صحة وعلوم

"لا علاقة حتمية بين الشيخوخة والمرض".. مقولة يثبتها العلم

معمرة تبلغ 117 عاماً دعت العلماء لفحصها وكشف أسرار عمرها

ماريا برانياس موريرا.. رحلت عن عمر ناهز 117 عاماً
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من لندن: " العمر مجرد رقم "، مقولة أقرب إلى الواقع منها إلى خيال هدفه رفع معنويات كبار السن، فقد أثبت العلم، وتجارب واقعية لبعض المعمرين أنه حتى الشيخوخة القصوى يمكن الوصول إليها دون أن يتعثر المخ بالضرورة أو تتفاقم الأمراض المعتادة.

أجرى الأطباء في إسبانيا مجموعة شاملة من الاختبارات على ماريا برانياس موريرا، التي كانت أكبر شخص معمر في العالم قبل وفاتها عن عمر ناهز 117 عامًا العام الماضي، وفقاً لما نقلته صحيفة "الغارديان".

اكتشفوا أنه على الرغم من أن جسدها أظهر علامات واضحة على الشيخوخة الشديدة، إلا أن عددًا من العوامل البيولوجية حماها من الأمراض التي تصيب غالبية البشر بعد التقدم في العمر.

قال الدكتور مانيل إستيلر من معهد جوزيب كاريراس لأبحاث سرطان الدم في برشلونة: "القاعدة العامة هي أن المرض يزداد مع التقدم في السن، لكنها كانت استثناءً، وأردنا أن نفهم السبب". وأضاف: "لأول مرة، تمكنا من فصل الشيخوخة عن المرض".

الراحلة دعت الأطباء لكشف أسرار صحتها
في السنوات التي سبقت وفاتها، دعت برانياس الأطباء لفحص حالتها لمعرفة سبب بلوغها هذه السن المتقدمة. وُلدت برانياس في سان فرانسيسكو عام 1907، وانتقلت إلى كاتالونيا عام 1915، ونجت من حربين عالميتين، والحرب الأهلية الإسبانية، وجائحة كوفيد، وتعافت من الفيروس في سن 113 عامًا.

اعتمد إستيلر وزملاؤه على عينات دم ولعاب وبول وبراز جُمعت قبل عام من وفاة برانياس لرسم صورة مفصلة عن بنيتها البيولوجية. تعمقت الاختبارات في جيناتها ومدى تفعيل وتعطيل الجينات المختلفة، وأنواع ومستويات البروتينات في دمها، ونواتج تحلل التفاعلات في جسمها، وتنوع الميكروبات في أمعائها.

من بين مجموعة كبيرة من الاكتشافات، وجدوا أن التيلوميرات الواقية الموجودة في نهايات كروموسومات برانياس كانت قصيرة للغاية، وهي علامة واضحة على شيخوخة خلاياها. كما أظهر جهازها المناعي علامات شيخوخة، وكان عرضة للالتهابات، واكتسبت طفرات تؤدي إلى سرطان الدم.

لكن برانياس كانت محمية بشكل جيد على ما يبدو. تقصر التيلوميرات عند انقسام الخلايا، وكانت التيلوميرات الخاصة بها قصيرة جدًا لدرجة أنها ربما حمتها من السرطان عن طريق الحد من عدد الخلايا التي تستمر في الانقسام، وفقًا لإيستلر.

فحص الحمض النووي
كشف فحص حمضها النووي عن متغيرات جينية تحمي خلايا قلبها ودماغها من الأمراض والخرف. كانت مستويات الالتهاب في جميع أنحاء جسدها منخفضة، مما قلل من خطر إصابتها بالسرطان والسكري، وتمتعت بكفاءة في استقلاب الكوليسترول والدهون. قال إستيلر: "هذه كلها عوامل بالغة الأهمية لأنها مرتبطة بأمراض شائعة لدى كبار السن، وتؤدي في النهاية إلى الوفاة".

ثم لجأ الفريق إلى الساعات فوق الجينية، التي ترصد أنماط التعبير الجيني، لتقييم العمر البيولوجي لبرانياس. قال إستيلر: "كانت أصغر بعشرة إلى خمسة عشر عامًا على الأقل من عمرها الحقيقي". كما أن ميكروبيوم أمعائها كان صغيرًا جدًا بالنسبة لعمرها، مع وجود وفرة من بكتيريا البيفيدوباكتيريوم، التي تُعتبر أيضًا مفيدة للصحة.

لا تعاني من السمنة ولا تدخن ولا تحتسي الكحوليات
لكن طول عمرها لم يكن عائدًا للعوامل الوراثية فحسب. لم تكن برانياس تعاني من زيادة الوزن، وكانت تتناول الكثير من الزبادي، ولم تكن تدخن أو تشرب الكحول. كانت تتمتع بحياة اجتماعية جيدة مع الأصدقاء والعائلة. كل هذا كان مفيدًا بالتأكيد، كما قال إستيلر.

يأمل أن تساعد هذه المعلومات الوفيرة العلماء على تطوير علاجات جديدة للحفاظ على صحة الناس في سن الشيخوخة. وقال: "يمكننا تطوير أدوية لإعادة إنتاج تأثيرات الجينات الجيدة. لقد ورث والدا ماريا جينات جيدة جدًا، لكننا لا نستطيع اختيار والدينا".

قال البروفيسور جواو بيدرو دي ماجالهايس من جامعة برمنغهام: "قد تُقدم هذه الحالات الاستثنائية في طول العمر رؤىً ثاقبة حول كيفية التقدم في السن بصحة أفضل.

فإذا تمكنا من تحديد الجينات المحددة المرتبطة بطول العمر البشري الشديد والشيخوخة الصحية، فقد يُقدم ذلك أدلة حول آليات الشيخوخة، بالإضافة إلى تحديد أهداف قابلة للعلاج لتطوير تدخلات تُمكن الجميع من عيش حياة أطول بصحة أفضل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف