صحة وعلوم

العلاج حق للجميع ولكن الفجوة تتسع بين الدول الغنية والفقيرة

هل أصبحت أدوية السرطان الحديثة لـ"الأثرياء فقط"؟

ثورة علاجية في مواجهة السرطان ولكن نصيب الفقراء من العلاج يثير علامات الاستفهام
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من لندن: في ظل التقدم المستمر في علاجات السرطان، تتزايد الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة بوتيرة مقلقة، حيث تستفيد الدول المتقدمة من أحدث الأدوية بينما تظل الدول الفقيرة متأخرة، ما يهدد حياة الملايين.
على مدى السنوات الأخيرة، شهدت علاجات السرطان تطوراً كبيراً أدى إلى تعميق الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة في الحصول على هذه العلاجات الحديثة.

بين عامي 2018 و2022، تم تقديم 197 دواءً جديداً لعلاج السرطان. لكن بينما تصل هذه الأدوية بسرعة إلى الأسواق في الدول المتقدمة، تبقى الدول الفقيرة في الخلف بفارق زمني كبير، وغالباً لا تصل إليها هذه الأدوية أبداً، وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة BMJ Global Health.

واقع مقلق
منذ عام 1990 وحتى 2022، تم إطلاق 568 دواءً في 111 دولة، لكن الغالبية العظمى منها توفرت في الدول ذات الدخل المرتفع.
وأظهرت الدراسة أن الأدوية الجديدة تتاح أولاً في دول مثل الولايات المتحدة وكندا واليابان، بينما تجد الدول الفقيرة نفسها تتأخر لسنوات قبل أن تتمكن من الوصول إلى تلك العلاجات، إن تمكنت من ذلك.
وأكثر من ثلث هذه الأدوية كانت متاحة في دولة واحدة فقط، بينما كانت 28% منها فقط متاحة في أكثر من 10 دول.

فجوة الوصول
تقول كارين أويل دي غروت، أستاذة تقييم التكنولوجيا الصحية في جامعة إراسموس، إن الفجوة في الوصول إلى الأدوية الحديثة باتت أوضح بعد عام 2000 مع تزايد عدد الأدوية الجديدة. وترى أن هناك ارتباطًا مباشرًا بين القدرة على الوصول للعلاج ومستوى الدخل في الدولة.

الدول الرائدة في العلاجات الحديثة
تتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول التي توفر أحدث أدوية السرطان، حيث أُتيح فيها 345 دواءً جديدًا بين عامي 1990 و2022، تلتها اليابان وكندا وأستراليا.
أما في أوروبا، فإن المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا حققت تقدماً كبيراً في تقديم الأدوية الحديثة، في حين ظلت دول إفريقيا وجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط في ذيل القائمة.

تحديات التأخير
تواجه الدول ذات الدخل المنخفض تحديات كبيرة في الحصول على الأدوية الحديثة، حيث قد يستغرق الأمر أكثر من عامين حتى تتوفر الأدوية الجديدة في أسواقها بعد إطلاقها في الدول المتقدمة. وفي ظل غياب تلك العلاجات، يلجأ المرضى إما إلى الاعتماد على علاجات قديمة أو السفر للخارج.

تداعيات صحية واقتصادية
نقص الأدوية الحديثة في الدول الفقيرة يزيد من معدلات الوفيات المرتبطة بالسرطان ويزيد من الأعباء على الأنظمة الصحية الضعيفة. ويشير الباحثون إلى أن التأخير في تقديم العلاجات قد يؤدي إلى تفاقم الحالة الصحية للمرضى، حيث يساهم ارتفاع متوسط العمر المتوقع في هذه الدول في زيادة احتمالية الإصابة بالسرطان.

تفاوت داخل أوروبا
حتى داخل أوروبا، تختلف سرعة الوصول إلى الأدوية الجديدة بين الدول. فقد وجدت دراسة أن الأدوية تصل إلى الأسواق الألمانية والبريطانية بسرعة أكبر مقارنة بدول أخرى مثل اليونان ودول أوروبا الشرقية، حيث قد تتراوح الفترة الزمنية بين 17 يومًا و3.3 سنوات.

التأثير السلبي لكثرة الأدوية
على الرغم من توفر عدد كبير من الأدوية الجديدة في الدول الغنية، يشير بعض الخبراء إلى أن هذا لا يعني بالضرورة رعاية صحية أفضل. الدكتور داريو تراباني أوضح أن العديد من الأدوية التي تمت الموافقة عليها قد لا توفر قيمة صحية كبيرة، بل قد تزيد من العبء المالي والزمني على المرضى من خلال ما يُعرف بـ"السمية المالية" و"السمية الزمنية".

تحديات تواجه الدول النامية
بالإضافة إلى التكاليف العالية، تعاني الدول النامية من أنظمة صحية ضعيفة، مما يجعل من الصعب إدخال العلاجات الجديدة.

ويقترح الخبراء تبني نظام تسعير متدرج يأخذ بعين الاعتبار القدرة المالية لكل دولة، وأيضاً تطوير البنية التحتية الصحية لتوفير رعاية شاملة وفعالة لمرضى السرطان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف