لبنان يعود إلى هموم الإنتخابات البلدية بعد الصدمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في انتظار العثور على الصندوق الأسود للطائرة الإثيوبيَّة:
لماذا عصى القبطان أوامر برج المراقبة؟
توسيع أعمال البحث عن ضحايا الطائرة الاثيوبية
الكارثة وحّدت اللبنانيّين بقدر ما آلمتهم
لا تزال حادثة سقوط طائرة الخطوط الجوية الاثيوبية فجر أول من أمس في البحر بعد اقلاعها مباشرة من مطار بيروت وسط ظروف مناخية سيئة تفرض نفسها، مجمدة الحياة السياسية وغير السياسية ومحولة الأنظار في اتجاه متابعة هذا المأساة الأولى من نوعها في لبنان.
بيروت: بعد سقوط الطائرة الاثيوبية في المياه الإقليمية اللبنانية وبعد وقت قليل من إقلاعها، وضعت في الثلاجة كل المواضيع الخلافية التي يعيش على أخبارها اللبنانيون عادة، وكان آخرها موضوع خفض سن الإقتراع من 21 سنة إلى 18 سنة للانتخابات البلدية في حزيران / يونيو المقبل. وبدا الأمر أشبه بفرصة للتأمل بعد طول اشتباكات سياسية وإعلامية وإنهاكات متبادلة وانقسامات.
وعلى الرغم من أن خفض سن الإقتراع اتفق عليه أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة السابقة، فإن جلسة تعديل الدستور التي أصر على عقدها رئيس مجلس النواب في موعدها أمس كانت ستفتقد النصاب القانوني للتعديل (86 من أصل 128) لو لم تؤجل حدادًا على ضحايا الطائرة، أو أن مشروع التعديل الدستوري كان سيسقط بالتصويت في ظل استحالة سياسية لحصوله على تأييد أكثرية الثلثين.
وبالتالي فإن محاولة تمرير التعديل الدستوري كانت فاشلة، و ذلك بسبب عوامل طائفية ناجمة في شكل أساسي عن موقف موحد للزعماء المسيحيين (أمين الجميّل و ميشال عون وسمير جعجع وسليمان فرنجية)، سواء في الموالاة أو المعارضة أعلن - من دون تنسيق- رفض توقيت هذا التعديل.
فضلاً عن وجود عوامل سياسية ناتجة في شكل أساسي من مراعاة قادة مسلمين لموقف المسيحيين، وتجلى ذلك من خلال مراعاة تيار "المستقبل" حلفاءه من مسيحيي قوى 14 آذار/ مارس أو مراعاة "حزب الله" لحليفه الجنرال ميشال عون. الأمر الذي بدا معه الرئيس بري خاسرًا من مصداقيته ووزنه ومتسرعًا، إذ لم يقم بالحد الأدنى المطلوب من أجل توفير النجاح لاقتراحه، بعدما كان ارتكب خطأ مماثلاً قبل أسابيع قليلة من خلال اقتراحه تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وقد اصطدم اقتراحه ذاك أيضًا برفض من المسيحيين وتفهم من القادة المسلمين الآخرين.
ومن المتوقع بعد طي صفحة كارثة الطائرة الأثيوبية خلال أيام واستيعاب الصدمة أن يعود الإهتمام في الدرجة الأولى إلى موضوع الانتخابات البلدية التي يتفق رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري على أنها ستجري في موعدها سواء اتفق على تعديل قانون البلديات أم لم يُتفق عليه، باعتبار أنهما لا يريان مبررًا وموجبًا لعدم اجراء هذه الانتخابات بعد النجاح في اجراء انتخابات نيابية أصعب في حزيران / يونيو الماضي، وهما لا يسمحان بأن يسجل عليهما تفريط أو تهاون في الاستحقاقات الدستورية.
على الرغم من ذلك يتوزع الموقف حيال الانتخابات البلدية في اتجاهين: الأول متمسك بموعد الانتخابات ومنفتح على ادخال تعديلات لازمة وممكنة ضمن المهلة المحددة، والآخر مصر على أولوية التعديلات والتحسينات على قانون البلديات مع ما ينطوي عليه هذا التوجه من خطر على الانتخابات اذا نشب خلاف حول التعديلات التي اقترحها وزير الداخلية والبلديات زياد بارود.
وتسجل هنا ثلاث ملاحظات أولية على النقاط والبنود الخلافية الاصلاحية. أولها النسبية التي تشجع على اعتمادها باعتبارانها تكسر حدة المنافسة وبالتالي القطيعة بين العائلات داخل البلدات، فتوفر المشاركة لكل فئات المجتمع، وتعود الناس على إدارة شؤونهم المحلية بالتشارك.
ثانيها انتخاب الرئيس ونائبه مباشرة من الشعب، وهذا اقتراح لا يقدم ولا يؤخر عمليًا، وهو لزوم ما لا يلزم في رأي معظم الكتل، لأن معظم اللوائح تؤلف مسبقا على أساس رئيس ونائب رئيس وأعضاء، وصلاحيات الرئيس في حالي الانتخاب المباشر أو غير المباشر هي نفسها وتقريبا مطلقة. والثالثة اقتراح تقسيم بيروت ثلاث دوائر على غرار تقسيمها للانتخابات النيابية، خصوصا أن قانون البلديات لا ينص على المناصفة المسيحية- الإسلامية كما في الانتخابات النيابية.
هذا التقسيم تؤيدها قوى المعارضة لكونه يسحب من "تيار المستقبل" الإجماع في المجلس البلدي، نظرًا إلى حجم هذا التيار الكبير في العاصمة. لكن المعترضين على التقسيم يقولون إنه سيضرب المناصفة الإسلامية - المسيحية في المجلس البلدي، فيما المصلحة تقضي بإبقاء بيروت موحدة وتشكيل لائحة تضم كل الألوان الطائفية والسياسية.
ويعتبر معظم نواب بيروت أن اعتماد النسبية في الانتخابات البلدية لا يحل المشكلة في العاصمة بل إنه قد يؤدي إلى حدوث خلل في التمثيل الطائفي الذي لا يستند إلى العامل العددي بل إلى العامل التوافقي، وعلى أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. ومع أن عدد الناخبين المسلمين يفوق بكثير عدد الناخبين المسيحيين في بيروت، فإن المسلمين يتمثلون بـ ٩ نواب في مقابل ١٠ نواب للمسيحيين، وهذا في إطار مبدأ التوافق إياه.
ويصر أولئك النواب على تطبيق مبادرة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحرير ي الذي أصر المناصفة في العاصمة، ويرونها الطريقة المثالية لتجنب أي حساسية طائفية، ولكن مع انتخاب رئيس البلدية ونائبه بالاقتراع المباشر، وبالصورة التي تحل مشكلة العلاقة المعقدة مع المحافظ ، وبالتالي تحرر "بلدية بيروت الممتازة" من سلطة تشل عملها أحيانًا.