نشيد عصام رجب .. حزن شخصي على الوطن
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
إذا كان الشاعر ، وحده ، يملك سر التمرد على قوالب التعبير ؛ فذاك ما يختزنه عصام عيسى رجب في نشيد حزنه الشخصي عن الوطن . فالنشيد الذي &يسرد تعب الحزن المتجدد منذ &بداية القصيدة بـ(وكلما) هو صراع باطني، يطرد هاجس الكفر الوشيك بالوطن &مسنودا &بالحنين والذاكرة والآخرين ، وبما يكون كافيا لاستعادة وطن شخصي للشاعر ، وطن حزين لكنه محبوب:( وكُلْ مَا تِعِبْتَ/ أقُولْ ياخِي سِيِبَكْ/ بِلادْ اللهْ واسْعَةْ).تسييل الحزن الفائض عن اليأس من الوطن هنا ، لا يتوخى حالة وطنية ، بل هو تسوية شخصية بين الشاعر وضميره ، وربما تعويض عن عجزه الفردي بتمثل واستبدال ملاذ الوطن المستعاد من الصبا والمخيلة عبر صوت النشيد الذي يعيده إلى الوطن :&(يَضِيقْ بَيْ نَشِيدِي / ويَقُولْ لَيْ عِنْدَكْ / دِيْ مَا يَاهَا البِّلَادْ / البَدِيِرْ لَيْهَا / ضَهْرَ القَصِيِدَةْ) .&فالبلاد التي يحبها عشيقها (عشوقا) ولا يقدر على تركها للحظة من لحظات الضم المستمر، لا يمكن أن تكون سببا لهاجس التخلي واليأس في الغربة ؛ إنها فقط وجه القصيدة (لا ظهرها) الذي يواجه به الشاعر حزنه ، فيما سبب الحزن هو لحظة استثناء طويلة لغرباء اغتصبوا الوطن، وتمادوا في اغتصابه :(عَشُوُقَا البِّرِيِدَا / ومِا بْسِيِبَا ضَمَّةْ /عَشَانْ مَرَّةْ طَيْرَاً / وتَبْ مَا هُو طَيْرِكْ /غِشَاكْ غَفْلَةْ مِنِّكْ / ومِنْ نَّاسْ هَلُمَّةْ)&غشيان الطير الغريب للبلاد في غفلة منها ومن &أهلها ، لا يمكن أن يجعل الشاعر يكفر بالوطن ؛ لهذا ينتقل الشاعر بين ضميرين &في مقطع واحد (المقطع الثاني) : ضمير النشيد وضمير الشاعر الذي يمتد إلى المقطع الثالث ، لينتقل الضمير من ذات الشاعر إلى البلاد المخاطبة &في قوله (وتَبْ مَا هُو طَيْرِكْ) معطوفا عليها أناسها الكثر الطيبين : (ومِنْ نَّاسْ هَلُمَّةْ) الذين يحبون البلاد الحنينة مع الشاعر :(بِيَحِبُّوُكِ حَدَّ الجُّنُونْ / يَاحَنِيِنَةْ).إن الحزن الشخصي يبعث شجنا صافيا في تصوير مجاز البلاد ومكانتها في قلب الشاعر ومواطنيه الطيبين كما لو أنها حيازة شخصية حميمة ، لكن ذلك المكان الحميم يسرقه الغرباء أخذا ، أثناء نوم المواطنين :&(بَسْ نَامُوُا عَنِّكْ / وشَالَوكِي أوْلَاد اللَّذِينَ)إن تعبير &" أولاد الذين " (ترخيم محَّرف في العامية السودانية من أبناء الزنى) يكثف خلاصة حسرة وغضب الشاعر كـ" قفلة " يكتمل بها النص لينفث عنه حالة الحزن الخاص على الوطن. في هذا النص القصير لعصام عيسى رجب ، والذي وضع له الفنان السوداني المبدع هشام كمال لحنا شجيا ، تعكس القصيدة والاغنية معا لونية هجينة في التعبير ، أبدع عبرها الفنان هشام كمال في تصميم لحن من وحي النص كحالة ملتبسة للحزن على الوطن بمزاج شخصي جدا . وهو لون لا ينحو إلى الأغنية الوطنية من ناحية &ولا إلى الوجدانية من ناحية ثانية ، بل يمزج غناءً فريدا يسمح ببكاء خاص على الوطن.&& &التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف