يطالبون بكوتة ومدنية الدولة وممارسة غير المسلمين شعائرهم
الأقباط: نرفض دستورًا يهدر حقوقنا ويدلل الأحزاب الدينية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
غضب ناشطون أقباط من طريقة عمل لجنة الخمسين لإعداد الدستور المصري الجديد، وأعلنوا أن الأقباط سيرفضونه في حال الإستفتاء عليه إذا لم ينص صراحة على حقهم في بناء الكنائس، وفي عدم تعرضهم للتمييز، أو عدم حظر الأحزاب على أساس ديني.
القاهرة: تواصل لجنة الخمسين وضع دستور مصري يكون بديلًا عن دستور 2012 الذي كتبه الإخوان، وهي تجري أعمالها في أجواء من السرية، ما أثار المجتمع ضدها، وأبدى مراقبون قلقهم وأعلنوا تشكيكهم في إخراج اللجنة منتجًا دستوريًا يلبي طموحات المصريين، الذين خرجوا في ثورتين طلبًا للحرية والعدالة الإجتماعية.
ويتحفز الأقباط للدستور الجديد، لا سيما أنه لم يلبِ طموحاتهم عقب مشاركتهم في ثورتي 25 يناير و30 يونيو. فكيف يرى الأقباط المصريون مستقبلهم في ضوء ما رشح حتى الآن من الدستور الجديد؟
كوتة للأقباط
وفقًا للناشط القبطي ورئيس حزب الحياة مايكل منير، فإن الأقباط يريدون دستورًا يكفل الحريات لجميع المصريين، ويتضمن تمييزًا إيجابيًا لصالح الأقباط والمرأة والشباب. أضاف منير لـ"إيلاف": "ثمة مقترحات تطالب بتحديد الكوتة بـ360 مقعدًا في البرلمان، بمعدل 200 مقعد للأقباط، و80 للمرأة، و40 للشباب، و20 للنوبة، 20 للمعاقين، فمن الضروري أن يكون الدستور معبرًا عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وجميع طوائف وأطياف الشعب المصري".
ولفت منير إلى أن مطالب الأقباط في الدستور الجديد تتمثل في ضرورة أن يكون دستورًا مدنيًا لدولة مدنية، وليست دولة دينية، موضحًا أن الدستور الحالي يسير في إتجاه بناء دولة دينية. وانتقد منير إشراك حزب النور السلفي في إعداد الدستور، رغم أنه حزب ديني وليس ممثلًا للتيار السلفي، وتساءل: "كيف يقال إن الدستور سيؤسس لدولة مدنية، ويحظر الأحزاب على أساس ديني، في حين أن حزب النور يشارك في إعداده؟"
استرضاء السلفيين
وقال منير إن التسريبات التي تأتي من أروقة لجنة الخمسين للدستور، تؤشر على أنه لن يكون على قدر تطلعات الأقباط والشعب المصري، "فلجنة الخمسين تحاول إسترضاء حزب النور السلفي، لدرجة أن رئيس اللجنة عمرو موسى إجتمع سرًا مع قياداته، ومنهم عبد المنعم الشحات، ومع ممثلي حزب النور باللجنة لمدة ست ساعات، للتفاوض حول المادة 219 المفسرة للمادة الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وحول تخصيص مادة تنص على إلزام الحكومة بتخصيص ميزانية تقدر بالملايين لنشر اللغة العربية في العالم، رغم أن مصر دولة فقيرة وتعاني من ضعف ميزانية الصحة والتعليم".
وذكر منير أن عقد الجلسات للتصويت على مواد المسودة الأولى سرًا، وحرمان أعضاء اللجنة الإحتياطية من حضور عملية المناقشة ومحاولة إسترضاء حزب النور، وإستقالة نجيب أبادير وليلى تكلا من عضوية اللجنة، كل ذلك يؤكد أن الدستور المقبل ليس توافقيًا، وحذر من أن الأقباط لن يوافقوا عليه عندما يتم طرحه للإستفتاء الشعبي.
الأزهر يتشدد
كما انتقد منير الأزهر الشريف، وقال إن الجميع في مصر وقف ضد محاولات الإخوان النيل منه ومن رموزه، مشيرًا إلى أن الأزهر يقود عمليات التشدد ضد الحقوق والحريات في لجنة الخمسين.
وأوضح أنه لا يستقيم القول إن مصر دولة مدنية ويحرم غير المسلمين من ممارسة شعائرهم، ويتم النص على أن لليهود والمسيحيين فقط ممارسة عقائدهم، في حين يُجرم الآخرون مثل البهائيين مثلًا، ونبه إلى أن غير المسلمين لهم حقوق في مصر قبل دخول الإسلام إليها، وحتى تاريخ قريب، قبل دخولها عصر البترودولار، على حد قوله.
ووصف الحديث حول مدنية الدولة بـ"غير المجدي" أو "الحديث العقيم"، مشيرًا إلى أن الشعب المصري حسم هذا الجدال عندما خرج بالملايين في ثورة 30 يونيو ضد الدولة الدينية التي حاول الإخوان والسلفيون فرضها عليه.
وأثنى منير على ما يقال عن مفوضية ضد التمييز سيتم النص عليها في الدستور الجديد، مشددًا على ضرورة أن تلتزم هذه المفوضية بمنح الأقباط حقوقهم في بناء الكنائس، لاسيما أنهم دفعوا ضريبة غالية للحرية، فحرقت كنائسهم وهدمت منازل بعضهم.
حكومة تعاني الإنفصام
وفي ما يخص موقف الأقباط من عزل الإخوان والحزب الوطني سياسيًا، يؤيد منير عزل من تلوثت أيديهم بدماء المصريين أو تورطوا في أعمال فساد، منوهًا بوجوب إصدار قرار رئاسي يعرف الإرهاب، ويحدد الجماعات والأحزاب المتورطة في تلك الجريمة، ويتم حظرهم سياسيًا ومحاكمتهم جنائيًا بأسرع وقت.
وإتهم منير الحكومة والنظام الحالي في مصر بـ"الإنفصام والإزدواجية، ففي الوقت الذي تقول فيه إنها ستحظر الأحزاب على أساس ديني، تعمل على إسترضاء حزب النور السلفي، وتجامله على حساب باقي طوائف الشعب في الدستور الجديد، وفي الوقت الذي تقول فيه إنهم تجار بالإرهاب تسعى للتفاوض مع الإخوان المسلمين، وتتقاعس عن تصنيفهم كجماعة إرهابية".
ووصف منير هذه الأوضاع بأنها صراع على السلطة، وقال إن أصدق جملة قالها نائب رئيس الوزراء زياد بهاء الدين هي: "الحكومة الحالية ليست ثورية"، داعيًا إياها إلى الإستقالة إذا كانت تشعر أنها بالفعل حكومة غير ثورية.
مدنية الدولة
الدولة المدنية التي تكفل حقوق جميع المصريين مطلب يؤكد عليه الناشط القبطي إبرام لويس، مؤسس رابطة ضحايا الإختفاء القسري. وقال لـ"إيلاف" إنه يعترض على المادتين الثانية والثالثة من الدستور، مشيرًا إلى أن الدولة لا دين لها، ولا يصح أن يقال إن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. وتابع: "ولا يصح أن يحرم الدستور غير المسلمين والمسيحيين واليهود من ممارسة شعائرهم في مصر، وهو ما تنص عليه المادة الثالثة (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية)، ولفت إلى أن هذه المادة تحرم أصحاب الديانة البهائية من حقهم في ممارسة شعائرهم، رغم إستماع لجنة الخمسين لمطالبهم ضمن إجتماعات الحوار المجتمعي، وحضرته الناشطة البهائية الدكتورة بسمة موسى.
تهديد بالرفض
أضاف لويس أن الدستور لا يضع تعريفًا لسن الطفولة، ما يفتح الباب أمام إستمرار عملية أسلمة الفتيات القاصرات المسيحيات، وهي واحدة من أكبر المشاكل التي تتسبب بشكل مباشر في إندلاع الفتنة الطائفية بمصر. وأشار إلى أن من يضعون الدستور تجاهلوا المطالب التي رفعتها رابطة ضحايا الاختفاء القسري، وقال: "أنا سلمت ورقة بهذه المطالب إلى رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى شخصيًا، ورغم ذلك تشير التسريبات إلى أن الدستور يجري على غير رغبة القطاع العريض من المصريين".
وأعلن لويس رفض الأقباط للدستور الحالي، إذا خرج على هذه الشاكلة، وقال: "إذا إستمر الأمر على هذا النهج، وإذا لم يتم النص على مدنية الدولة، فسوف نرفض الدستور".