سعياً للوصول الى الحياد الكربوني بحلول العام 2050
أصحاب المليارات التمويلية يبادرون لالتقاط الكربون من الهواء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باريس: لا يزال رئيس شركة "نت زيرو" الفرنسية الناشئة مزهواً بفوزه أخيرا بجائزة مليون دولار، إثر مسابقة نظمها إيلون ماسك، وهي من بين مكافآت عدة يطلقها أصحاب المليارات وعمالقة الإنترنت لتسريع العمل بتكنولوجيا التقاط الكربون من الهواء.
ويدرك الخبراء المتخصصون في المناخ ضرورة التقاط كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون من الهواء في العالم للوصول الى الحياد الكربوني بحلول العام 2050، لأنّ الحد من انبعاثات غازات الدفيئة لن يكون كافياً. ورغم وجود آلات تتيح التقاط الكربون من الهواء إلا أن ثمنها مرتفع جداً.
لذلك، يتدخل القطاع الخاص في هذه المسألة كما فعل في البحوث المناهضة للقاحات وتطوير الطائرات الأولى.
الأعشاب البحرية تستطيع امتصاص الكربون من مياه المحيط السطحية
ويقول الرئيس التنفيذي لـ"نت زيرو"، وهي شركة فرنسية برزت دولياً في منتصف نيسان/أبريل بعد فوزها بإحدى الجوائز الخمس عشرة في مسابقة "إكس برايز كاربون ريموفل" للملياردير وصاحب شركة "تيسلا" إيلون ماسك، أكسيل رينو "إنّ جائزة بقيمة مليون دولار تعني الكثير بالنسبة إلى شركة ناشئة".
ويضيف أنّ هذا المبلغ يوفّر للشركة تمويلاً تحتاج إليه. ومن المقرر أن يُستخدم المبلغ لتمويل سنة من الأبحاث والتطوّر "أو تغطية ثلثي تكاليف إنشاء مصنع".
ومن خلال إتاحة فوز مئة مليون دولار في المجموع، تهدف ما وصفه موقعها الالكتروني بـ"أهم جائزة تحفيزية في التاريخ" إلى تقديم حلول بحلول عام 2025 لالتقاط مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بتكلفة منخفضة.
وحصل الفائز على المكافأة استناداً إلى نموذجه الاقتصادي الذكي الذي يعتمد على حرق النفايات الزراعية التي تلتقط بشكل طبيعي ثاني اكسيد الكربون وتحوّله إلى "فحم حيوي"، وهو "غبار فحم" يغذّي التربة. وتولّد الحرارة الناجمة عن عملية الحرق كهرباء متجددة يمكن بيعها. وفي المجموع، تشير الشركة إلى أنّها تستطيع التخلص من طنّ من ثاني أكسيد الكربون مقابل بضع عشرات من الدولارات، وهو رقم تصعب منافسته.
وفي الولايات المتحدة، وعدت "سترايب" و"ألفابت" و"شوبيفاي" و"ميتا" و"ماكينسي" انّها ستشتري بمبلغ 925 مليون دولار "خدمات لإزالة الكربون نهائياً بين عامي 2022 و2039"، ما يمثل ضمانة للجهات التي لا تزال مترددة في المباشرة بهذه المهمة. وباعتماد الأسلوب نفسه، تتعهد نحو خمسين شركة في قطاعات "يصعب التقاط الكربون فيها" من بينها "فرست موفرز كواليشن"، بتمويل تكنولوجيا مماثلة.
وتشير المؤرخة العلمية أيمي داهان لوكالة فرانس برس إلى وجود كمية قليلة من الأبحاث حول التقاط الكربون من الهواء الذي يشكل عملية "يصعب جداً إتقانها"، مضيفةً أنّ فكرة أيلون ماسك تهدف إلى رفع مجال الأبحاث إلى نقطة رؤية معينة.
وسبق لهذا الأسلوب أن حقق نجاحاً في الماضي، إذ ساهمت مسابقة "أورتيغ برايز" التي عرضت مبلغ 25 ألف دولار أمام أول طيّار يتمكنّ من إجراء رحلة بين نيويورك وباريس من دون توقف، في تعزيز الأبحاث المتعلقة بالطيران. وفاز بالجائزة شارل ليندبيرغ عام 1927.
وفي مرحلة أحدث، أدت الوعود في التمويل التي وفّرها بيل غيتس خلال منتدى الاقتصاد العالمي عام 2010 إلى تعزيز السباق المتعلق بتصنيع اللقاحات.
وترى داهان انّ توفير مبلغ مئة مليون دولار كجائزة خطوة "غير مسبوقة".
وتتمتع شركة "كلايمت فاوندايشن" الأميركية الحاصلة على جائزة بفضل تقنية التقاط الكربون باستخدام طحالب كبيرة ثم إلقائها في أعماق المحيط، بالرأي نفسه. ويقول مؤسس الشركة براين فون هيرزن الذي يرغب في إنشاء "أول هكتار من الزراعة البحرية المستدامة" باستخدام تمويل آخر "ما كنّا سنصل إلى هذه المرحلة لولا هذا المبلغ".
ويضيف "إنّ هذه الجوائز تشكل مراحل أولية مهمة، لكنها غير كافية لبناء نظام بيئي متين يلتقط الكربون".
وتلتقي الآراء العلمية على أنّ الهدف النهائي يتمثل في التقاط عدة مليارات أطنان من الكربون سنوياً بحلول العام 2050، لأنّ القدرة الحالية على عزل الكربون "مجهرية"، ما يشير إلى ضرورة بناء "خلال الأعوام الثلاثين المقبلة" وسيلة "مماثلة بالأهمية لقطاع النفط"، على ما يرى رينو. ويشدد رئيس "نت زيرو" على أنّ هذه الخطوة تحتاج إلى استثمار "عدة عشرات النقاط من إجمالي الناتج المحلي" بدءاً من اليوم، بدل "قطرة الماء" الموجودة حالياً.
وتؤيّد أيمي داهان فكرة رينو، معتبرةً أنّ أصحاب المليارات حري بهم أن يوقفوا "ظاهرة الغسل الأخضر" و"أن يغيّروا النموذج التجاري الخاص بشركاتهم" التي تبعث كميات كبيرة من الكربون.
وتقول الباحثة "لا يمكننا بالتأكيد أنّ نغض النظر عن دورهم في هذه القضية"، مشيرة إلى ضرورة إيجاد "سياسة تضعها الدولة واتفاقيات " ملزمة.
ورغم تخصيص واشنطن مبلغ 3,5 مليار دولار للاستثمار في هذا القطاع، إلا أن داهان ترى أنّ "البلدان لا تتعامل مع هذه المسألة بجدّية".