المناخي

ميركل : نتيجة القمة مازالت مفتوحة

وshy;عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن أملها في التوصل لاتفاق خلال قمة كوبنهاجن الدولية للمناخ . وفي تصريح لوكالة الأنباء الألمانية قالت ميركل على هامش القمة اليوم : "مازلنا نتفاوض لكن لا يمكننا معرفة كيف ستنتهي القمة" . وكانت ميركل قد عقدت مشاورات مع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي بشأن اقتراح لبيان ختامي عن القمة الدولية للمناخ . ويسعى الزعماء الأوروبيون من خلال هذا البيان لتفادي فشل القمة . ولم يتوصل المؤتمرون بعد لاتفاق بشأن ما إذا كان على الدول الصاعدة مثل الصين دفع مساهمات أكبر لحماية المناخ .

رئيس الوزراء الصيني يغادر كوبنهاغن

وغادر رئيس الوزراء الصيني ون جياباو كوبنهاغن عائدا الى الصين مساء الجمعة بعد التوصل الى اتفاق حول المناخ، حسب ما اعلن مسؤولون صينيون.

وقال شيه تشنهوا كبير المفاوضين الصينيين بشأن المناخ ان اجتماع قمة الامم المتحدة بشأن المناخ توصل لنتيجة ايجابية وان الكل يجب ان يكون سعيدا، واردف قائلا للصحافيين "بعد المفاوضات نجح كل من الطرفين في الحفاظ على خطه الاساسي وبالنسبة للصينيين فقد كان ذلك سيادتنا ومصلحتنا الوطنية".

مجموعة ال77: اتفاق كوبنهاغن هو "الاسوأ في التاريخ"

الى ذلك، اعتبر الموفد السوداني لومومبا ستانيسلاس ديا-بينغ الذي تترأس بلاده مجموعة ال77 (130 بلدا ناميا) ويمثل هذه المجموعة في مؤتمر المناخ في كوبنهاغن، مساء الجمعة ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه في العاصمة الدنماركية هو "الاسوأ في التاريخ".

وقال "حتى الان، لا يوجد اتفاق" فقط مشروع اعلان يجب ان يقر. واشار الى ان الصين "لم تعلن موقفها رسميا".

واضاف "في حال قالت دولة واحدة لا فلن يكون هناك اتفاق وهناك دول عديدة قالت انها سترفض".