قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ثمة من يربط بين حالات الاعدام المعلنة وعمليات التفجير في العراق، ما ينبه إلى أن الاعدام لم يعد أداة رادعة، بل تحول استفزازًا للجماعات المسلحة، خصوصًا أن غالبية المحكومين بالاعدام من السنّة. في غمرة الفوضى وأعمال العنف التي يشهدها العراق اليوم، أصبح فن الجلاد علمًا دقيقًا. ففي سجن كامب فايف، المحاط بأشد الحراسات الأمنية في بغداد، حيث توجد ردهة المحكومين بالاعدام، يتوجه المدان إلى غرفة يُسجل فيها وزنه ويُقاس طوله. ثم تقارَن البيانات المسلجة مع جدول على الحائط يحدد طول حبل المشنقة حسب وزن المدان وطوله. فإذا كان الحبل قصيرًا قد يبقى المعدوم معلقًا يتعذب بلا داع، وإذا كان طويلا قد يُقطع رأسه خلال تنفيذ الحكم، كما حدث في حالات سابقة.
الردهة المكروهةفي ردهة المحكومين بالاعدام نحو 1400 شخص، ونُفذ حكم الاعدام هذا العام وحده بحق 132 شخصًا، وهو أعلى رقم منذ أُعيد العمل بعقوبة الإعدام في العام 2004، وأُعيد معها العراق إلى زمن كان من أكثر الدول استخدامًا لهذه العقوبة، في عهد صدام حسين.وكان صدام من أوائل الذين أُعدموا شنقًا في سجن كامب فايف. والمفارقة أن السجن كان واحدًا من معتقلات صدام الرهيبة قبل أن تسيطر عليه القوات الاميركية وتحوله إلى قاعدة.لكن مراقبين يقولون إنه إذا كان هناك قلة ممن يشكون في أن صدام يستحق الاعدام، فإن هناك علامات استفهام كثيرة بشأن آخرين عُلقت الانشطوة برقابهم من بعده.وقال ناشطون في منظمات حقوقية وقاض عراقي سابق لصحيفة ديلي الغراف إن العديد من المحكوم عليهم بالاعدام أُدينوا على أساس أدلة واهية، أو اعترافات انتُزعت منهم بالتعذيب.وأكد هؤلاء أن عقوبة الاعدام لم تخفف مشكلة الارهاب في العراق بل زادتها تفاقمًا، مشيرين إلى أن العام 2013 اسوأ عام منذ العام 2008، من حيث عدد من قُتلوا في هجمات إرهابية وأعمال عنف أُخرى. ويحذر منتقدو عقوبة الاعدام من أنها تؤجج الاحتقانات الطائفية ايضًا لاستخدامها بصورة غير متناسبة ضد السنة.
استفزاز لا رادعقالت إيرين إيفيرس، المحللة المختصة بشؤون العراق في منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان: "هناك علاقة واضحة بين الاعدامات التي تُعلن وتصاعد التفجيرات الانتحارية وبالسيارات المفخخة"، في إشارة إلى أن مقاتلي تنظيم القاعدة هم عادة من السنة. واضافت: "عقوبة الاعدام تبدو استفزازًا أكثر منها رادعًا".ومن بين القضايا التي تبنتها منظمة العفو الدولي قضية محمود عمر عبد القادر، الذي أُلقي القبض عليه خلال اشتباك بين مسلحين وقوات الشرطة في العام 2006، للاشتباه بأنه مختص بتصنيع العبوات الناسفة. وقالت والدته، التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن حظ ابنها العاثر أوقعه بين نارين حين كان يتسوق. لكن لا قيمة لما تقوله الأم بعدما وقع عبد القادر على اعترافات يُقال إن منتسبي لواء الذئب سيء الصيت انتزعوها منه بالتعذيب.وقالت الأم لصحيفة ديلي تلغراف: "صبوا شايًا يغلي على كتفه الأيسر، ثم دعكوا حروقه بالملح، بعد ذلك ثقبوا يده وركبته بمثقب".وتزور أم عبد القادر ابنها مرة كل شهرين للتحدث معه من خلال قضبان مشبَّكة في غرفة حيث يجلس مرتديًا ملابس المحكومين بالاعدام، ومكبلًا بالأصفاد. وهي لا تعرف أي زيارة ستكون الأخيرة. وقالت: "ذهب ذوو محكومين بالاعدام لزيارتهم فوجدوا أن أبناءهم قد أُعدموا".
وجبة واحدةقال باحثون في حقوق الانسان، سُمح لهم بزيارة ردهة المحكومين بالاعدام، انهم سمعوا أن المحكومين بالاعدام حين يؤخذون في وجبة واحدة لتنفيذ الحكم بهم يرون حكم الاعدام يُنفذ بمن كان أمامهم في الطابور. كما يُسمع بوضوح صوت الباب عندما يُفتح تحت قدمي المعدوم في ردهة النساء المحكومات بالاعدام، حيث توجد نحو 40 سجينة.وقال قاض عراقي سابق استقال بعد نجاته من ثلاث محاولات اغتيال إن وزارة الداخلية العراقية كانت ترى أنه متساهل جدًا، لأنه كان دائمًا يصر على إعادة فتح ملفات كل من حُكم عليهم بالاعدام، استنادًا إلى الاعترافات وحدها. ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن القاضي قوله: "كنتُ أجد نحو 60 بالمئة من هؤلاء انتُزعت اعترافاتهم بالضرب، حتى أن الشرطة كانت تذهب إلى قاض آخر إذا كانت تريد إعدام أحدهم".ويبدو أن حكومة نوري المالكي لا تكترث بتشبيهها بنظام صدام. وقال سامي العسكري، عضو مجلس النواب ومستشار المالكي، إن عائلات ضحايا الارهاب تتهم الحكومة بأنها ليست حازمة بما فيه الكفاية. ونقلت ديلي تلغراف عن العسكري قوله: "نحتاج إلى رادع، فهذه ساحة حرب، ويجب أن ننتصر".في هذه الأثناء تعيش والدة عبد القادر في خوف من اليوم الذي يسجل فيه الجلاد وزن ابنها وطوله.