عراقيون يعتبرون الاحتجاجات والتظاهرات نتيجة العولمة

اعتبرت شخصيات عراقيات أنّ الثورات في المنطقة هي نتيجة للعولمة والثورة المعلوماتية وأنّ الأساليب التقليدية القديمة لم يعد لها وجود بعد أن أصبح الفضاء لا يخضع للرقابة والقضاء والملاحقة.

بغداد: توقعت شخصيات عراقيّة أن تعم الثورات معظم أرجاء العالم، وأشارت إلى أن أفريقيا مرشحة أولا للتغييرات في أنظمتها قبل أن تنطلق إلى أميركا الجنوبية وتحاول أن تقلق بقية الدول، فيما عبر مثقفون عراقيون عن إعتقادهم أن العولمة هي التي أنتجت هذه الثورات التي ضربت الشرق الاوسط متوقعين إمتدادها إلى مناطق أخرى من العالم. وأشاروا إلى أن الأساليب التقليدية القديمة كالمنشورات السرية والاجتماعات لم يعد لها وجود بعد أن أصبح الفضاء لا يخضع للرقابة والقضاء والملاحقة.

ويقول المدير العام لدار الثقافة الكردية جمال العتابي "بالتأكيد هناك انعدام ثقة تأسس منذ سنوات بقوى سياسية او قوى اجتماعية محركة أصبح عملها تقليديا او جامدا غير منسجم مع العصر، وبدأت القوى الجديدة الان غير المنظمة تبحث عن وسيلة عن سبيل عن خلاص او عن منظم يقود حركتها او انتفاضتها وتمردها، لكنها لم تجد ذلك كما اعتقد، ولكنها وجدت في فايسبوك طريقا لان تلتئم او تنتظم او تتحرك، هذا لا يحتاج الى أساليب تقليدية كما هو حاصل في الاحزاب القديمة، ولا يخضع لنظريات ولا لحزب ولا لطائفة ولا لدين، فقد تجاوز هذه التسميات والعناوين، انا اعتقد ان هذه الوسيلة تمكنت من ان تحدث حراكا جديدا لا اقول انه بديل عن قوى اجتماعية، وحتى هؤلاء المنظرين والساسة الكبار او الذين وضعوا الاساس الفلسفي او النظري لعملية تغيير في التاريخ لو قدر لهم ان يعيشوا في هذا العصر الجديد فمن المؤكد انهم سيعيدون النظر في الكثير من النظريات والمفاهيم بما يتلاءم وبما يفهم ويعرف بلغة جديدة، هذه اللغة لا أقول إنها اللغة الفاصلة في إحداث عملية تغيير لكنها أعطت الإشارة، هي التي قدحت الحدث، فوجدوا فرصة بذلك".

أضاف "كانت الأحزاب التقليدية تقوم بتوزيع المنشورات التي يتعرض أفرادها للإعدام بسببها، الان على العكس بالإمكان التعرض لاي حكومة او نظام من دون الخضوع الى القضاء او القوانين، انا اعتقد ان هناك ثغرة، هذه الثغرة أزالت حاجز الخوف وجعلت الناس تنزل الى الشارع واعلنت عن رأيها، وبالتالي إن فايسبوك سهل الاتصال، فبدل الوسائل الاخرى القديمة كالمنشور والاجتماع فايسبوك سهل عملية الاتصال والسرعة ونشر الشعارات، والا كان حسني مبارك يحكم لمدة 30 سنة بنظام دكتاتوري مستبد قمعي وبالتالي بمجرد ضغط جماهيري ينزل الى الشارع، ما هو السحر في ذلك، بالطبع ثمة سر في المسألة، فهم لم يستخدموا السلاح انا اقول انه لولا وجود هامش من الديمقراطية فكان من الممكن ان يتعرض هؤلاء الى عملية ابادة مثلما يحصل الان في ليبيا، اذن.. هناك عملية توازن، هناك ظرف جديد، هناك عالم جديد وادوات جديدة وهي متغيرة وربما فايسبوك وما بعد فايسبوك تظهر وسائل اخرى اكثر حداثة، يجب أن اؤكد ان عصر الاحزاب والايديولوجيات والطوائف والاديان وقوى اجتماعية قديمة قد انتهى، هذا هو تأثير العولمة بالتأكيد".

وقال الشاعر والاعلامي احمد جليل الويس "المجتمعات الانسانية بصورة عامة تسير نحو التكامل والاكتمال، يعني ان أي ذات مهما كانت فردية وموغلة في فرديتها هي بالتالي تسير بوعي الى اكتمال هذه الذات، او البحث عن وسائل لاكتمال هذه الذات يضاف اليها الثورة التكنولوجية التي غوت العالم وجعلت منه قرية صغيرة، هذا اتاح للانسان ان يتكامل مع الاخر، أي انه تجاوز مرحلة الذات الى مرحلة الاخر وبالتالي تشكيل فكر جمعي من الممكن ان يؤثر في القرار بصورة عامة، هذا الفكر الجمعي لم يقتصر على دولة دون اخرى خاصة في المجتمعات التي تشعر بوعي، أي التي وعيها يتحرك باتجاه... اولا وضعها داخل بنية الدولة ووضعها داخل بنية النظام العالمي الجديد، فمن هذين المنطلقين بدأت هذه الثورات التي ان نظرنا الى قادتها، سواء ما يحدث في الشرق الاوسط بصورة عامة بدءا من ايران وصولا الى تونس ومصر واليمن وحتى العراق، نجد ان قادة الثورات او الانتفاضات او التظاهرات معظمهم من الشباب على الرغم من ان بعض الثورات لها خصوصيات معينة، بسيطة وليست عمومية".

وقال المصور الفوتوغرافي كفاح الحبيب "مما لا شك فيه أن العولمة هي أكثر من شكل، فالعولمة لم تكن في العقود الاخيرة فقط، العولمة اذا صح التعبير بداياتها وارهاصاتها منذ ان حاول نابليون ان يتحرك بجيشه العظيم الى مصر واخذ معه مجموعة من المصورين والمهندسين والشعراء والموسيقيين وحوّل بطريقة او باخرى عقلية الاستبداد التي قد تكون فيها جوانب معينة تحاول ان تغير من الاخر، ان لم تعترف به فتأخذ منه، وفي كلا الحالتين هناك نوع من التبادل، ومن ذلك الوقت الانظمة الرأسمالية والمختلفة غيرت اشكالها واساليبها وطروحاتها، وما جرى في السنوات الاخيرة من هيمنة الانترنت انه وسع العلاقة ما بين هذه المكونات للتعارف، الانترنت هو وسيلة للتعارف ولمعرفة الاخر اما ان تحول التعارف هذا وفهم الاخر الى اجندة والى اشياء اكبر فهو مرتبط بالبنية نفسها لمجموعة الاشخاص التي تستلم، فليس هنالك من ثقافة عابرة للقارات تدعي انها لكي تستولي عليك لكي تستعبدك، وبالتالي انا باعتقادي ان ما يجري هو تحصيل حاصل للتراكمات المزمنة، وقد ساعد الانترنت في جعل هذه المجموعات تتعارف مع بعضها بعضا وتلتقي مع بعضها بعضا، اما الشعارات السياسية فقد كانت دوما تحت الجمر، يعني انها لم تكن وليدة العولمة برأيي الشخصي، لكن بالتعارف عرفت كيف تصعد من القاع الى الاعلى، العولمة ساعدت في هذا التنفيس وفي ايجاد هذه العلاقة، بمعنى انه انا اعرف انك ترفع الشعار نفسه والاخر يرفع الشعار نفسه فاكتشفنا اننا مجموعة كبيرة وعلينا ان لا نسكت وان نبحث عن الحق، بهذا المعنى اعتقد ان العولمة لعبت دورها".

وأضاف "أعتقد ان الثورات ستتجاوز الشرق الاوسط، فهي لها علاقة بالظروف، فالعوملة مثلما افترضها هي معرفة الاخر وتلقي الآخر للآخر أيضا، وأعتقد أن الشعوب ليست بمنأى عمّا يجري واعتقد أن المرحلة المقبلة في تصوري الشخصي أفريقيا، وشمال أفريقيا اصبح واضحا بالنسبة لنا، افريقيا هي المرشحة أولا".

ومن جهته قال الأديب والاعلامي حسين رشيد "العولمة لها دور في هذا الحديث والثورة المعلوماتية لها دور ولكن في المقابل علينا ان لا نغفل وعي الجماهير العربية وخاصة الشباب منهم ولا نغفل المتاهات التي وقع فيها الشعب العربي من خلال الحكومات التي بقيت سنينا طويلة باجهزتها القمعية وانظمتها الدكتاتورية التي مارستها ضد شعوبها، كل هذه الامور ادت إلى أن يكون هناك وعي جديد، وعي غير مقيد بحدود او ايديولوجيا، فقد تشابكت كل الافكار والرؤى والسياسات وكل الاراء واندمجت فيما بينها وانتجت لنا هذا الجيل الشاب الواعي الذي يبحث عن الحياة المدنية عن الحرية والرفاه والعمل".

وأضاف "انا اتوقع ان الثورات العارمة ستمتد الى كل ارجاء الوطن العربي، مثلما بدأت من تونس ثم مصر ثم ليبيا واليمن وغيرها واعتقد ان هذه الثورة لن تنتهي الا بتغيير الكثير من انظمة الدول، وبالنتيجة لا بد من كل هذه الامور ان تدخل في بوتقة الحياة المدنية ولا بد لكل الدول الدكتاتورية والانظمة المستبدة ان تتغير وتصبح الدول العربية دولا مدنية عصرية حديثة تعمل على أن يكون المواطن عنصراً مهماً من المجتمع لا أن يكون تابعاً للدولة ولا أن تكون الدولة هي المهيمنة على كل شيء، أعتقد أن سلطة الشعب ستكون هي الأقوى والأكبر في هذا المجال.

وتابع "أعتقد أن الامر لن يتوقف عند حد لا الشرق الاوسط ولا افريقيا ولا أي مكان، سوف تكون هذه الثورة كبيرة ومنتشرة في كل ارجاء العالم وستصل الى اميركا اللاتينية، وربما تكون هناك (الغيرة) بأن هناك شعبا يحكي للشعب الاخر كيف تحرر وهكذا".

أما المخرج المسرحي والكاتب احمد الثائر فقال "قد لا تستطيع العولمة بذراعها العسكري المتمثل بالاحلاف العسكرية أن تغير الانظمة أو الايديولوجيات، ولكن عبر قنوات الاتصال والثورة المعلوماتية تستطيع ان تفعل الكثير، لهذا عندما كانت تتعرض الشعوب العربية أو الشرق أوسطية لضغوط معينة كان المتنفس الوحيد لها هذا التواصل عبر فايسبوك او تويتر وغيرهما، هذه التفاصيل جعلت المواطن لا يخشى سطوة السلطات عليه لذلك راح يمارس حقه في التغيير بكل حرية، وأعتقد أن العولمة لها الذراع الطولى في هذا المجال، فلولا الاتصالات لايمكن ان يكون هناك تواصل كالذي شهدناه بل ستكون هناك سياط على ظهور الجماهير، بالتأكيد للعولمة تأثير كبير على العالم العربي ولكن حين تتحول الى موضة وتغيير تصبح المسألة فوضوية وليست حرية، أي حينما يكون هناك نظام دكتاتوري من حق الشعوب ان تثور وهذا شيء يقبله الجميع، ولكن اذا ما كان هناك نظام ديمقراطي فعلام الثورة؟".