أخبار

تونسيون: عُمر الإسلام المتطرف قصير إن حكم!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

في الحلقة الثالثة من ملف "إيلاف" حول مضامين "ربيع العرب"، يختلف أكاديميون تونسيون في النظر الى تهويل الانظمة بالاسلام المتشدد، فبينهم من يراه امرًا واقعًا بسبب ما تتمتع به الأحزاب الاسلامية من تنظيم، ومنهم من لا يجد مبررًا لهذا الاعتقاد.

جانب من الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي

تونس: كان عصيّا على الأنظمة الاستبداديّة التي كابدت للبقاء في الحكم على الرغم من اندلاع الاحتجاجات والتظاهرات ضدّها أن تفهم أنّ زمن صلاحيتها قد انتهى فعليّا. وعلى الرغم من أنّ الهبات الشعبية التي انطلقت من تونس مرورا بمصر وليبيا فاليمن وسوريا قد باغتت الحكام، إلا أنّها لم تكن كافية بالنسبة إليهم للتسليم بالأمر الواقع.

وإلى جانب الشراسة التي جابه فيها أولئك إرادة شعوبهم، ساقت معظم تلك الأنظمة تبريرات لعل المشترك بينها كان التلويح بورقة "الإسلام المتشدد" أو "التطرّف" الذي سينقّض على الحكم ويمعن فيه فسادا وإرهابا وتضييقا على الحريات.

في هذا الإطار، يرى د. طارق الكحلاوي أستاذ التاريخ في جامعة روتغرز الأميركية إنّ تشبث الأنظمة العربية الآيلة للسقوط بفزاعة "الإسلام المتشدد" إنما هو تعبير عن مأزق كبير بالنسبة إلى الأنظمة ولكنّه امر واقعي في الوقت نفسه. ويفسّر الكحلاوي لـ "إيلاف" أن مأزق الأنظمة يكمن في خطابها الذي يحتاج إلى تبرير البقاء عبر التخويف ببديل "مرعب"، ولكن هو تعبير عن تقييم واقعي و ليس مختلقا. ويوضح الكحلاوي إن الطيف الإسلامي بتياراته المختلفة هو البديل الوحيد الممكن في المدى القريب نظرًا إلى أنّه الجسم السياسي الوحيد المنظم. ويضيف "أقول القريب لأن الصورة يمكن أن تتغير بسرعة كلما انخرطت هذه التيارات في السياسة وخاصة في الحكم". إقرأ أيضاَملف "إيلاف" حول "ربيع العرب" وفزاعة الأصوليّة (1/6)
كتّاب يبحثون أسباب اتخاذ الأنظمة البديل الأصولي أداة للتخويف
ملف "إيلاف" حول "ربيع العرب" وفزاعة الأصوليّة (2/6)
الأنظمة الاستبداديّة والأقليات... حاميها يحتمي بها!

من جهته يقول الناشط السياسي نبيل فرحات وهو عضو المجلس السياسي لحزب "تونس الكرامة" (ليبرالي) معلقا على فزاعة الأنظمة العربية التي لم يتقبلها قراء إيلاف إنّ "معظم الدكتاتوريات العربية تخاطب اللاوعي بطرق عدة، حتى تدخل الخوف وتبقي عليه عميقا في النفوس".

ويضيف فرحات: "يبدو أن تخيل سيناريو مجموعات دينية متطرفة تمارس السلطة وتستفرد بها هو سيناريو مخيف لشريحة كبيرة من الشعوب العربية والدول المجاورة على حد سواء، وفي الحقيقة، هذه الأنظمة أمام معضلة حقيقية، فهي لم تعد تمتلك قواعد نظرية تحكم بها المجتمع وتتحكم فيه من ناحية، ولم تتمكن من إعادة إنتاج نمط حكم جديد بالسرعة الكافية المواكبة لسرعة سقوط آليات عملها وأسس أنظمتها وسياجها النفسي المتغلغل في نفوس شعوبها. إذا، ليس أمام هذه الأنظمة لربح الوقت حتى تتمكن من ترميم نفسها وربما تطعيم نواتها، إلا اللعب على القاعدة الثانية التي ذكرتها أعلاه، وهي التخويف لمواصلة الحكم.

يختلف المحلل السياسيّ جمعة القاسمي في بعض التفاصيل مع كل من الكحلاوي وفرحات، إذ يرى أنّ لهذه الفزاعة التي ترفعها الأنظمة خصوصية ومُميّزات.

وبحسب القاسمي، فإنّ خصوصية التلويح بحكم "الإسلام المتشدد" في حال سقوط تلك الانظمة تستمد مشروعيتها من مشروع "مكافحة الإرهاب" الذي فرضته الإدارة الأميركية والدوائر الغربية، على المجتمعات العربية والإسلامية.

ويرى القاسمي أن الأنظمة العربية انخرطت باكرا في المعركة ضدّ الإسلاميين في تماه مع المشروع الأميركي، وهي اليوم تبحث عن دعم غربي في مواجهة شعوبها.
لكنّ المحلل السياسي التونسي، لا يقلل من خطورة ما أسماها "جماعات متطرفة منسلخة عن الإسلام السياسي لها مشاريع عنيفة".

عن سؤال متعلق بالجهة التي توجه لها الأنظمة العربية هذه الفزاعة، يقول الأستاذ الجامعيّ طارق الكحلاوي إنها موجهة للداخل وللخارج أي للغرب، بدرجة أولى للخارج لأن هذه الأنظمة حتى تلك التي تحمل أجندات ذات صبغة "وطنية" أو "معادية للهيمنة الأجنبية" تتصرف عمليا بطريقة تجعل اهتمامها مركزا على ردود أفعال الخارج وتحتقر عموما معادلات الداخل.

ولكن موجهة أيضا للداخل، إذ قامت هذه الأنظمة وأحيانا ببعض النجاح بترويج سردية منتظمة حول أنها تحمي شعوبها حتى إن لزم الأمر بأدوات الإرهاب والاستبداد من "البديل الأسوأ".

يضيف كحلاوي أنه "من الواضح أن في الداخل مفعول هذه الرواية بدا متلاشيا خاصة في سياق الثورات الحالي، وهو بالتأكيد في الطريق إلى تلك الحالة في الخارج حتى بالنسبة للعواصم الأكثر قلقا من الظاهرة الإسلامية، وباريس على رأسها".

أما نبيل فرحات الناشط السياسي فيقول إنّ تخيير الأنظمة الحالية شعوبها بين بقائها أو تعويضها بنظام متشدد وإرهابي هو في الحقيقة "وهم وتهويل لا مبرر له".

ويضيف:" جيل الشباب الذي قاد هذه الثورات هو جيل عصري واستخدم التكنولوجيا الحديثة للتعبير عن احتجاجه وآماله في مستقبل أكثر تحررا من كوابح الماضي، وسيبقى متسلحاً بهذه التكنولوجيا لممارسة الرقابة على أجهزة السلطة ومنع تحولها إلى الفردية أو التسلط، والثورة في كل من مصر وتونس شكلت نموذجاً لبقية البلدان العربية الساعية إلى التغيير الديمقراطي، الذي سيحتاج بعض الوقت".

وحول ما يمكن استخلاصه من نتيجة استفتاء "إيلاف" وتصويت الغالبية، يقول المحلل السياسي جمعة القاسمي إنّ النتيجة طبيعية جدا، ففي السياسة على حدّ تعبيره، يجب أن نأخذ في الاعتبار المزاج الشعبي أو الجماهيري الذي لا يكون دائما على حقّ، لأنه يتشكل حسب الضغط الإعلامي المتواصل الذي يشكل وعيا جديدا قد يختلف كليا عما كان سائدا، لذلك فالقراءات تختلف من هنا وهناك.

أما بالنسبة لأستاذ التاريخ في جامعة روتغرز الأميركية طارق الكحلاوي، فإنّ قراء إيلاف "بميولات واهتمامات محددة"، ربما ليست دائما منسجمة، لكنها شريحة مختلفة عن قراء موقع أو جريدة أخرى، على حدّ تعبيره.

ويختم قائلا: "هذا يعني أنهم يمثلون أوساطا محددة وليس بالضرورة شريحة معبرة عن الجميع، لكنهم لا يمكن أن يكونوا عموما متعاطفين مع الطيف الإسلامي بشكل عام، لهذا هم على الأرجح تعبير عن عمق انقشاع الوهم في الشارع العربي عن الرواية التي رددتها الأنظمة لفترة طويلة، وموقفهم تعبير عن فشل هذه الرواية".

لغة الدكتاتور واحدة

وفي لمحة موجزة لأبرز التهويلات التي ترددت في وجه الثوار والمتظاهرين، قال زين العابدين بن علي في ثاني خطاب له بعد اندلاع الاحتجاجات في تونس إنّ أطرافًا خارجية وعصابات ملثمة وأيادي لم تتورع عن توريط التلاميذ والشباب العاقل تسببت في الاضطرابات التي تشهدها عدة مدن تونسية، واصفا ما يجري في بلاده بـ"العمل الإرهابي". أمّا الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، فأشار في خطاب (زنقة زنقة) الشهير إلى إنّ إمارتين إسلاميتين قامتا في ليبيا، ملوحًا بأنّ البديل عنه وعن نظامه قيام إمارات تابعة لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. أمّا في اليمن، فاتهمت السلطات في أغسطس الماضي رجل الدين عبد المجيد الزنداني وآل الأحمر الذين يحظون بالاحترام في أوساط الثوار، بتمويل الإرهاب وحشد المئات من الإرهابيين لمواجهة القوات المسلحة.

إلى سوريا، التي لم يشذ دكتاتورها عن نغمة نظرائه، قال بشار الأسد منذ أسابيع قليلة خلال لقائه وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو إنه لن يتهاون في ملاحقة "المجموعات الإرهابية"، في حين تواصل آلته الدعائية الرسمية وصف المحتجين بالإرهابيين والمسلحين. أما مصر التي أنهت حكم حسني مبارك بثورة عارمة، فقد خيّر النظام المتهاوي الشعب والعالم بين بقائه وسطوة المتشددين من بعده.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تلك الأيام نداولها .
عبدالاله الوزاني الت -

إن ما يعيشه العالم العربي من ثورات غير متوقفة ، يدخل في صميم حكمة الله في خلقه ، حيث وضع سبحانه في كونه سننا كونية تنظم شؤون البشرية بالعدل والقسطاس المستقيم ، الذي لامجال فيه لتلاعب المتلاعبين أو تزوير المزورين ، إنها سنة التداول على الحكم والسيادة والريادة ، لاتبديل لها ولاتغيير . والآن أدركتنا والحمد لله مرحلة عودة العزة والرفعة ..إننا في بداياتها . فلا تجهضوها .رجاء .

تلك الأيام نداولها .
عبدالاله الوزاني الت -

إن ما يعيشه العالم العربي من ثورات غير متوقفة ، يدخل في صميم حكمة الله في خلقه ، حيث وضع سبحانه في كونه سننا كونية تنظم شؤون البشرية بالعدل والقسطاس المستقيم ، الذي لامجال فيه لتلاعب المتلاعبين أو تزوير المزورين ، إنها سنة التداول على الحكم والسيادة والريادة ، لاتبديل لها ولاتغيير . والآن أدركتنا والحمد لله مرحلة عودة العزة والرفعة ..إننا في بداياتها . فلا تجهضوها .رجاء .

لا اتفق مع العنوان
قيس منصور -

عمر الاسلام المتطرف لن يكون قصير في دول اسلامية يسودها الفقر و الجهل. لأن الاسلام المتطرف يتم دعمه من دول غنية التي تصرف ملايين الدولارات بدون توقف لنشر تطرفها. و الفقر و الجهل هما اخصب تربة لها.

ليحكم الأسلاميون
هشام حبيب -

بكل أمانة ، أتمنى ان يصل الأسلاميون للحكم عن طريق الأقتراع النزيه ولنرى ما هو منهجهم في تنمية الدولة والمجتمع . هل ستكون الممنوعات هي الشغل الشاغل لهم؟ أم تقليم أضافر الخصوم همهم الآخر ؟ وهكذا. ليس الدين منهج حكم ، أنه أمر روحاني شخصي بحت . ستدخا الشعوب العربية في حقل تجارب آخر تحت الحكم الأسلامي بعد ان فشلت الأنماط السابقة في العقود الستة الماضية. ثم تكتشف هذه الشعوب أن لا بديل لها عن الحرية الفردية والديمقراطية والسلم الأجتماعي الحقيقي