أخبار

زار دول المجلس بـنيات حسنة كما عبّرت تصريحاته

هل تعيد جولة تميم قطر "الآبقة" إلى المظلة الخليجية؟

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

جال أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال الأسبوع الماضي وللمرة الأولى منذ توليه الحكم أربع دول خليجية، وكان قبل ذلك زار المملكة العربية السعودية.

نصر المجالي: المصادر القطرية قالت إن الشيخ تميم حرص على أن تكون زياراته الخارجية الأولى خليجية تأكيدًا على قوة العلاقة بين دول مجلس التعاون الست".

وفي حين شددت هذه المصادرعلى أن الجولة لها "دلالات طبيعة ودية ورمزية"، فإنها نفت أن تكون لها "علاقة بالملفات الإقليمية أو بالتحضير للقمة الخليجية المقبلة".

إلاّ أن المصادر القطرية أكدت من جانب آخر على أن "طبيعة الجولة الخليجية الودية لأمير قطر تحمل بالأساس رسالة سياسية واضحة، مفادها دعم قطر لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بشأن الاتحاد الخليجي". وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز طرح مبادرة للانتقال من مرحلة التعاون بين دول الخليج العربية الست إلى مرحلة (الاتحاد).

واضح أن الخطاب القطري الرسمي حول جولة الشيخ تميم مختلف تمامًا عن الخطاب الذي ظلت دولة قطر توجّهه إلى جاراتها و"شقيقاتها" الخليجيات طوال 18 سنة، خلفت من حكم الأب المتنازل الشيخ حمد بن خليفة.

يذكر أن جولة أمير قطر الخليجية شملت كلًا من الكويت والبحرين وسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. وباستثناء سلطنة عُمان، فإن علاقات قطر ظلت متوترة ومتأزمة مع الشقيقات الأخريات، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

لقد خلقت فترة حكم الأمير المتنحي، وهنا لا يمكن تجاهل دور (العرّاب) وزير الخارجية السابق حمد بن جاسم بن جبر، من دولة قطر "بؤرة" لإثارة للفتن والقلاقل والخصومات على أكثر من صعيد وفي أكثر من زاوية، عبر مجلس التعاون الخليجي وإقليم الشرق الأوسط.

وظلت دولة قطر توجّه بوصلة عدائها بالدرجة الأولى إلى الشقيقة الكبرى في مجلس التعاون الخليجي، المملكة العربية السعودية، ثم كرّت سبحة العداوات مع مملكة البحرين، فدولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، وتحالفت قطر جهارًا نهارًا وعبر كل قنواتها الدبلوماسية والإعلامية مع إيران ضد كل مصلحة خليجية، وكانت لطهران الكلمة الأولى لديها.

تحالفات غير مقدسة
وكانت دولة قطر بكل ثقلها (الإعلامي عبر قناة الجزيرة وقوتها من الغاز والنفط) شاركت وعلى خلاف رغبة مجلس التعاون الخليجي وأهداف قيامه قبل 32 عامًا في بناء تحالف "غير مقدس"، ضم إيران وسوريا بشار الأسد وحزب الله وحركة حماس ضد الجميع في الإقليم.

فوق ذلك، أقحمت الدوحة نفسها في تحالفات ثنائية مع طوائف، كالحوثيين في اليمن، وجبهات سياسية وأحزاب ضد كل ما هو قائم على الأرض من المغرب والجزائر فتونس وتشاد والسودان والصومال وجيبوتي واليمن وليبيا "ولو أنها تحالفت مع العقيد القذافي في فترة من الفترات خلال مواجهته مع المملكة العربية السعودية".

السؤال الذي يطرح نفسه راهنًا داخل المنظومة الخليجية هو هل أن دولة قطر راغبة فعلًا وفي شكل منهجي وواقعي وعملي في ظل أميرها الشاب العودة إلى الإطار الطبيعي الذي يربط بين دول مجلس التعاون الخليجي أم لا؟. هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن كل تصريحاته التي أطلقها في الدول الأربع التي زارها كانت تصبّ في هذا الاتجاه، على أنه يمكن أن يُنظر إليها من زاوية كانت تتطلبها الحالة "البروتوكولية".

لقد خاضت قطر عبر "دبلوماسيتها" السابقة بقيادة حمد بن جاسم بن جبر ومن ستوديوهات قناة (الجزيرة) في الدوحة وتقارير مراسليها وبرامجها الحوارية معارك شرسة ضد الكويت، التي لم تكن صحفها تقصِّر بالرد، حتى إن المعارك بين بن جبر وصحافة الكويت وصلت إلى ساحات القضاء.

المعارك مع البحرين
المعارك كانت أشد ضراوة مع مملكة البحرين، ليس فقط لجهة القضية التي انتهت بتحكيم دولي لمصلحة المنامة في ما يتعلق بجزيرة حوار، بل إن قطر في تحالفها السابق مع إيران كانت تدعم بشكل مباشر توجهات المعارضة الشيعية في المملكة الجارة، فضلًا عن تأجيج الصراع الطائفي والتشكيك بالمواقف الرسمية في البحرين الداعية إلى حوار وطني.

فكانت كل تقارير (الجزيرة) خلال الأزمة السياسية والطائفية في البحرين تصبّ في "خانة" المعارضة، لا بل إنها شكلت منبرًا إعلاميًا لها.

وإذا كانت قناة الجزيرة الناطقة بالعربية تراجعت في شكل ملحوظ على "التدخل" المباشر في الشأن البحريني، إلا أن قناة الجزيرة الناطقة بالإنكليزية ظلت على موقفها في نشر تقارير بعيدة عن الصدقية والحيادية، مع اعتمادها في مصادرها على بحرينيين متطرفين، ولا تأخذ وجهة النظر الأخرى في الاعتبار، وهذه القضية يبدو أنها طرحت خلال محادثات أمير قطر مع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة أو على هامشها.

مواجهات مع الإمارات
كما إن دولة الإمارات العربية المتحدة هي الأخرى لم تكن بعيدة عن مرمى نيران الديبلوماسية والإعلام القطري لسنوات طويلة، ليس فقط لجهة العلاقات المتينة، التي كانت تربط الدوحة بطهران على عاتق المطلب الإماراتي الدائم بحل دائم لمشكلة الجزر الثلاث التي تحتلها إيران منذ العام 1970، إذ رغم كل بيانات مجلس التعاون الخليجي للجارة إيران بضرورة حسم الأمر، كانت الدوحة تخرج على الصف في موقف مناهض يبدو مؤيدًا إلى حد كبير للموقف الإيراني.

كان هناك الكثير من القضايا "العرضية" التي تشكل بؤر توتر في العلاقات الإماراتية القطرية، لكن تداعيات الربيع العربي في العامين الأخيرين جعل مواقفهما متباعدة أكثر من أي وقت مضى، حيث هما انتهجتا رؤيتين سياسيتين مختلفتين.

ففي حين وقفت قطر من اللحظة الأولى، وما قبلها، مع ما تقول إنه التغيير في العالم العربي، ومن خلال ذلك دعمها العلني للحركات الإسلامية وخاصة (الإخوان المسلمين)... فإن دولة الإمارات وقفت على النقيض تمامًا من وقف الدوحة، فهي اتخذت موقفًا مناهضًا لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، وانعكس هذا على إدارة العلاقة مع الناشطين الإسلاميين في الداخل، ونفذت اعتقالات كبيرة وكذلك محاكمات في صفوف الإخوان لديها، مما جعلها عرضة لهجمات إعلامية مكشوفة من جانب الدوحة.

مصر وسوريا
لعل آخر مواجهة لا تزال قائمة بين دول مجلس التعاون الخليجي و"الشقيقة" قطر، التي ظلت للسنوات التي خلت تؤسس لتفاهمات ومحاور خارج المنظومة الخليجية، هي المواجهة في شأن الموقف من التحولات في مصر.

ففي حين لا تزال الدوحة ومعها (الجزيرة) بكل اللغات الناطقة بها تقف داعمة لجماعة الإخوان المسلمين والدعوة إلى إعادة ما تسمى (الشرعية)، فإن المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات والكويت والبحرين والأردن بادرت إلى دعم التحولات الجديدة في مصر.

على أن القطريين بعد هزيمتهم الكاسحة مع حلفائهم في مصر يقولون: "نحن ندعم الشعب المصري، وليس أي طرف معيّن"، وإلى اللحظة فهم لم يتعاملوا مع القيادة المصرية الجديدة بشكل عملي، وفي ذهنهم أن "الشرعية في الحكم لا تزال للإخوان".

ويبدو أن التداعيات المصرية في يوليو/ تموز الماضي جاءت بمثابة "ضربة قاصمة" لم تكن الدوحة تتوقعها لتنهي آخر أمل للقطريين وحلفائهم الإخوان بـ "تسيّد" القرار في إقليم الشرق الأوسط.

أما في الشأن السوري، الذي تقف فيه كل دول مجلس التعاون الخليجي موقفًا شبه موحد، عبر ضرورة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، فإن دولة قطر، التي كانت ترى أنها صاحبة الموقف الريادي في هذا الأمر، تراجعت بخطوات ملحوظة، ومن قبل تنحي الأب الشيخ حمد بن خليفة بأشهر، فإن المملكة العربية السعودية بدأت تأخذ الدور الريادي والرئيس بين العرب لتنفيذ مهمة إسقاط بشّار.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف