فضيحة التجسس في الولايات المتحدة تهدد العلاقات الأميركيّة الروسيّة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رأى خبراء روس أن اعتقال أشخاص متهمين بالتجسس لصالح روسيا في الولايات المتحدة قد يلجم تحسن العلاقات بين البلدين التي أعطاها الرئيسان أوباما ومدفيديف دفعا، لكن هذه الفضيحة لن تؤدي إلى توقف عملية التقارب، في وقت أكدت فيه روسيا أن مواطنيها لم يعملوا ضد مصالح واشنطن.
موسكو: اكدت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء ان المواطنين الروس الذين اعتقلوا في الولايات المتحدة للاشتباه في قيامهم بالتجسس لم يمارسوا اي نشاط مباشر ضد المصالح الاميركية. وقالت وزارة الخارجية الروسية "بخصوص الاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة الى مجموعة من الاشخاص تشتبه في قيامهم بالتجسس لمصلحة روسيا، نؤكد ان ذلك يتعلق بمواطنين روس تواجدوا على الاراضي الاميركية في اوقات مختلفة"
واضافت "انهم لم يقوموا باي عمل موجه ضد مصالح الولايات المتحدة". وعبر رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين عن امله في الا تلحق قضية التجسس المفترضة الضرر بالعلاقات الروسية الاميركية التي تشهد انطلاقة جديدة، كما اوردت وكالات الانباء الروسية.
في غضون ذلك، اعلن مصدر اميركي ان صحافية بوريفية تعمل في نيويورك منذ 20 عاما وعرفت بضلوعها في قضية خطف مفبركة في البيرو، هي من بين الجواسيس الذين تتهمهم السلطات الاميركي بالعمل مع اجهزة المخابرات الروسية.
وتعمل فيكي بيلايز (55 عاما) مع صحيفة "لا برنسا" التي تصدر باللغة الاسبانية وهي تكتب لها مقالات غالبا ما تكون انتقادية بحق السلطات الاميركية، وقد غادرت البيرو بعد ان اشتهرت في احدى شبكات التلفزيون البوريفي بسبب اسلوبها الهجومي الذي ساهم في بروز شهرتها.
وفي العام 1985، تصدرت الصفحات الاولى في الصحف بعد تعرضها للخطف من قبل منظمة شيوعية كانت قد اجرت مقابلات مع زعمائها. وقد اقالتها الشبكة التلفزيونية بعد ذلك من عملها متهمة اياها بانها تقف وراء عملية الخطف وهي جرت بالاتفاق معها.
وهاجرت بعد هذه القضية الى الولايات المتحدة، ومثلت الاثنين امام القضاء في نيويورك وهي ستبقى معتقلة حتى 27 تموز/يوليو على الاقل.
واكد مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية الثلاثاء ان قضية الجواسيس المحتملين لحساب روسيا الذين اعتقلوا في الولايات المتحدة هي "اثر" من الماضي لن يؤثر سلبا في التحسن الذي تشهده العلاقات الروسية الاميركية منذ 18 شهرا.
واوضح فيل غوردن مساعد وزيرة الخارجية لشؤون اوروبا بلهجة هادئة انه ينبغي النظر الى القضية "في اطار" اعادة الانطلاق التي ارادها الرئيس الاميركي باراك اوباما. واضاف "لدينا الشعور باننا احرزنا تقدما كبيرا منذ ان بدأنا العمل على هذه العلاقة المختلفة مع روسيا" على الرغم من "الاختلافات". وتابع يقول "اننا نتجه نحو علاقة اكثر ثقة، لقد تجاوزنا الحرب الباردة، وتدل تقاريرنا على ذلك تماما، لكني لا اعتقد ان احدا اصيب بصدمة لدى معرفته ان بعض اثار الوسائل القديمة للحصول على معلومات لا تزال قائمة".
وعلق الدبلوماسي ايضا بالقول "كنا نود ان نصل الى نقطة تكون فيها الثقة والتعاون بين الولايات المتحدة وروسيا عند مستوى لا يدعو احدا الى الاعتقاد ان عليه اللجوء الى الاستخبارات للحصول على امور لا يمكنه الوصول اليها بطريقة اخرى. ويبدو اننا لم نصل الى ذلك المستوى بعد".
ويجمع المحللون على ان توقيت الاعلان وسط ضجة اعلامية عن تفكيك شبكة للتجسس في أميركا يثير التساؤلات اذ ان الرئيس الروسي دميتري مدفيديف انهى للتو زيارة للولايات المتحدة غنية بالرموز لتتويج التوافق بين الخصمين السابقين في حقبة الحرب الباردة. والرابط المباشر بين الحدثين غير مستبعد حتى ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سخر الثلاثاء من الموضوع اذ قال "تم اختيار توقيت الاعلان بعناية خاصة".
وقال فيودور لوكيانوف رئيس تحرير مجلة "راشا ان غلوبال افيرز" ان "اختيار توقيت الاعلان لم يكن من باب الصدفة". وبالنسبة اليه فإن هذه المسألة توجة ضربة لسياسة التقارب الروسي الاميركي بعد التوتر الخطر الذي شاب العلاقات في عهد الرئيس جورج بوش. حتى ان صورا التقطت الاسبوع الماضي لاوباما ومدفيديف وهما يتناولان الهمبرغر كاعز الاصدقاء في مطعم قرب واشنطن.
وتساءل الرئيس السابق لاجهزة الامن الروسية نيكولاي كوفاليف "لماذا لم يتم تفكيك هذه الشبكة قبل او بعد زيارة الرئيس الروسي؟". ويعتبر خبراء روس ان الامر يتعلق بهجوم منظم خططت له الاوساط المحافظة في الاجهزة الاميركية لافشال سياسة اوباما حيال روسيا.
وقال لوكيانوف ان "معارضة شديدة لسياسة باراك اوباما الهادفة الى تحقيق تقارب مع روسيا اعطت اشارة لادارته تدعوها الى الحذر مع موسكو وتفادي اي تقارب". وقال كوفاليف ان "صقورا يبحثون عن خصم خارجي وراء الفضيحة لانه من دون عدو خارجي لن يحصلوا على اموال ولن تزدهر اعمالهم".
وذكر فيكتور كريمينيوك نائب مدير المعهد الروسي في الولايات المتحدة وكندا بان "مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) الذي يقف وراء الاعتقالات هيئة مرتبطة بشكل وثيق بالاوساط المحافظة (الاميركية) التي ترى في روسيا خصما يجب القضاء عليه". وكشف الاخير ان باراك اوباما بات يبدو وكانه "رجل سياسي يريد مساعدة الدولة التي تخطط لانشطة تخريبية ضد الولايات المتحدة".
وفي مقدمة الانجازات الدبلوماسية المهددة بسبب الفضيحة، يضع الخبراء الروس مصادقة مجلس الشيوخ الاميركي على معاهدة ستارت الجديدة لنزع الاسلحة النووية التي وقعت في نيسان/ابريل بعد مفاوضات مكثفة. وقال كريمينيوك "اهم مكسب من عملية تحريك العلاقات قد يفشل".
لكن المحللين يعتبرون ان رغم كل شيء هذه الفضيحة ليست سوى نكسة صغيرة. وقال لوكيانوف "لا اعتقد ان البيت الابيض سيعيد النظر في سياسته لان وجود مثل هذه العمليات الاستخباراتية ليس بالامر الاستثنائي". من جهته قال الخبير العسكري الكسندر غولتز "على اوباما ان يعطي دفعا لعلاقاته مع موسكو لاسباب سياسية لانه الملف الوحيد الناجح في سياسته الخارجية".