أخبار

العالم يتقادم بسبب تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تتخذ الكثير من دول العالم النامية من الصين مثالا لها في طريقة التعامل مع القوى العاملة، حيث باتت الدول في آسيا وأميركا اللاتينية تعتمد على القوى الشابة التي تجذب المستثمرين، في وقت تسير فيه الدول الناشئة التي ترغب في الثراء الاقتصادي على درب الأسر الصغيرة.

أميركيون يصطفون لتلقي إعانات الدولة

بسبب ما تقدم ذكره في الحلقة السابقة من تقرير "نيويورك تايمز" الذي كتبه تيد فيشمان ملخصا فيه كتابه الأخير "صدمة المشيب" - وهو أن دول "المسنّين" تخسر لصالح دول "الشباب" - يصبح بوسع الشركات الأجنبية التي تنقل مصانعها الى الصين أو تشتري لوازمها من موردين صينيين إعادة كتابة عقودها مع عامليها المتقدمين في السن في بلادها أو التخلص منهم نهائيا.
وقد لاحظت دراسات اقتصادية منذ العام 2006 أن الدول "المسنة"، ذات القوى العاملة الأصغر والأعلى أجورا، تدفع بالاستثمارات الى الدول "اليافعة"، وهي حقيقة تعود عليها بربحية أكبر. وهذا هو الوضع الذي تستفيد منه الصين في المقابل ويجذب اليها مختلف الاستثمارات في الوقت الحالي.

الصين ستصبح دولة عجوزاً قبل أن تبلغ الثراء

لكن الصين ليست الوحيدة التي تتمتع بقوة عاملة شابة تجتذب المستثمرين. فالعديد من الدول النامية، خاصة في آسيا وأميركا اللاتينية، تعمل بالطريقة نفسها. وقد عرف عن العقول الهندية الكبيرة سعيها إلى اجتذاب الصناعات الأجنبية الى البلاد باعتبارها "معقل الشباب العامل" مقابل عالم (غربي رئيسا) ينوء تحت تكاليف قوته العاملة المسنة نسبيا.

الشق الآخر
كما ورد في الحلقة السابقة فإن العولمة الاقتصادية تتسارع الآن لأن العالم نفسه يتقادم بوتيرة سريعة. وفي الوقت نفسه فإن العالم يتقادم لأن وتيرة العولمة الاقتصادية تتسارع، وهذا هو الشق الآخر من المعادلة. ويحدث هذا الشق الأخير لسببين: الأول هو ارتفاع معدلات الأعمار حول العالم بفضل ثمار العولمة، والثاني هو انحسار الأميّة. فبوسع السواد الأعظم من الناس في عالم اليوم القراءة والتجول، على الأقل، في عالم الإنترنت. وبالتالي يتلقى هؤلاء شتى المعلومات التي ترفع، بين أشياء أخرى، درجة وعيهم الصحي وتزيد بالتالي من أعمارهم. لكن هذا هو ما يجعل البلاد "مسنة" بالضرورة.

على أن هناك عاملا آخر مهما في مسألة "مشيخ" الدول خاصة المتقدمة، وهو أن معدل الأطفال يقل فيها عن 2.1 طفل للأسرة الواحدة. وهذا المعدل هو اللازم للحفاظ على الدولة فتيّة. ولهذا السبب يتوقع لعدد السكان في كل من الدول الغنية أن ينكمش - خاصة وسط الشباب - مع حلول نصف القرن.

الأسرة الصغيرة بداية الطريق

عمال إكوادوريون في اسبانيا

الدول الناشئة التي ترغب في الثراء الاقتصادي ستسير على الأرجح على درب الأسر الصغيرة هذا من مبتداه. ولأجل هذا فستجنح لأمرين: أولا، تعليم البنات وتوظيفهن بالتالي، وثانيا، توفير السكن المديني لهن. فالوظيفة وحياة المدينة سيتكفلان بألا تصبح المرأة متفرغة لإنجاب الأطفال. وتبعا لصندوق السكان التابع للأمم المتحدة، فإن نصف سكان العالم كانوا يعيشون في المدن في العام 2007، لكن نسبة المدينيين سترتفع في 2030 الى 80 في المائة.

وبوسع المدينية والعولمة أن تحدثا بسرعة مذهلة. فقد كانت اليابان إحدى الدول صاحبة العدد الأكبر من الشباب في العالم خلال الخمسينات الماضية. لكنها صاحبة العدد الأقل في الوقت الحالي. وبحلول 2050 سيرتفع خط أعمارها الوسط (وهو 43 سنة الآن) الى 56 سنة.
وفي الغرب فإن خط الوسط الحالي هو 40 وسيبلغ 50 في العام 2050. لكن هذا لم يكن هو الحال في السابق. ففرنسا هي أول دولة تشهد تضاعف شريحتها العمرية في سن 65، وذلك من 7 في المائة الى 14 في المائة. والمهم هنا هو أن هذا الوضع استغرق 115 سنة لإكماله إذ بدأ في العام 1865. لكن الصين، في الجهة المقابلة، ستكمل المشوار نفسه في مجرد 25 سنة.

الهجرة
الهجرة من دولة لأخرى تعني تقليل عدد سكان الأولى والإضافة الى الثانية. واسبانيا، التي تضارع اليابان في عدد المسنين الآن، كانت إحدى "أصغر" الدول الأوروبية في القرن العشرين. وحتى العام 2000 كانت تخلو تقريبا من المقيمين الأجانب. لكن هولاء الأخيرين يشكلون اليوم 12 في المائة من عدد سكانها.
وقطاع ضخم من هؤلاء الأجانب إكوادوريون تسببت هجرتهم من وطنهم (وهم حوالى 12 في المائة من عدد السكان) في رفع مستوى خط العمر الوسط فيه وحرموه من فرصتها في التقدم. ولهذا أطلقت الحكومة الإكوادورية مبادرة شعارها "مرحبا بالعودة" وتهدف إلى استعادة اولئك
المهاجرين ليس عبر إعفاءات ضريبية وحسب، بل عطايا مالية أيضا لبدء أعمالهم الخاصة.

لا بشائر مقبلة
لاحظ أن كل دراسات الكتاب التي يقوم عليها هذا التقرير سابقة للأزمة المالية الأخيرة وبالتالي فهي لا تأتي بأي نوع من البشارة لأولئك لعاملين "المسنين". وعالميا، ارتفع عدد العاطلين ممن هم في سن 55 فما فوق بنسبة 330 في المائة خلال فترة العقد المنتهية في ديسمبر / كانون الأول الماضي.

ومستويات البطالة للأميركيين فوق سن 50 في أعلى مستوياتها الآن على الإطلاق وتقارب ضعف ما كانت عليه قبل 3 سنوات فقط. وقد تقاعد عدد من الناس أكبر كثيرا مما كان متوقعا. وخلال العام الماضي وحده تقدم 465 ألف شخص إضافي الى مكاتب الضمان الاجتماعي الأميركية بطلبات إعانات الدولة. وكانت هذه الزيادة ضعف ما كانت تتحسب له تلك المكاتب.
وإحدى المعضلات التي تواجهها المجتمعات المتقادمة هي كيف تحافظ للمسنين على وظائفهم في وقت تفضل فيه المناخات الاقتصادية الشباب سواء من مواطني البلاد أو مواطني غيرها في الخارج.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف