قراءات

من كواليس إيلاف: الدكتور إحسان الطرابلسي كاتب مُختلَق

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في بحر عام 2003، بدأنا ننشر لكاتب اسمه د. إحسان الطرابلسي، عرّفَ نفسه كأكاديمي لبناني يعيش في كاليفورنيا. ومن شدة اعجابي بمقالاته، كتبت له ايميل طالبا منه أن يعطيني رقم هاتفه لكي أتصل به حتى ندردش في بعض الأمور. جاءني جوابه بالرفض، مبررا أنه أخرس وأطرش وليست له وسيلة تواصل سوى الكتابة، وأنه معجب بكتاباتي، وكأنه يعرفني منذ سنوات! صدقته، لكنني شعرت بحزن إزاءه: "معقول! أخرس وأطرش وله هذا الأسلوب الأجيج؟" المهم، اقتنعت بجوابه، وواصلت نشر ما يأتيني عبر ايميله... وإذا، بعد مرور أسابيع على رسالتي، وصلتني مقالة الدكتور الراحل شاكر النابلسي الأسبوعية، عن طريق ايميل إحسان الطرابلسي. شربوكة! أنشأت أتساءل مستغربا ما علاقة النابلسي بالطرابلسي؟ لكن سرعان ما اتضح لي أن المسمى إحسان الطرابلسي هو في الحقيقة صديقنا الدكتور شاكر النابلسي! وإن لا وجود لإحسان الطرابلسي، وإنما هو مجرد اسم اختلقه النابلسي، كما يفعل أي كاتب آخر ليمرر ما لا يستطيع كتابته وقوله باسمه الصريح. وأدركتُ عندها السبب وراء تكرار طرابلسي في مقالاته عبارة: "... كما قال شيخ الليبراليين العرب الدكتور شاكر النابلسي"! مهما يكن من أمر، فإن، النابلسي أدرك أن حقيقة الطرابلسي انكشفت... وهذا ما كان لا يتمناه. لذلك، اعتبارا من تلك اللحظة، كفّ إحسان الطرابلسي عن الوجود، فلم تصل، بعد، أية مقالة موقعة باسم الطرابلسي لا لإيلاف ولا لموقع آخر. لا أعرف لماذا، لكن حين اخبرت آنئذ صديقي الراحل العفيف الأخضر بالأمر، ضحك وقال لي، للمزاح، ربما النابلسي شعر بالمنافسة من مخلوقه، فقضى عليه، خصوصا أن عدد قراء الطرابلسي كان يتجاوز أحيانا عدد قراء النابلسي!&الكتابة باسم مستعار شائعة خصوصا في الانترنت. لكن، للأسف، ليس على طريقة النابلسي الذكية والبارعة. فالآخرون يوقعون بأسماء مستعارة فقط للانتقام الشخصي من كاتب آخر، أو من شخص لا يتفق معهم، وبلغة فجة وثقيلة الدم. بينما النابلسي، كانت مقالاته الموقعة باسم الطرابلسي، تمس مواضيع شائكة جريئة واضعة القلم على الجرج كما في مقالته النارية عن قناة "الجزيرة" التي اعتبر ظهورها "منذ 1996 قد ساهم في نشر الظلام العربي وزيادة نسبة البلهاء والدهماء والغوغاء في العالم العربي الذي يصوّتون على أسئلة لا يجيدون قراءتها في استفاءات الجزيرة التي لا تختلف أبداً عن استفتاءات الديكتاتوريات العربية"! وكانت مقالاته تثير اعجابَ القراء بنبرتها الحادة، وبلغتها المباشرة الصدامية ذات الأسلوب الساخر، وقد تفاعل معها القراء بتعليقات تتراوح بين المدح والذم...، وبعضها كاد، أحيانا، يسبب لنا مشاكل، كمقالته حول مقتل ناجي العلي التي بسببها اتصل محمود درويش بناشر إيلاف لكي تحذف وإلا سيتقدم بشكوى... في الحقيقة كان الدكتور شاكر النابلسي كاتب مقال من الدرجة الأولى في انتظاره آلاف القراء، ووجد في "إيلاف" المنبر المثالي لإذاعة أفكاره، وكان لديه الكثير ليقوله، لكنه كان مهذبا في مقالاته، بينما المعركة من أجل ليبيرالية عربية جديدة كانت في حاجة إلى أسلوب حاد ومباشر، فكان احسان الطرابلسي هو معول اللغة في الواجهة! وهكذا يلتقي النقد المهذب والنقد المنفلت في شأوٍ موحد.هنا مقالة كنموذج لهذا الكاتب المنعدم الوجود الدكتور إحسان الطرابلسي، والغريب في هذه المقالة المنشورة في "إيلاف" يوم الأربعاء المصادف 27 تشرين الأول (اكتوبر) 2005، دقّة تشخيصها التي يجعلها أكثر راهنيةً من أي وقت مضى، إذ يكفي وضع اسم نتنياهو بدل شارون، حتى تبدو وكأنها كتبت اليوم.&د. إحسان الطرابلسيها أنا عارٍ أمامك، فارجموني!بدأت اسرائيل حملة عسكرية على غزة وجنين وربما مناطق أخرى في الضفة الغربية، نتيجة للعملية الانتحارية الارهابية التي قام بها عنصر من عناصر "الجهاد الإسلامي" في مدينة الخضيرة الاسرائيلية وقتلت خمسة من المارين في الشارع، ظنا من "الجهاد الإسلامي" بأن مثل هذا العمل سوف يعيد فلسطين من البحر إلى النهر ويقضي على اسرائيل بجرة قلم كما طالب أمس الأحمق احمدي نجاد رئيس الحكومة الايرانية المهددة بلاده الآن من الطرد من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي نتيجة لهذه الحماقة السياسية.&و"الجهاد الإسلامي" تعلم علم اليقين بأن كل يهودي يُقتل سوف يذهب مقابله عشرات الضحايا من الفلسطينيين اضافة إلى عرقلة المباحثات بين عباس وشارون. وهذا هو ما تريده "الجهاد الإسلامي" وغيرها من الفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة.&فـ "الجهاد الإسلامي" ليست معنية بدماء الفلسطينيين التي تضيع هباءً ومجاناً، نتيجة لأعمالها الارهابية التي تؤخر ولا تقدم، ولكنها معنية بالدرجة الأولى بأن لا يتحادث عباس مع شارون، وأن يمتنع شارون عن مقابلة عباس، لأن "الجهاد الإسلامي" والفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة ضد عملية السلام ككل ومن حيث المبدأ. لذا فقد حرصت "الجهاد الإسلامي" مشكورة، وبلحى زعمائها المخضبة بالحناء والبخور، أن تنسف كل بارقة أمل وكل خطوة نحو السلام، ونحو بناء الدولة الفلسطينية العلمانية بقيادة عباس.&محمود عباس هو الملوم كل يوم من قبل شارون عن عدم قدرته على تصفية الارهاب الفلسطيني الأصولي الديني. وشارون يعلم بأن عباس صاحب العين البصيرة واليد القصيرة، قاصر بإمكاناته السياسية والعسكرية والمالية على القضاء على الارهاب. كما أن الدول العربية فرادى وجماعات قاصرة على تصفية الارهابيين في لبنان والعراق والسعودية والمغرب واليمن والجزائر ومصر وغيرها. واسرائيل هي القوة العسكرية الوحيدة الضاربة التي تستطيع أن تنـزع شوكها بيدها وأن تنـزع شوك العرب أيضاً.&&فلماذا يا خواجه شارون هذا اللوم، وهذا العتب، وهذا التأنيب لمحمود عباس ليلاً نهاراً، وأنت العارف بالبئر وغطاها، كما يقول المثل الفلسطيني؟&لا أحد في فلسطين وفي غزة وفي الضفة الغربية وفي العالم العربي قادر على لجم الارهاب للفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة غير اسرائيل. ولنقل ذلك بصراحة ووضوح. وبعد خمس دقائق من نشر هذا المقال سوف تأتيني عشرات الرسائل الشاتمة المتعنترة المكذبة لقولي، والداعية إلى الجهاد والكفاح المشلّح وليس المسلّح. الكفاح المشلّح من كل القيم الأخلاقية والانسانية.&&فعلى بركة الله. وليبقَ الثور العربي يدور حول ساقية الكذب والعنجهية والمكابرة والهيجاء ودفن رأسه في الرمال إلى أبد الآبدين.&لقد سبق لإدوارد سعيد أن تساءل في معارضته للكفاح المسلح وانتفاضة الأقصى المسلحة:&كيف يمكن طلب الحياة بالقضاء على الحياة؟وتساءل أيضاً:&إن فلسطين كانت المعنى الآخر للحرية الإنسانية. فهل ما زالت كذلك حتى الآن بعد أن لوّث اسمها الارهاب بدماء الأبرياء من الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي؟&ودعا الفلسطينيين إلى ما أطلق عليه "السمو الأخلاقي"، إذا أرادوا أن يقف العالم معهم لبناء دولتهم المستقلة.&ويا خواجه شارون، أنت أعلم بالحال الفلسطيني وغني عن السؤال، فكفّ عن لوم عباس القاصر المقصور وصاحب اليد المغلولة إلى عنقه، والذي لا يستطيع سجن، مجرد سجن عنصر من عناصر الفصائل الدينية الفلسطينية الأصولية المسلحة، فما بالك بالقضاء على الارهاب؟&ويا أهل العروبة والهيجاء والفداء في الغناء، ها أنا عار أمامكم وأمام الحقيقة، فارجموني كما شئتم، وعلى الحقيقة السلام.&&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف