أخبار

خبيران جزائريان: الرقابة هاجس يكبل مستقبل التكنولوجيا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف وحدها كسرت حاجز الصمت في أزمة بلاك بيري

تحدثت "إيلاف" إلى خبيرين جزائريين حول جدلية الرقابة والأمن التي أفرزتها تفاعلات قضية بلاك بيري مؤخرا، ويقول كل من إسماعيل معراف الخبير في الشأن الأمني وخالد بن عمر الخبير في تكنولوجيا المعلومات، إنّ فرض الرقابة وتأمين المعلومات، هاجسان ينذران بتكبيل مستقبل البرامج الإلكترونية.

الجزائر: يبرز إسماعيل معراف الخبير في الشأن الأمني، ما تنطوي عليه خدمة الهاتف الذكي من أخطار تهدد فعليا الأمن الداخلي والنظام الاجتماعي للدول، ويجزم بكون الشركة الكندية الخاصة، تريد التعرف إلى خصوصيات أفراد لم يرخصوا لها بأن تفعل ذلك.ويلّح معراف على أنّ المنظمة الدولية للاتصالات التي تستوعب ما لا يقلّ عن 156 دولة عضو، لا تبيح لأي شركة وتحت أي ظرف من الظروف أن تتدخل في الشؤون الداخلية للدول والأفراد، لذا يصرّ على أنّ الشركة الكندية خالفت كل القوانين والمعاهدات من خلال وقوعها في محظور (التجسس) على مشتركيها.

وفي الشق المتعلق بتعاطي الحركات المتطرفة مع ما يوفره بلاك بيري من امتيازات، يقدّر معراف الذي اشتغل مطوّلا على ملف مجموعات الإرهاب في منطقة الساحل، أنّ الهاتف الذكي يخدم المتطرفين ويوفر لهم إطارا غير مباشر لتبادل المعلومات. ويرى أنّ ما يلفّ سوق الاتصالات التكنولوجية وبُعدها عن الرقابة، فإنّ ذلك أفرز ولا يزال ثغرات كبيرة في ظلّ هزال الجانب التنظيمي الذي تسوده الفوضى على حد تعبيره، من خلال خضوع الهاتف الذكي لمصالح ومنافع بعضاللوبيات والنظم.

وتعليقا منه على سيرورة عمل أنظمة المراقبة السرية على الهواتف الذكية مثل بلاك بيري، ونطاق وأفق المراقبة، يقدّر معراف أنّ المسألة معقدة وتنطوي على قسط غير قليل من "التواطؤ" لإفشاء الخصوصية، ذاهبا إلى أنّ الشركة الكندية المملوكة لفريق من رجال الأعمال، قد تكون بشكل ما مجرد غطاء لجهة نافذة تريد استهداف بعض العناصر والشخصيات، مستبعدا أن تشمل العملية جميع المشتركين، حتى في ظلّ وجود (سيرفرات) بلاك بيري في كندا، وتواجدها في معزل عن أي رقابة أو ضبط.

الخبير اسماعيل معراف

ورغم المحاذير ونقاط الظلّ الكثيرة، إلاّ أنّ معراف لا يؤيد اتجاه الرقابة التي تنادي بها دول عربية على خدمات بلاك بيري، حيث يشدد على لا مشروعية ذلك لتعارضه مع الحريات العامة للأفراد وكذا روح القانونالدولي للاتصالات وما يتصل به من معاهدات يُفترض أنّ هذه الدول ملتزمة بها. مثلما يلفت معراف أنّ مبدأ فرض الرقابة لأسباب أمنية، سيضر بمستقبل البرامج الإلكترونية ويمس بحرية الاتصالات، حتى وإن كان السبب القائم يتأرجح بين البعد الموضوعي والعارض الواهي، منبّها إلى أنّ وضع الهواتف الذكية تحت الرقابة "خسارة" و"انتهاك لحرية الأشخاص"، طالما أنّ ذلك يتناقض رأسا مع روح القوانين والمعاهدات الدولية الداعية إلى تكريس انفتاح أكبر في ميدان الاتصالات.

ويدافع معراف عن جدوى الاستمرار في خدمة بلاك بيري، قائلا إنها ليست مجرد ترف، بل أضحت ضرورة لرجال الأعمال ومسيري المجموعات الاقتصادية في الجزائر التي تنشد إنعاش منظومة الاستثمار، وهو ما يجعل الدكتور يتوقع أن تكون للخدمة آثار إيجابية تسهم في إخراج بلاده من العزلة المزمنة.

بالمقابل، يتساءل خالد بن عمر الخبير في تكنولوجيا المعلومات، لماذا "الخطر الأمني" يتهدد الدول العربية لوحدها ويدفعها لإعلان حالة الطوارئ وغير ذلك من الإجراءات الاستثنائية والاستنفارية في التعامل مع واسطة تكنولوجية لا يجيدون طرائق التعاطي معها وذاك خطأ في حد ذاته، على حد تعبيره. وفيما ينتقد بن عمر الطابع المتكرّس لدى العقلية العربية والقائم على البتر، بدل البحث عن التقويم وسبل الاستفادة من تكنولوجيا بلاك بيري التي تتيح مزيدا من حرية الرأي والتعبير والتطور، يعزو خبير المعلوماتية تخوف الحكومات العربية من هواتف بلاك بيري التي تصنعها الشركة الكندية ريسريش إن موشن "آر أي إم"، إلى نظام التشفير العالي الذي يتمتع به الجهاز، بحيث لا يتيح للأجهزة الأمنية مراقبة المستخدم والمعلومات المتداولة عبر الهواتف الذكية، حيث تبقي الشركة هذه المعلومات خاصة بها بما يقطع الطريق على مزودي الخدمة المحليين أو الأجهزة الأمنية للاطلاع على مضامينها.

لكن بن عمر يبدي حذرا في تناوله استخدامات الحركات المتطرفة للهاتف الذكي، لأنّ التشفير العالي والتقنية المتطورة للجهاز تصب في مصلحة المتطرفين، وتزيد من صعوبة مهمات الأجهزة الأمنية، وهو ما يضع بحسبه بلاك بيري في دائرة مشبوهة. وعن عمل أنظمة المراقبة السرية على الهواتف الذكية، يشير بن عمر إلى أنّه هناك الكثير مما يمكن أن يقال بشأن خصوصية المعلومات والبيانات السرية بعد ابتكار هذه الباقة التكنولوجية التي تم تصميمها من دون أخذ مشكلة أمن المعلوماتفي الاعتبار، ويستدل بأنّه في السابق، كان نشاط لصوص المعلومات يقتصر على سرقة البيانات والصور الثابتة، ولكنهم باتوا الآن قادرين على سرقة الأصوات وأشرطة الفيديو.

وبجانب استبعاده إمكانية إحباط المراقبة، وإفشاء الخصوصية، مستندا إلى كون شركة آر أي إم لا تنوي بتاتا السماح لأي طرف بالوصول إلى معلومات المستخدمين، وقراءة البيانات المشفرة، يرى بن عمر أنّه ليس هناك من سيوقف قاطرة تكنولوجيا المعلومات، ويستدل بإمكانية ظهور أجهزة موبايل مصنوعة من مواد عالية المرونة كالمطاط الطبيعي تجعلها قابلة للطي والعجن والتشكيل والتطويل والتقصير. ولا يخفي بن عمر تشاؤمه إزاء إمكانية انكماش الحريات الشخصية، خصوصا وأنّ تقنيات التنصّت على المواد والمعلومات التي يتم تبادلها عبر البريد الإلكتروني سوف تتطور إلى حدود ستجعل من مسألة الحفاظ على سرية المعلومات مشكلة مستعصية بالنسبة إلى الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة على حد سواء.
ويعبّر بن عمر عن استيائه لما يسميه "الاتجاه السلبي" لمسار بلاك بيري، وما سينجر عن ذلك في حال تأكد حجب الخدمة من خسائر يتحمل وزرها المشتركون وشركات الاتصالات على حد سواء، معلقا بشأن استعداد بعض الحكومات العربية لاعتماد إجراءات عقابية ضدّ مستخدمي الماسنجر على الهواتف الذكية، أنّ بلاك بيري تقنية ذكية، وليس للتقنية ذنب في استخدامها الخطأ، إن تأكّد ذلك طبعا.

من جهتهم، يرى مشتركون في شبكة بلاك بيري، أنّ النقاش الدائر حول حجب الخدمة "عبثي" وليس له مسوغ منطقي، ويقول سمير وهو مسيّر مجموعة اتصالات في الجزائر:"شخصيا أفادني بلاك بيري كثيرا منذ اشتراكي فيه قبل نحو خمس سنوات، حيث صار عملي أكثر تنظيما، وأتاحت لي الخدمة الاستفادة من مزايا الأمان وتقنية المعلومات وإنجاز أعمالي بشكل أكثر مرونة".

كما يؤيد "حكيم" وهو مسير وكالة خاصة، الرأي ذاته، مشيدا بتمكنه من إنجاز أعماله بسرعة فائقة، فضلا عن التخاطب إلكترونيا مع جميع متعامليه فضلا عما وفرته الخدمة من تعزيزات إنتاجية لرجل أعمال مثله دائم التنقل. وردا عن سؤالنا، ماذا سيضر حجب بلاك بيري، ردّ سمير وحكيم بصوت واحد :"سيكون ذلك انحرافا يعيدنا إلى نقطة البداية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف