"كرويف كرواتيا" يضع كأس أوروبا 2016 نصب عينيه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قبل ان يصبح نجما في الملاعب الاوروبية والعالمية، كان لوكا مودريتش الملقب ب"كرويف كرواتيا" طفلا لاجئا تعلم فنون الساحرة المستديرة بمراوغات ومداعبة الكرة بمرآب سيارات تحت اصوات القنابل التي كانت تسقط بالقرب من مكان اختبائه وعائلته في حرب البلقان الاهلية في التسعينيات.
عاش مودريتش طفولة مرعبة في حرب البلقان، حيث فقد جده وتهجرت عائلته من قريتها عندما كان بعمر السادسة. وبرغم تفضيله عدم التطرق الى هذا الموضوع، قال لصحيفة "دايلي تيليغراف" في 2008: "هذا ما صنع مني الشخص الذي ترونه اليوم. انا اقوى اليوم لكني لا احب التركيز على ذلك. لا يفاجئني شيء اليوم وانا على استعداد لمواجهة اي طارىء".
ويتذكر ميودراغ باونوفيتش احد مدربيه الاوائل في فريق ان كاي زادار، بدايات الطفل الموهبة بقوله: "طفل نشيط يربط علاقات مع الاصدقاء بسهولة. كان طفلا مثل باقي الاطفال حتى اللحظة التي يستحوذ فيها على الكرة"، مضيفا "وسط 200 طفل، كان يعرف كيف يتخلص من الجميع منذ البداية. كان واضحا انه سيصبح لاعبا رائعا، انه موهبة طبيعية ولكنه يعمل بشكل كبير".
يقول عنه قائده في ريال مدريد الاسباني سيرجيو راموس "انه لاعب حاسم له دور كبير في الانتصارات التي نحققها"، مضيفا "لم يلق ابدا الاشادة التي يستحقها، لكنه هو العمود الفقري لفريقنا".
ساهم مودريتش بشكل كبير في تتويج النادي الملكي بلقبيه العاشر والحادي عشر في مسابقة دوري ابطال اوروبا عامي 2014 و2016، واوضح انه سيحاول استغلال هذه المعنويات العالية ليكون أكثر أهمية بالنسبة لمنتخب بلاده الذي يتطلع الى تحسين أفضل نتائجه السابقة في المسابقة القارية والتي كانت الدور ربع النهائي في عام 1996 و 2008.
يأمل مودريتش في اعادة منتخب بلاده الى الواجهة الدولية اقله على غرار 1998 في مشاركتها الاولى في فرنسا عندما حلت ثالثة تحت اشراف المدرب ميروسلاف بلازيفيتش.
ويبدو ان طموح مودريتش لا حدود له لانه يؤمن بقدرة منتخب بلاده على الذهاب حتى النهاية في كأس اوروبا 2016، شرط ان تستهل مشوارها في النهائيات التي تحتضنها فرنسا بافضل طريقة ممكنة.
وقعت كرواتيا في مجموعة قوية هي الرابعة الى جانب اسبانيا حاملة لقب النسختين الاخيرتين وجمهورية التشيك وتركيا، لكن هذه المنتخبات الثلاثة ستتوخى الحذر كثيرا من خط وسط "برازيليي اوروبا" بقيادة مودريتش ونجم برشلونة أيضا إيفان راكيتيتش وثنائي انتر ميلان الايطالي إيفان بيريسيتش ومارسيلو بروزوفيتش ولاعب ريال مدريد الاخر ماتيو كوفاسيتش. لكن الانظار والامال ستكون معقودة على مودريتش.
كان عمره 22 عاما فقط عندما بات ثاني كرواتي فقط ضمن التشكيلة المثالية في الكاس القارية بعد عروضه الرائعة في نسخة 2008.
وبعد كأس العالم الاخيرة في البرازيل، اختير مودريتش ضمن التشكيلة المثالية للاتحاد الدولي للعبة "فيفا".
يدرك مودريتش ان منتخب بلاده يعتمد عليه: "شخصيا، لن اقلل من تقييم منتخب كرواتيا. لعبنا دوما جيدا في المسابقات الكبرى، أكان في كاس اوروبا أو كأس العالم. نحن في مجموعة صعبة ونأمل تخطيها".
صانع العاب لديه رؤية ثاقبة، تمريرات دقيقة، سيطرة على اللعب ولياقة دفاعية وهجومية اوصلته الى نجوميته. لقب نجم دينامو زغرب السابق بكرويف الكرواتي، نظرا للشبه الجسدي والفني بينهما.
بضحكته الخجولة، صوته الرفيع وتحفظه المعتاد يخوض مودريتش كأس اوروبا بطموح كبير. نشأ لوكا الصغير على ضفاف بحر الادرياتيك، وتفتحت موهبته مع نادي ان كاي زادار في مدينة زادار مسقط رأسه وخامس مدينة في كرواتيا، لكن كشافي الاندية الكبيرة لم يتأخروا في سحبه الى العاصمة وتحديدا الى دينامو زغرب وهو لم يتجاوز السادسة عشرة.
بعد سنة أمضاها مع فريق الناشئين، أعير مودريتش الى اندية صغيرة كي يبدأ في تكوين نفسه، فانطلقت مسيرته رسميا عام 2003 في صفوف زرينيسكي موستار البوسني، حيث سطعت نجوميته مسجلا 8 اهداف في 22 مباراة، وانتخب بجدارة افضل لاعب في الدوري البوسني.
عاد مودريتش بعدها الى "برفا" أي دوري الدرجة الاولى الكرواتي، حيث أعير هذه المرة الى ناد محلي هو انتر زابريسيك، لينتشله من تواضعه ويوصله الى وصافة دوري 2004-2005، ورغم عدم تسجيله سوى 3 اهداف في 18 مباراة، سمي "امل" الكرة الكرواتية نظرا لادائه المميز.
عام 2005 كانت البداية الجدية لمودريتش، وفيها خبر دينامو زغرب جيدا طاقته، فوقع معه عقدا ربطه لمدة 10 سنوات!
وفي الموسم ذاته فتح منتخب تحت 21 سنة ابوابه للاعب الصاعد حيث امضى سنة واحدة قبل ان يثبت اقدامه مع المنتخب الاول بمواجهة الارجنتين (3-2) في اذار/مارس 2006 تاركا بصماته الفريدة.
كان لوكا يافعا في تشكيلة المدرب زلاتكو كرانيكار خلال كأس العالم 2006، فشارك بديلا بمجموع 30 دقيقة في مباراتي اليابان واستراليا.
أضحى مودريتش معبود جماهير دينامو، انهمرت الالقاب، اثنان في الدوري وواحد في كاس الاندية المحترفة والكاس السوبر، فاستحق شارة القائد بعمر ال22.
بقي "مودري" عملاقا محليا ومجهولا اوروبيا، الى ان خاض تصفيات دوري ابطال اوروبا موسم 2006-2007 فلفت نظر مدرب ارسنال الفرنسي ارسين فينغر صاحب العين الثاقبة، لكن تصفيات كاس اوروبا 2008 التي خاض فيها 11 مباراة من اصل 12 كانت منعطفا هاما في تحوله أكثر النجوم طلبا من الاندية الكبيرة.
طالت اللائحة اندية برشلونة وريال مدريد في اسبانيا وصولا الى انتر ميلان الايطالي وبايرن ميونيخ الالماني اضافة الى اندية المقدمة في انكلترا حيث كان تشلسي الاقرب للحصول على خدماته في ديسمبر 2007 لكن خلافات على مبلغ الصفقة ابقته في زغرب.
عاش مودريتش اصعب فترات حياته بعد خيبة أمله بعدم الانتقال الى تشلسي رافقها تراجع في مستواه حوله من معبود للجماهير الى كائن غير محبوب في الفريق.
حاولت الفرق المتوسطة اصطياد مودريتش في هذه الفترة، فكان على مشارف الانضمام الى نيوكاسل يونايتد الانكليزي غير ان رغبة مدرب توتنهام هوتسبر الاسباني خواندي راموس حينها وضعت حدا لكل الطامحين، ليتحول مودريتش من العاصمة الكرواتية الى نظيرتها الانكليزية مقابل 21 مليون يورو
انتقل الى ريال مدريد مقابل 44 مليون يورو في 2012. عرف موسما اول كارثيا مع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، لكن خيبة 2013 ارتدت ايجابا على 2014، فنجح صاحب البنية الجسدية الهزيلة والقيمة الكروية العملاقة بفرض نفسه اساسيا في تشكيلة الايطالي كارلو انشيلوتي، وكان احد ابرز الممررين للبرتغالي كريستيانو رونالدو، فحصل على شرف انشاد اسمه في مدرجات ملعب "سانتياغو برنابيو" وهي ميزة لا يحصل عليها سوى الكبار، خصوصا بعد تمريرته الحاسمة لراموس في الدقيقة 93 من المباراة النهائية لمسابقة دوري ابطال اوروبا امام اتلتيكو مدريد والتي ادرك منها التعادل قبل قلب الطاولة في التمديد (4-1) واحراز لقب العاشرة.