تداعيات 11 سبتمبر: حروب وانعكاسات هزت المنطقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هجمات11 سبتمبر: الإرهاب والحرب المضادة
ريما زهار من بيروت: بعد ثماني سنوات على أحداث 11 سبتمبر تبقى تداعياتها متفاعلة في الشرق الاوسط والمنطقة من فلسطين والعراق ولبنان وحتى الحريات العامة وحقوق الإنسان، وبعد كل هذه التداعيات كيف يمكن رسم خطوط مستقبل المنطقة على ضوء أحداث 11 سبتمبر؟ إيلاف سأت مجموعة من الاكاديميين والحقوقيين والاعلاميين من مختلف الوجهات وعادت بالآتي.
يقول الدكتور شبلي ملاط ( استاذ رئاسي في جامعة يوتا الاميركية واستاذ كرسي جان موني في جامعة القديس يوسف) إنّ ما نتج عن 11 ايلول /سبتمبر احتلالين مستمران حتى اليوم وجمود تام في المسار الديموقراطي الداخلي في بلاد الشرق الاوسط بما فيها اسرائيل وفلسطين، اما الحريات العامة وحقوق الانسان فيختصرها بعنوان بسيط اسمه غوانتنامو، ويتوقع في المستقبل استمرار التردي حتى نشوء موجة ديموقراطية جديدة في الولايات المتحدة الاميركية وفي الشرق الاوسط.
يعتبر معن بشور( المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية) بان كل المحللين داخل الولايات المتحدة وخارجها ابدوا ارتباطًا وثيقًا بين ما جرى في 11 سبتمبر وبين قضايا المنطقة، فسواء كان المنفذون يتحركون بوحي من افكارهم، ام كانوا ضحية مؤامرة صهيونية استدرجتهم من اجل الدفع بالسياسة الاميركية نحو حروب في المنطقة فان الثابت في الحالتين أن مناخ الغضب وجو الإحتقان الذي كان يسود المنطقة العربية هو الذي قاد إلى تلك الأحداث الدامية والمؤلمة والتي دفع ثمنها آلاف الضحايا من المدنيين الأبرياء.
ويتابع بشور:"اتضحت خطورة العلاقة بين أحداث 11 سبتمبر وقضايا المنطقة بشكل حاسم وسريع من خلال الإندفاع الاميركي بتشجيع صهيوني في استراتيجية الحروب الاستباقية التي شملت العراق وأفغانستان والتي سمحت بتصاعد العدوان الصهيوني ضد فلسطين ولبنان بشكل دموي لم يُعرف له مثيل من قبل، لقد جرى استغلال أحداث 11 سبتمبر بشكل واسع من قبل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة المتحالف مع المحافظين الجدد، المتحكمين بالسياسة الخارجية الاميركية، من أجل تحقيق أهداف "عقائدية" في المنطقة والعالم وتحت شعار مكافحة ما يسمى بالإرهاب، لكننا نلاحظ أن تلك الاندفاعة الإسرائيلية والأميركية قد واجهت أكثر من هزيمة وأكثر من إرتباك خصوصًا في ما يتعلق بمشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي طرحه الرئيس الاميركي السابق جورج بوش عشية غزو العراق، والذي أعادت عليه التأكيد كونداليزا رايس (وزيرة الخارجية الاميركية السابقة) خلال الحرب على لبنان، ومن هنا فإن هذه الأحداث رغم هذا الإستغلال الواضح لتحويلها إلى منصة لضرب العرب والمسلمين، قد طُرحت بقوة داخل المجتمع الأميركي نفسه أسئلة حول السياسة الأميركية في العالم عمومًا وفي منطقتنا خصوصًا، وبدأت ترتفع أصوتًا تنادي بالانسحاب من العراق وأفغانستان، كما بدأت أصوات تدعو من التخلص من تأثير اللوبي الصهيوني على القرار الأميركي، أننا نشهد بعد ثماني سنوات على 11 سبتمبر صراعًا بين نهجين، الاول يريد الإستمرار في سياسات ما بعد 11 سبتمبر الدموية والعسكرية، وآخر يريد أن يخرج من هذه الأحداث أسبابًا ونتائج عبر تغيير جدي في السياسات الأميركية، من الصعب الحديث عن نجاح أي من النهجين اليوم، كأن الأمر متعلق بمجموعة شروط أهمها أن يكون للعرب والمسلمين موقفًا مؤثرًا في الخيارات الأميركية نفسها، وأن يشكلوا ضغطًا موازيًا للضغط الصهيوني حتى يمكن لمن يدعو إلى مراجعة أميركية بالسياسات في المنطقة أن يجد ثمنًا له في مواجهة سياسات المحافظين الجدد- القدامى الذين ما زالوا يطمحون مجددًا الى الاستيلاء على القرار الأميركي.
ويؤكد بشور بالنسبة للحريات وحقوق الانسان في منطقتنا أن الامور لم تتغير كثيرًا، فالحريات وحقوق الإنسان كانت دائمًا شحيحة إذا لم تكن غائبة، ولكن الذي جرى أنه بعد أن رأت الأنظمة العربية أن هذه الحريات وحقوق الإنسان قد تراجعت حتى في "دول المنشأ" باسم قوانين مكافحة الإرهاب، فقد استمدت أنظمتنا من هذا التقهقر في موضوع حقوق الإنسان والحريات العامة على المستوى العالمي، مددًا لكي تواصل سياساتها في قمع الحريات العامة وحقوق الإنسان مستفيدة من هذا التبدل في مناخ الدول الغربية تجاه هذه القضية.
ويتابع بشور بان التوقعات مرهونة بالأفعال، اذا واصل العرب كأنظمة سياساتهم الراهنة القائمة على التشرذم والتضعضع والنكايات المتبادلة والإذعان للإملاءات الخارجية، فأعتقد أن الأوضاع ستسوء بالنسبة للقضايا والمصالح العربية، أما إذا استفاق المسؤولون العرب من غفوتهم الطويلة، وصمموا على تجاوز خلافاتهم وبناء تضامنهم واحتضان المقاومة العربية في فلسطين والعراق ولبنان فإنهم يستطيعون أن يحولوا مسار الأحداث لصالحهم خصوصًا أن تحولاً ملحوظًا بدأ يظهر على مستوى الرأي العام العربي تجاه قضايانا وهذا ما شهدته تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة من تحركات على المستوى العالمي، وهذا ما تعبّر عنه كل حين ملتقيات ومؤتمرات عربية عالمية تنعقد في هذه العاصمة او تلك، وتضم حشدًا غير مسبوق من القوى الحيّة في المنطقة والعالم.
يقول الدكتور صلاح حنين (نائب سابق واختصاصي في الشؤون القانونية) إن 11 سبتمر كانت انعكاساته الأولى التدخل في أفغانستان والعراق، والتأثير المباشر ل11 سبتمبر كان على سياسة الولايات المتحدة الأميركية وتصرفات الأحزاب والمنظمات المسلحة، أي على موضوع حزب الله وحماس، عندما جرت قضية العراق التي هي أهم تدخل او تأثير مباشر بعد 11 سبتمبر، خلقت جوًا سياسيًا جديدًا في المنطقة، ومنذ ذلك الحين نعيش في المنطقة ذيول هذا التدخل، ووصلنا الى مرحلة لم نعد فيها نفكر بنتائج 11 سبتمبر بقدر ما الاميركيون يفكرون بمعالجة موضوع العراق والانسحاب منه.
ويتابع" لا أعرف ما كانت أهداف الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة التي أطلقتها بعد 11 سبتمبر انما بعدما تعثرت سياستها في العراق اصبح الإهتمام اليوم كيف الخروج من العراق، اما الحريات والحقوق العامة، فان تصرف الصحافي العراقي تجاه جورج بوش وهنا انا لا اؤيده، لكنه دليل على ان من كان يستطيع ان يعبّر عن رأيه أصبح اليوم بمقدوره ذلك، وأصبح هناك كسر لطوق الرعب والكبت الموجود سابقًا.
وفي اميركا كانت هناك تعديات كبيرة لموضوع حقوق الإنسان، وفي المنطقة هنا شهدنا انطلاقًا لشيىء ما بحاجة الى تنظيم، وكل هذه المواضيع مستقليبًا لن تعرف ترجمة فعلية وإيجابية إلا إذا سعينا في موضوع السلام، وهو القاعدة لسياسات المعالجة، وإذا لم يُعالج هذا الموضوع من قبل أميركا بشكل جدي وإذا لم تتبن الشعوب العربية العدالة، سنبقى ضمن المشاكل ذاتها.
تؤكد المحامية بشرى الخليل (محامية الرئيس العراقي صدام حسين السابقة ) أن كل ما جرى في المنطقة بعد أحداث 11 سبتمبر هو من تداعياتها سواء في العرق او في فلسطين او في لبنان، حرب تموز وحرب العراق وغزة والحرب ضد سورية، و" برأيي الشخصي انا ضد ما جرى في أميركا في 11 سبتمبر، لأن الاشخاص الذين استهدفوا هم مدنيون أبرياء، إضافة الى ان المجتمع المدني الاميركي مساند لقضايانا، اما تداعيات ما جرى فقد قامت اميركا بجرائم أكبر بكثير من جريمة 11 سبتمبر كردة فعل، واقتصت من غير القتلة، فكنا نحن ضحاياها، 4 ملايين عراقي تشردوا، ما يفوق المليون عراقي قتلوا، أُعدم رئيس بلد عربي، حرب تموز الخ.
اما الحريات العامة وحقوق الإنسان فتقول بعد أحداث ابو غريب هناك مطالبة بمحاكمة بوش، لان ما حصل انتهاك لحقوق شعب بكامله، وفي البلدان العربية انتهكت حقوق الشعوب على أيد تابعة لاميركا".
وتتابع "في المستقبل لا بد أن يطلع الفجر على المنطقة، لأن الظلامات في التاريخ كانت تتكثف ثم تنجلي، وتشهد بعدها ردة فعل ايجابية."