قراءات

المائة كتاب

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
من الثمار الطيبة لثورة المصريين في الخامس والعشرين من يناير هبوب رياح الإصلاح على الشأن الثقافي الرسمي، بدا الأمر واضحا للعيان من خلال الاختلاف الجذري لإصدارات مشروع مكتبة الأسرة الذي تتولاه وزارة الثقافة ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب ومشاركة بعض الوزارات الأخرى ودور النشر الخاصة وبعض جمعيات المجتمع المدني، حيث توقف المشروع عن تجميع افتتاحيات الصحف القومية ونشرها في كتب باسم رؤساء تحريرها الموالين قلبا وقالبا لأي نظام يتولى أمور الحكم في البلاد! وبدأ نشر الأعمال ذات القيمة الفكرية والإبداعية، فبضع سنوات تكفلت بصنع مكانة لمشروع بدأ منذ تسعينات القرن الماضي وكادت أن تودي به المحسوبية والفساد. ومن الثمار الطيبة أيضا تولي بعض الأدباء والمثقفين رئاسة تحرير مطبوعات وسلاسل تصدر عن وزارة الثقافة، أسماء ذات موقف واضح من السلطة الديكتاتورية، وأنجزت كل مشروعها الإبداعي باستقلالية تامة رافضة الانضواء تحت راية المؤسسة، من أبرز الأسماء يأتي الشاعر والمترجم رفعت سلام بتوليه رئاسة تحرير سلسلة آفاق الترجمة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، إحدى هيئات وزارة الثقافة المصرية، وكان تفاؤل المهتمين في محله إذ أصدرت السلسلة عددا من الكتب الهامة مثل (أقنعة بارت) ورواية (الثور) للصيني صاحب نوبل مويان، و(فلسفة الفن)، و(قصائد سان جون بيرس) وغيرها من العناوين الهامة. ثم أحدث الشاعر تطويرا للسلسلة بأن أقر داخلها ما عُرِف باسم سلسلة (المائة كتاب)، الغرض منها أن يُتَرْجمَ إلى العربية أفضل مائة كتاب حسب القوائم الصادرة عن مراكز بحثية وأكاديمية لها ثقل ومصداقية، وفي لفتة شديدة الذكاء، أنشأ الشاعر صفحة على الفيس بوك باسم السلسلة، ودعا المهتمين إلى استبيان، يقدم خلاله كل مشارك قائمة بعشرة عناوين لكتب يراها مهمة وتستحق الترجمة للعربية، ليتم بعدها فرز القوائم وعمل قائمة من مائة كتاب أدبي، مرت خلالها العناوين باختبارين اختبار الإجماع من قبل المشاركين في الاستبيان، ثم اختبار وجود هذه العناوين في قوائم أفضل الكتب الصادرة عن مراكز بحثية وأكاديمية سبق الإشارة إليها، بالفعل استقرت أسرة التحرير على العناوين وأصدرت منها حتى هذه اللحظة سبعة وعشرين كتابا، سعت السلسلة لتحقيق عدة أهداف، منها إصدار كتب لم تترجم للعربية من قبل مثل رائعة كالفينو (لو أن مسافرا في ليلة شتاء) ورواية ديدرو (جاك القدري)، هدف آخر تمثل في تشجيعها للمترجمين، وفرت لهم الدافع للإقدام على ترجمة أعمال خالدة مثل رواية (آل بودنبروك) لتوماس مان.. فحتى وإن كان لهذه الأعمال ترجمات قديمة متداولة ومعتمدة فليس هذا مبررا لإغلاق باب الاجتهاد في الترجمة، بيد أن الكثيرين أخذوا على السلسلة عدم توحيد التوجه، فهناك أعمال لها ترجمات متوفرة وتم عمل ترجمات جديدة لها (آل بودنبروك) وهناك أعمال تم إدراجها في السلسلة ونشرها بترجمات سابقة ومتاحة (مائة عام من العزلة) صدرت بترجمة صالح علماني &- وفي لفتة كريمة من المترجم تنازل عن حقوقه في الترجمة لعلمه أن السلسلة تصدر عن دار نشر حكومية وتقدم خدمة مدعومة للقراء &- غير أن هذا الرأي مردود عليه، فالأمر تحكمه أمور عدة منها توافر المترجمين، ومن منهم له القدرة على الإنجاز وفق سياسة النشر الخاصة بالسلسلة الحكومية، ولأن العمل كله يتم في إطار من تداول الرأي وسياسة أقرب ما تكون من العمل التطوعي؛ لا يستطيع رئيس التحرير أن يوفر مترجمين لكل كتاب مطلوب إصداره، فالأمر منوط بقبول او رفض المترجم، وأظن أنه لو كان هناك من المترجمين عن الإسبانية من أبدى موافقته للعمل؛ لصدرت (مائة عام من العزلة) بترجمة جديدة. ملاحظة أخرى وُجِّهت للسلسلة بصدور الكتاب الثاني عشر بعنوان موت إيفان إيليتش للروائي العظيم تولستوي، بررت مقدمة الكتاب عدم اختيار عمل عظيم مثل الحرب والسلام أو آنا كارنينا للملابسات التي صاحبت صدور الترجمة العربية للعملين وعدم وجود اسم مترجم أو حتى مجموعة مترجمين على العمل يتحملون تبعات النشر، وكأن الأمر تنصل من مسئولية وإشارة خفية إلى عدم الأمانة أو فلنقل عدم الدقة في الترجمة، بيد أن هذا العدد تحديدا جاء كالنغمة النشاز في السلسلة التي بدت وكأنها انحرفت عن فكرة أفضل الكتب إلى خيار أفضل الكُتَّاب، فكان تولستوي حاضرا باسمه لكن ليس بافضل كتبه! ثم نأتي إلى آفة مزمنة في بلادنا أعني غياب التنسيق، ليس فقط على مستوى الجهات المتباعدة، بل وأيضا على مستوى الجهات العاملة في حالة من التجاور الاسمي والمكاني فقط لا على المستوى العملي.. ظهر الأمر جليا في تزامن صدور رواية (الأشياء تتداعى) للنيجيري تشينوا آتشيبي في السلسلة وفي مشروع مكتبة الأسرة وكلاهما تابع لوزارة الثقافة، والأمر ذاته حدث مع رواية (زوربا) لنيكوس كازنتزاكيس، تزامن صدور الرواية في السلسلة مع صدورها عن المركز القومي للترجمة! بالرغم من ذلك لا يستطيع أن ينتقص أحد من قيمة السلسلة وأهميتها إذ تلوح نقطة مضيئة في مجال النشر الأدبي، مع الأخذ في الاعتبار السعر الزهيد. عمل بطولي بحق إذا تأملنا الظرف العام والخاص لنشأة السلسلة وتقدُّمها، إذ بدأ العمل وقت حراك سياسي وقعقعة عالية شهدتها مصر وقد صرفت كل مواطن عن عمله وأغوته بمتابعة الحدث اليومي الساخن، والظرف الخاص المتمثل في ضغوط نفسية وإنسانية قاساها المبدع والمترجم رفعت سلام حتى وقت قريب، ولم تمنعه من العكوف على تطوير السلسلة واستحداث سلسلة المائة كتاب دون أن يهمل مشاريعه الخاصة في الشعر إبداعا وترجمة؛ فقدم خلال هذ الفترة ترجمتين الأولى الأعمال الكاملة لرامبو والثانية ترجمة كاملة لأشعار والت ويتمان.&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

ثم أحدث الشاعر تطويرا للسلسلة بأن أقر داخلها ما عُرِف باسم سلسلة (المائة كتاب)، الغرض منها أن يُتَرْجمَ إلى العربية أفضل مائة كتاب حسب القوائم الصادرة عن مراكز بحثية وأكاديمية لها ثقل ومصداقية،)) << هو بيترجم لكن الترجمه الجديده وهذي كلماتها ضحله وسطحيه لكن الترجمه القديمه كلماتها أعمق ومعبره اكثر وقويه بصراحه "" القديم أحلى ونادر وغالي "" القديم يكسب في كل حالاته "" على العموم يشكر على المحاوله ""

..
محمد -

يبدو أن الكاتب يعاني من عقدة المصرنة، وهذا واضحٌ في حديثه عن المترجم صالح علماني، وتسفيه موقف صالح من تنازله عن حقوقه كمترجم لطبعة تستهدف من لا يتستطيعون تحمل تكاليف الطبعات الأخرى، كما هو الحال في حديثه عن ترجمات الحرب والسلام وآنا كارنينا، فالكاتب تجاهل ترجمة السوريين سامي الدروبي وصياح الجهيم من منشورات وزارة الثقافة السورية، ودار الفكر العربي في لبنان، يبدو أن هذه العقدة مصاحبة للأنا التيتضخمت لدى بعض الكتاب المصريين منذ التسعينات وتزايدت بشكلٍ مقزز ومنفر بعد نجاح ثورة يناير، للأسف لا يبدو الجهل هنا واضحاً بقدر ما هو الصلف والغرور وادّعاء ألا فضل لأحدٍ إلا إن كان مصرياً!