رأت أن العرب بحاجة إلى ثورة تعليمية
الملكة رانيا: الملك عبدالله مؤمن بمشاركة الشعب بالإصلاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في حديث الملكة الأردنية رانيا العبدالله الكثير من التصميم، خصوصًا عندما توضح رؤيتها للتغيير العربي، وتؤكد أن الملك عبدالله يريد مشاركة كل فئات شعبه بعملية الاصلاح، وحين تعلن أن العالم العربي بحاجة ماسة إلى ثورة تعليمية، فالتعليم النوعي حبل النجاة.
عمان: من يسمع حديث الملكة رانيا العبدالله يعرف تمامًا أنها متابعة لأدق التفاصيل في الاردن وفي المنطقة العربية، وملمة فعلًا بتشخيص مشاكلهما بعين ثاقبة، ومدركة أهمية التعليم في السير بالعرب قدمًا نحو الغد.
والملكة رانيا تعرف تاريخ مملكتها، لذا تبدو على رسلها وهي تصف الهاشميين بأنهم سياسيون منذ الأزل، محنكون ومخضرمون وحاملو رسالة تجمع ولا تفرق، رسالة الانفتاح والاعتدال والتعايش وحماية حقوق الانسان وكرامته.
تتجنب الخوض في السياسة، لكنها لا تنأى بنفسها عن جهود الاصلاح السياسي الذي يقودها الملك عبدالله الثاني، وتقول: "يؤكد جلالة سيدنا - كما تحب أن تخاطبه دائمًا - أن عملية الاصلاح مستمرة، ولن تتوقف، ومشاركة جميع مكونات المجتمع الأردني فيها هامة جدًا".
دمنا غالٍ
ترى الملكة رانيا أن الشعب الاردني قد أظهر في أكثر من مناسبة روح المسؤولية والانتماء، وأن الاردن أظهر ثباتًا على مواقفه المبدئية رغم مساحته الصغيرة، فهمته ليس لها حدود. أضافت: "الاردني يحب التفاعل مع العالم من حوله، وعلى الرغم مما يقال عن الكشرة الاردنية، فوراءها قلب طيب وشعب مضياف".
ولا تتغاضى عن أحداث العالم العربي، ما كان محاورًا للأردن وما بعد عنه، فالمطلوب إعادة الاعتبار لقدسية الحياة العربية، والتأكيد على حرمة الدم العربي، "فدمنا ليس رخيصًا، ودم اولادنا غال".
بالنسبة إلى الملكة رانيا، أكبر تهديد يواجهه العالم العربي اليوم هو التمزق من الداخل، تفتيتًا أو التفاتًا إلى هويات فرعية، "فالعالم العربي يمر بظروف استثنائية، وهو على مفترق طريق، والاردن يسير على نهج المغفور له جلالة الملك الحسين، القائم على التفاؤل والاعتدال، وجلالة الملك عبدالله متمسك بهذا النهج، ويسير عليه، فالهاشميون سياسيون منذ الأزل، محنكون ومخضرمون وحاملو رسالة تجمع ولا تفرق، رسالة الانفتاح والاعتدال والتعايش وحماية حقوق الانسان وكرامته، وكانوا دومًا الضامن لأمن واستقرار الاردن، على الرغم من شح موارده".
تستغرق وقتًا
تنظر الملكة رانيا إلى المستقبل، وتقول: "الاصلاح في الاردن مستمر بطريقة تدريجية ومبرمجة ومتوازنة، وموقف الاردن من الاصلاح ليس جديدًا، والوعود الوهمية لم تعد مقبولة، وما نتطلع له هو الحشد وراء حلول وبرامج ومبادرات قابلة للتطبيق، فلا الأردن ولا العالم العربي يريد شعارات وايديولوجيات، تنقله فجأة أميالًا إلى الامام، لكن المطلوب خطوات عملية صغيرة تنقلنا تدريجًا بمجملها آلاف الاميال إلى الامام".
وأضافت: "عند الشعوب، لا يوجد ما هو أثمن من الامن والاستقرار، وحالة الاستقطاب والاحتقان والتحريض السائدة في المشهد العربي اليوم لا تفيد احدًا، وتضر بالجميع"، مشيرةً إلى أن الديمقراطية هي الحل، "لكنها ليست سهلة ولا يوجد طريق مختصر لها، فهي عملية تراكمية، كل مرحلة تبني على المرحلة التي قبلها، ولا يمكن القفز فوق أي مرحلة".
أضافت: "بناء ديمقراطية مستدامة، قابلة للحياة، متجذرة بتراثنا وتاريخنا ومبادئنا وقيمنا، عمل أجيال ويستغرق وقتًا طويلًا، لكن لا مكان للملل في نفوسنا، ونريد خطوات قوية وثابتة من دون تقوقع أو تردد، تنقلنا إلى أفق جديد".
ثورة تعليمية
في بحثها عما يساعد الأردنيين والعرب عمومًا في مواجهة التحديات، تبحث الملكة الأردنية عن أصل المشكلة، فتجد العرب متخلفين عن ركب الغرب، بسبب تراجع التعليم لديهم. تقول: "يحتاج العالم العربي اليوم إلى ثورة تعليمية جوهرية، تحقق طموح كل أم وأب في توفير تعليم نوعي لأطفالهم، فالتعليم في العالم العربي ركز على الكم وليس على النوع، وأنا أؤمن بأنه إذا كان هناك حل واحد جذري يعالج معظم التحديات والمشاكل التي يواجهها العالم العربي فهو التعليم النوعي، الذي يحقق مبدأ تكافؤ الفرص، رغم الظروف التي يولد فيها كل واحد".
تضيف: "علينا الاعتراف بأن التعليم في الأردن يواجه تحديات جسيمة بسبب قلة الموارد، والازدياد المفاجئ في عدد السكان والناجم جزئيًا عن تدفق اللاجئين السوريين، لكن الخطوة الأولى لحل أي مشكلة هي الاعتراف بوجودها".
وترى الملكة رانيا ان على العرب التركيز على مخرجات التعليم وليس مدخلاته فقط، "فالثورة المعلوماتية واقتصاد المعرفة شكلا انقلابًا على العملية التعليمية بكل جوانبها، لكن آثار الانقلاب لم تصل إلى صفوفنا المدرسية، واليوم أكبر تحد في العالم العربي وقد يكون جمود نظمنا التعليمية وعدم محاكاتها لمتغيرات العصر، وبالأخص متطلبات سوق العمل، فنرى ملايين الأطفال والشباب الخريجين من الصروح العلمية والمدارس والجامعات، لكن كم منهم مخترع أو مبتكر أو مبدع". يتضاعف كم المعرفة في العالم كل خمس سنوات، "وبحلول العام 2020، سيتضاعف هذا الكم كل 72 يومًا، فما يتعلمه الطفل اليوم قد لا يفيده بعد أشهر، لكن نجد اصرارًا عند العرب على تلقينها".
أضافت: "يعيش العرب اليوم في عالمين مختلفين، حقيقي وافتراضي، وعند الابتعاد عن العالم الافتراضي، يرجع الطالب إلى عالمه الحقيقي فيشعر بالاحباط، فنحن نعلم أولادنا كيف يحفظون ولا نعلمهم كيف يفكرون".
طرح ثالث
على المستوى السياسي العام، ترى الملكة رانيا أن العالم العربي بحاجة ملحة لطرح ثالث، أي لطريق وسطي، "طريق يقول انا عربي مسلم متمسك بكل العادات والتقاليد، وانا افتخر بها، وفي نفس الوقت أريد أن أكون جزءًا من العالم واتفاعل معه".
لكن العالم يصور العرب والمسلمين في صورة نمطية غير ملائمة، ولهذا أطلقت حملتها على يوتيوب لتغيير هذه الصورة، "فالاستطلاعات العالمية تشير الى أن التحيز ضد المسلمين في الغرب ينخفض بشكل ملحوظ". تضيف: "للأسف، الصورة النمطية السائدة عن الإسلام اليوم أنه دين كراهية وعنف وأن المسلمين إرهابيون، وهذه قضية خطيرة يجب ألا نتجاهلها، لأنها تزرع الخوف من المسلمين وتشجع على التحامل ضدهم، وعلينا أن نأخذها بجدية، فهذه الصورة هي أبعد ما تكون عن الحقيقة".
ترد الملكة رانيا الأمر إلى فهم متشدد للاسلام. تقول: "في بعض الاحيان، تكون اللغة المستخدمة في الحديث عن الاسلام تبسيطية وسطحية، وأحيانًا اختزالية، ونسمع تصنيفات خاطئة كالإسلام المعتدل والإسلام المتشدد، لكن الإسلام بطبيعته وسطي ومعتدل، انما هناك فهم متشدد له، ويجب أن ننظر إلى ما يحدث في أماكن مختلفة من العالم من إساءات وعنف باسم الإسلام، والتي للأسف تكرس الصورة النمطية السائدة بأذهان الكثيرين عن الإسلام، بينما الدين الإسلامي كما جميع الأديان السماوية مبني على الرحمة، ونحن كمسلمين قبل أن نبدأ أي عمل أو تصرف نذكر اسم الله الرحمن الرحيم، والمسلم هو من سلم الناس من يده ولسانه، لكن الخطاب الديني اليوم رهينة فتاوى التكفير والتعصب والانغلاق ودعاوى التطرف والكراهية والفتنة الطائفية، فأين الرحمة في هذا؟".
مع النقد ضدّ التجريح
تخرج من العام، لتدخل في الخاص، فتقول إن ما يضايقها هو التجريح، بينما النقد تتقبله بصدر رحب. تقول: "هناك فرق بين انتقاد مبني على حقائق أو وجهة نظر عقلانية، وانتقاد مبني على شائعات، القصد منه التجريح والإيذاء، فهناك شائعات مست بنزاهتي والمبادئ التي تربيت عليها، وبأهلي من دون وجه حق، فجرحتني، لكنني مع النقد البناء".
إلا أن التعرض للشائعات جزء من الحياة الملكية، التي تسهب الملكة في الكلام عنها، عن الاجتماع على العشاء، وعن يوم الجمعة العائلي، حين يكون الملك عبدالله مع عائلته. تقول إنها تكلمه في السياسة، لكن يبقى رأيها رأيًا لا أكثر، ولو أنها متأكدة من أن الملك يصغي إليها، "المهم عندي أن يكون البيت هو المكان الذي يخفف على جلالة الملك من ثقل يومه، خصوصًا أنه يحب مشاهدة مباريات كرة القدم مع الاولاد".
ولا تتخلى الملكة عن أمومتها الفائضة، وهي تتكلم بزهو عن الأمير حسن الذي تخرج هذا العام من المدرسة، أو عن الأميرة إيمان التي تتخرج هذا العام. تقول: "هناك رانيا الملكة وهناك رانيا الام والابنة والصديقة والزوجة، وفي كل هذه الادوار لا اختلف عن أي سيدة أخرى في أي موقع آخر، لديّ نفس المخاوف وأواجه نفس التحديات وأحمل نفس الهموم".
ورانيا المرأة ترى أن لا امرأة واحدة يمكنها اختصار تمثيل المرأة العربية، إذ لا قالب موحد يمكن أن توضع فيه، مشيرة إلى بعض الانجازات التي حققتها المرأة العربية، "فمثلًا في العام 2010، في المملكة العربية السعودية، ذهب 70% من الشهادات الجامعية في مادة العلوم للاناث، وهذا المعدل يفوق بكثير المعدل نفسه في أوروبا الغربية".