فرنسا تتهم الإدارة الأميركية بقصر النظر
كلام غربي يؤكد صلة الأسد الوثيقة بالقاعدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يسود كلام فرنسي اليوم عن أدلة دامغة تؤكد العلاقة الوثيقة بين بشار الأسد وقياديي القاعدة في سوريا، والدور الذي يلعبونه لتبييض صفحة الأسد عالميًا.
بيروت: ما إن تعسكرت الثورة السورية، بعد عام تقريبًا من انطلاقها سلمية، حتى اتضح للجميع الانقسام في سوريا، بين جيشين، أحدهما يقوى على حساب الآخر. فقد كان الجيش الحر، بعد تكونه من نواة شكلها ضباط انشقوا عن الجيش النظامي، يقوى شكيمة وعددًا وعدة، مع انشقاق الآلاف من جنود الجيش النظامي وكبار ضباطه، حتى مد هذا الجيش سيطرته على مناطق واسعة في سوريا، قالبًا الميزان الميداني لصالحه.
إسعافان
كان النظام السوري على قاب قوسين أو أدنى من السقوط، بعدما وصل الجيش الحر إلى محيط العاصمة دمشق، مسيطرًا على ريف دمشق والقلمون والغوطتين الشرقية والغربية، بعد تقطيعه أوصال الإمداد العسكري لجيش النظام. لم يكن أمام الرئيس السوري بشار الأسد إلا السقوط، لكن الإسعاف الأول أتاه من حزب الله، الذي تدخل في دمشق والقصير ومناطق أخرى، وما يزال. وكان الاسعاف الثاني من القاعدة.
لربما يكون هذا الكلام غريبًا، إلا أن المراقبين يعيدون التذكير بالدور الأساس الذي لعبه الأسد في تنشيط خلايا تنظيم القاعدة في العراق، من خلال تحويل سوريا ممرًا لها لتنفيذ عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية هناك، متخذًا السجون السورية مكانًا لتجميع عناصر القاعدة وتنظيمهم، وغسل أدمغتهم ليكونوا طوعًا في إمرة الاستخبارات السورية.
من السجون
حين أعلنت كتائب من الجيش الحر انشقاقها وتأليف جبهة النصرة لبلاد الشام، كانت عناصر القاعدة متغلغلة فيها، تحول دفتها شيئًا فشيئًا نحو مبادئ القاعدة. ويقول المراقبون إن العامل القطري لعب دورًا كبيرًا في ذلك، إذ قطر من أكثر الدول التي مولت التنظيمات الاسلامية في سوريا.
ولأن التمويل موجود، والسلاح يأتي من واسع، انقاد المقاتلون إلى النصرة أولًا طمعًا في سلاح يقاتلون به جيش النظام، بعدما كان بعض العناصر تنتظر مقتل رفاق لها لتأخذ سلاحها وتنضم إلى الجبهات، بسبب شحة الدعم للجيش الحر.
ثم انبثق في ليلة ليلاء تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، بهمة قياديين خرجوا من سجون النظام السوري، أو أخرجوا منه قصدًا كما قال أحمد الجربا، رئيس الائتلاف السوري المعارض، في كلمة ألقاها في أوائل الشهر الحالي، أمام القادة الخليجيين خلال افتتاح قمتهم. قال حينها: "النظام السوري وجد ضالته في الجماعات المتطرفة، فأخرج من أخرج من السجون، وسلح من سلح منهم، بشكل خاص تنظيم القاعدة في العراق وبلاد الشام أو داعش".
كلام فرنسي
يلتقي هذا الكلام اليوم مع كلام فرنسي يتهم السياسة الأميركية في سوريا بقصر النظر، بسبب تراجع الإدارة الأميركية عن القيام بضربة عسكرية للنظام السوري كان يجب أن تحصل، رغم الخوف من غموض يكتنف اليوم التالي للضربة.
فالتداعيات التي خاف منها الأميركيون يظنها الفرنسيون أخف تعقيدًا من الانعكاسات المترتبة على عدم القيام بالضربة. ويقول مراقبون فرنسيون إن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان أكد للسوريين وللحلفاء الطبيعيين في المنطقة أنه لا يهرب من مسؤوليته في الأزمة السورية، بل مستعد لتغيير الموازين جذريًا، كي يفهم الأسد أن الحل لا يشمله.
غير أن اختيار أوباما تسويف الضربة ونسيانها وكأنها لم تكن كان بمنزلة الضوء الأخضر للأسد بأن الولايات المتحدة لا تريد هزيمته، بل تريد بقاءه على رأس السلطة، إن تمكن من البقاء. وهنا كان قراره بتحقيق تفوق ميداني يستغل فيه انقسام المعارضة السياسية والعسكرية.
فأس القاعدة
لهذا، لا تأخذ فرنسا جانب المنادين بالواقعية السياسية في سوريا، ولا تتعاطى مع المسألة من زاوية تخويف العالم من الارهابيين الذين يتجمعون فيها، لأنها ترى أن الأسد أتقن لعبه بورقة جهاديي القاعدة، مقترحًا أن يكون رأس الحربة في قتالهم، ونجح في إقناع الأميركيين قصار النظر في ذلك، وهم نسوا أن الأسد هو نفسه من استخدم انتحاريي القاعدة في العراق، وساعد الجهاديين في سوريا، عندما أفرج عن المئات منهم، ومكنهم من الاستيلاء على أكبر مخازن السلاح العائدة للجيش النظامي، ليستخدموه في حربهم مع الجيش الحر. ومن المراقبين من يؤكد امتلاك فرنسا أدلة دامغة على هذا.
كما يذكر المراقبون بأن غارات الطيران على مدينة إعزاز السورية، المحاذية لتركيا، خلال المعركة التي كانت دائرة هناك بين داعش والحر استهدفت كلها مقار ومراكز الجيش الحر، ومكنت مقاتلي داعش من السيطرة الكاملة على المنطقة، وهذا تكرر في الرقة. ولهذا يعود الفرنسيون إلى التأكيد على ضرورة إحياء أقنية دعم المعارضة التي يمثلها الائتلاف الوطني السوري سياسيًا وهيئة أركان الجيش السوري الحر عسكريًا، قبل أن تقع فأس القاعدة في رأس الجميع.
طبيعة الوحش
يبدو أن الكلام الفرنسي يجد بعض الصدى في الولايات المتحدة، إذ اتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأسد بتغذية الصراع بين فصائل متشددة وأخرى معتدلة داخل المعارضة السورية، "لإظهار نفسه البديل الأفضل عن المتشددين".
وأكد كيري أن المساعدات التي عُلقت بعد سقوط مقر للجيش الحر بيد المتشددين ستعود قريبًا، بعد توفير ضمانات حول حماية المخازن للتأكد من عدم الاستيلاء عليها مستقبلًا، قائلًا في مقابلة صحافية: "أوقفنا المساعدات بسبب الاشتباكات بين المعارضين، فهذه هي طبيعة الوحش الذي أطلقه الأسد، الذي يقوم على الأرجح شخصيًا بتغذيته، لأنه يريد أن يظهر بمظهر الخيار الأفضل بموازاة البديل المتشدد، ولذلك فهناك بعض المؤشرات على قيامه بتذكية الصراع".
أضاف كيري: "المشكلة تكمن في وجود مجموعات إسلامية متشددة على الأرض، وهذه حقيقة لا تنكر، وكلنا أمل أن تستعيد المعارضة السورية توحدها مع اقتراب مؤتمر جنيف-2، الذي سيشهد مشاركة ممثلين عن النظام السوري ووفود من أكثر من ثلاثين دولة".