أخبار

حملات للمطالبة بتحديد سن قانونية للزواج

"عرائس الموت" في اليمن يحلمن بالعودة إلى المدرسة

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تعد ظاهرة "الطفلات المزوجات" أو "عرائس الموت" كما يُسمين في بعض الحالات، أمرًا رائجًا في اليمن الذي يعاني من انتشار الفقر والجهل ومن التركيبة القبلية. وتحلم فتيات قاصرات زوجن قسراً بالعودة الى المدرسة.

صنعاء: عادت سعدة، التي زوّجها والدها عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها، إلى بيت أهلها مصطحبة معها فقرها المدقع وطفلين اضافة إلى احلامها بالعودة إلى المدرسة. وقالت سعدة: "لا أريد زوجًا بعد الآن ابدًا. كل ما اريده هو الحصول على الطلاق والدراسة". وتحيط بعيني سعدة هالتان من السواد بينما تجلس على ارض الغرفة البائسة التي تعيش فيها مع طفليها.

وغالبًا ما تجبر الفتيات على الزواج فور البلوغ، ويكون ذلك في بعض الحالات مع رجال يكبرونهن سنًا بفارق كبير. ووالد سعدة الذي عجز عن اعالة عائلته، زوجها قبل خمس سنوات لتخليصها من فقر العائلة، ولتخليص العائلة من اعباء فرد اضافي.

ضرب وشتم!

الا أن زوجها سرعان ما بدأ يجبرها على التسول في شوارع صنعاء مع طفليها، إلى أن هربت منه وعادت إلى أسرتها. وقالت سعدة، وهي ترتدي العباءة السوداء التي تغطي كامل جسمها عدا اصابعها التي عليها آثار الحناء، "كان يضربني ويشتمني انا وعائلتي".

ويحيط بسعدة ولداها البالغان من العمر ثلاث سنوات واربع سنوات، وهما يحدقان بها باستمرار بينما تتكلم بصوت خافت. وقالت سعدة التي لا يتطابق معنى اسمها مع وضع حياتها: "حياتي صعبة مع اسرتي اذ اننا نعتمد على مساعدات صغيرة من الجيران لنعيش. الا أن هذه الحياة تبقى افضل من حياتي مع زوجي".

وإلى جانب سعدة، تجلس شقيقتها آمنة البالغة من العمر 16 سنة، والتي هي بدورها زوجها والدها لشخص دفع عنه دينًا يبلغ 20 الف ريال، أي 93 دولارًا. وقالت آمنة التي تمكنت في النهاية من العودة إلى المدرسة "انا ايضا ضحية للزواج المبكر".

وكانت آمنة تعرضت للتعنيف من قبل زوجها، الا انها هربت منه بعد خمسة اشهر فقط من الزواج. وقال آمنة: "لقد وضع زوجي في يوم من الايام خنجرًا على بطني وجرني إلى خارج منزل والدي ثم ضربني في الشارع امام الجميع قبل ان يأخذني مجددًا إلى منزله".

مطالب لتحديد سن الزاوج

واطلق ناشطون يمنيون عدة حملات للمطالبة بتحديد سن دنيا قانونية للزواج. وكانت وزيرة حقوق الانسان في الحكومة اليمنية حورية مشهور أكدت أنها تسعى الى اعادة احياء مشروع قانون موضوع في الادراج منذ 2009 يحدد السن الدنيا لزواج الفتيات بـ 17 سنة، مع تعديله لتصبح السن 18 عاماً.

واكد ناشطون أن نوابًا من حزب الاصلاح الاسلامي عرقلوا تبني هذا القانون. وقبل توحيد اليمن في 1990، كان القانون ينص على منع زواج الفتيات دون الـ15 عامًا في الشمال، ودون الـ 16 عامًا في الجنوب، الا انه بعد الوحدة لم يعد هناك نص بهذا الخصوص.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الشهر الماضي إن 14% من الفتيات في اليمن يتزوجن قبل سن الـ15، و52% قبل سن الـ18، وذلك استنادًا إلى ارقام يمنية رسمية وأخرى من الامم المتحدة. وفي بعض الاوساط الريفية، يتم تزويج فتيات في الثامنة من العمر لرجال يكبرونهن باشواط في بعض الحالات.

"اغتصاب شرعي"

وغالباً ما تعاني القاصرات المزوجات من العنف من قبل الزوج الذي "يضرب ويستغل زوجته ويحرمها من الاكل ويجبرها على ممارسة الجنس"، وذلك بحسب احمد القرشي الذي يدير جمعية "سياج" اليمنية المتخصصة في حماية الطفولة.

وقالت الناشطة اليمنية اروى عثمان "إنه اغتصاب تحت ذريعة الشريعة". وكانت تقارير اشارت الشهر الماضي إلى وفاة فتاة تدعى روان في الثامنة من عمرها نتيجة لتعرضها لنزيف حاد بعد تزويجها من رجل في الاربعين من عمره، وذلك في احدى المناطق النائية في شمال اليمن.

ونفت السلطات بعد ذلك هذه الانباء وقدمت إلى الصحافة طفلة قالت إنها روان وإنها لم تتزوج قط. ولكن في نيسان (أبريل) 2010، توفيت الهام العشي بعمر 13 سنة بسبب اغتصابها من قبل زوجها بعد خمسة ايام من تزويجها، كما توفيت فتاة في الثانية عشرة في ايلول (سبتمبر) من السنة نفسها اثناء انجابها طفلاً توفي بدوره.

وغالباً ما تخشى الفتيات من مواجهة قرار العائلة أو الحديث عما يتعرضن له من تجاوزات في مجتمع يعتبر أن تحدي ارادة الاهل في موضوع الزواج يجلب العار. الا أن محكمة يمنية منحت في 2008 الطفلة نجود محمد علي التي كانت في الثامنة من عمرها الطلاق من زوجها الذي يكبرها بعشرين سنة، والذي اجبرها والدها على الزواج منه، وذلك في قضية هزت المجتمع اليمني.

وبالرغم من تعاطف بعض الجيران، الا ان سعدة وآمنة تواجهان ملامة محيطهما. وقالت سعدة "بعض الناس ينظرون الينا باحتقار لأننا هجرنا منزل زوجينا". ويبدو أن شقيقتهما الثالثة نعمة البالغة من العمر 14 عامًا قد تعلمت الدرس. وقالت مبتسمة: "لن اتزوج قبل أن انهي دراستي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف