منتقدة إعلاء المصالح المادية على صحة الأطفال
الأمم المتحدة تهاجم أساليب التسويق "غير الأخلاقية" لبدائل حليب الأم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جنيف: دانت الأمم المتحدة الأربعاء الاستراتيجيات التسويقية "غير الأخلاقية" التي يعتمدها مصنعو المنتجات البديلة عن حليب الرضاعة، متهمة هذه الجهات بأنها "تعلي مصالح المساهمين فيها على مصلحة الأطفال والصحة العامة".
لطالما شجعت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) النساء على الرضاعة الطبيعية لما لها من فوائد صحية طويلة الأمد للأم والطفل.
لكنّ تقريراً لم يسبق نشره أعدّ بتكليف من هاتين المنظمتين خلص إلى أن الجهات الفاعلة في القطاع، والتي تحقق إيرادات سنوية تبلغ 55 مليار دولار تنفق ما بين 3 و 5 مليارات دولار على حملات ترمي إلى التأثير على قرار الوالدين أو النساء الحوامل.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس "يُظهر هذا التقرير بوضوح أن تسويق حليب الأم لا يزال منتشرا بشدة ومضللا وعدوانيا".
وأوضحت كاثرين راسل التي ترأس منظمة اليونيسف منذ الأول من شباط/فبراير "نحتاج إلى سياسات وتشريعات واستثمارات قوية على صعيد الرضاعة الطبيعية لضمان حماية النساء من ممارسات التسويق غير الأخلاقية".
وقال طبيب الأطفال نايجل رولينز الذي أشرف على الدراسة لحساب منظمة الصحة العالمية، في مقابلة مع وكالة فرانس برس "نرى التسويق في كل مكان. نرى طرقا مختلفة تكون أحيانا شفافة، وأحيانا تكون أكثر تركيزا على المجال الرقمي وفي حالات أخرى يتم استهداف اختصاصيي الرعاية الصحية" بفعل قدرتهم على التأثير.
وشملت الدراسة إجراء مقابلات مع 8500 من الأهل والنساء الحوامل إضافة إلى 300 من المتخصصين الصحيين في 8 دول (جنوب إفريقيا وبنغلادش والصين والمغرب والمكسيك ونيجيريا والمملكة المتحدة وفيتنام)، تم اختيارهم ليكونوا ممثلين جغرافياً ومتنوعين إلى حد ما في ما يتعلق بنسب الرضاعة الطبيعية.
في المملكة المتحدة، تعرضت 84% من النساء اللواتي شملهن الاستطلاع لتسويق بدائل حليب الأم، فيما بلغت النسبة 92% في فيتنام و97% في الصين.
على الرغم من الفوائد الصحية المعروفة، فإن 44% فقط من الأطفال دون سن 6 أشهر يرضعون رضاعة طبيعية حصرية، وفق منظمة الصحة العالمية واليونيسيف.
وتؤكد الهيئتان الأمميتان أن "معدل الرضاعة الطبيعية في العالم زاد بشكل طفيف للغاية خلال السنوات العشرين الماضية، بينما تضاعفت مبيعات حليب الأطفال خلال الفترة نفسها تقريبا".
وأضاف رولينز "تقول الأمهات في كل أنحاء العالم إنهن يرغبن بتقديم الأفضل فقط لأطفالهم (...) وترى الجهات العاملة في الصناعة والتسويق فرصة تجارية في ذلك".
وأوضح أن "بكاء الطفل وعدم نومه أمر مؤلم للغاية للوالدين، ويستغل المصنّعون هذه اللحظات ليقولوا إن لدينا الحل لهذه المشاكل".
وشدد رولينز على أن حملات التسويق تعتمد في أحيان كثيرة على معلومات غير مؤكدة علميا ولا تستند إلى أي بحث قوي لكنها تتيح للشركات العاملة في القطاع زيادة أرباحها.
وأبدت منظمة الصحة العالمية واليونيسف قلقهما خصوصا من أن المصنعين يستهدفون العاملين الصحيين "الذين يتم الاتصال بهم للتأثير على توصياتهم للأمهات الجدد".
ويشمل ذلك مروحة واسعة من الخيارات بينها تقديم عينات مجانية وهدايا ترويجية وتمويل أبحاث وندوات، لكن أيضا تقاسم الأرباح في بعض الأحيان.
مع ذلك، شدد رولينز على أن الحل لا يكمن بسحب حليب الأطفال من المتاجر، فببساطة ليس لدى بعض الأهل أي خيار آخر. لكنه أبدى اعتقاده بضرورة إصدار تشريعات لتجنب الممارسات المسيئة والمضللة.
وقد اعتمدت جمعية الصحة العالمية، وهي الهيئة التقريرية العليا في منظمة الصحة العالمية، مدونة لقواعد السلوك منذ عام 1981 ولكن لم يتم تحويلها في كثير من الأحيان إلى تشريعات وطنية أو لم تدخل حيز التطبيق.
وتوصي وكالتا الأمم المتحدة أيضا ببرامج دعم للرضاعة الطبيعية، مثل منح أيام كافية من إجازة الأمومة، لكن أيضاً بمنع العاملين الصحيين من الحصول على رعاية من هؤلاء المصنّعين.
كما تطالب منظمة الصحة العالمية واليونيسيف المصنّعين بالالتزام العلني باحترام مدونة السلوك.
وعلقت "نستله"، الشركة الأولى عالميا في صناعة المنتجات البديلة لحليب الأم، مسبقا مؤكدة على أن ممارسات التسويق تختلف اختلافا كبيرا من مصنع إلى آخر.
وقالت المجموعة السويسرية العملاقة في مجال الصناعات الغذائية والتي تفخر باعتمادها على ممارسات تسويقية منظمة بشكل صارم بما يتماشى مع القواعد السلوكية المذكورة، إنها تؤيد "اعتماد قوانين بشأن تسويق حليب الأطفال في جميع البلدان"، مبدية الاستعداد لمناقشتها مع اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، من بين جهات أخرى، بحسب بيان أرسلته المجموعة إلى وكالة فرانس برس.
كما ذكّرت مجموعة "فيفي" بأنها لا تروج لبدائل حليب الأم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين صفر و 12 شهراً في 163 دولة، وأنها تنوي التوقف عن القيام بذلك في جميع أنحاء العالم للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين صفر وستة أشهر بحلول نهاية العام، ما سيطال بلدانا عدة بينها الولايات المتحدة واليابان وحتى كندا.