إيلاف تابعت خفايا التداعيات عبر مصادرها الخاصة
لهذه الأسباب أوقفت الإمارات صفقة "تايفون" البريطانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أحدث فشل المفاوضات الإماراتية البريطانية في صفقة مقاتلات "تايفون" ردود فعل سياسية واقتصادية وعسكرية، فضلًا عن أنها شكلت أكبر انتكاسة لديفيد كاميرون.
نصر المجالي: حسب ما توافر لدى (خزنة إيلاف) فإن مسألة سحب العرض الإماراتي كانت لها معطيات عديدة، بينها سياسية وتقنية، حيث أصرّ الإماراتيون خلال المفاوضات على تضمين الاتفاق عددًا من النقاط التي يرونها مهمة لهم وذات جوانب فنية تقنية.
وأمام "إيلاف" قال خبير تابع فحوى مفاوضات الصفقة، إن الإماراتيين لم يجدوا تجاوبًا إيجابيًا من نظيرهم البريطاني، الذي ظل متصلبًا في مواقفه أمام المطالب الفنية التي كان يركز عليها الإماراتيون.
مثل هذه "العقدة" كانت تتطلب تدخل من صاحب قرار عال أمام تعليق البريطانيين آمالهم على "حل سياسي ذي لمسة سحرية" تتم بين رجل الإمارات القوي الفريق أول طيار محمد بن زايد آل نهيان ورئيس حكومة الائتلاف ديفيد كاميرون.
زيارتا كاميرون
لهذا قام كاميرون بزيارتين إلى الإمارات لهذه الغاية، واضعًا كل ثقله لإنجاح الصفقة التي تحقق لصناعة الطيران العسكري البريطانية عقدًا يقدر ما بين 6 - 10 مليارات جنيه إسترليني.
مقابل الضغط المباشر الذي حاول كاميرون ووساطته لدى القيادة الإماراتية مقابل عدم تنفيذ شركة "بي آيه إي سيستمز"، وهي أكبر شركة أنظمة الدفاع الأكبر في أوروبا للموصفات الفنية للمقاتلة (تايفون)، فإن الشيخ محمد، وهو صاحب القرار الأول في الجيش الإماراتي، اعتذر عن التدخل، تاركًا القضية بمجملها في أيدي الفنيين ذوي الاختصاص من العسكريين.
وإذ ذاك، فإن فشل صفقة (تايفون) البريطانية سيجعل الباب أمام فرنسا لتنعم بصفقة سعت إليها طويلًا مع الجانب الإماراتي. وكانت الإمارات أجرت مباحثات لفترة طويلة مع شركة داسو للطيران الفرنسية حصرًا لشراء طائرات مقاتلة من نوع رافال، لتحل محل 60 طائرة ميراج، لكنها فتحت لاحقًا محادثات لشراء أسطول يوروفايتر (تايفون) التي فشلت الآن.
عامل سياسي
على صعيد متصل، لم تخف مصادر دبلوماسية غربية أمام "إيلاف" معلوماتها عن وجود عامل سياسي، قد يكون هو الآخر ساعد على إفشال صفقة (تايفون)، ونوهت هذه المصادر بتباين موقفي دولة الإمارات وبريطانيا من قضايا سياسية حساسة في الإقليم، لعل أهمها موقف البلدين من مصر والأزمة السورية.
فوق هذا، لمحت المصادر إلى أن دولة الإمارات لا تنظر بارتياح إلى التسهيلات المقدمة إلى بعض العناصر المعارضة، غالبيتهم من الإسلاميين، على الأراضي البريطانية، مما أثر على التعاون بينها في الجانب الأمني.
لكن من جانب آخر، أكد مصدر بريطاني لـ"إيلاف" العلاقات البريطانية الإماراتية "ستبقى دائمًا في مقدمة اهتماماتنا، وسنعمل على ترسيخها".
التوجه الإماراتي
إلى ذلك، يسجل مراقبون توجّه دولة الإمارات العربية المتحدة نحو تدقيق صفقات التسلح، في مجال الطيران وغيره، لجهة السعر وأيضًا لجهة المواصفات، مستغلة عامل تعدد العارضين في خدمة توجهّها إلى تطوير قدراتها الدفاعية. وهي تلجأ لهذه الغاية، وبالاعتماد على خبرائها، إلى مقارنات دقيقة لما يعرض عليها من صفقات.
ويقول خبراء في مجال تسويق السلاح إن توجّه الدول على غرار الإمارات إلى التدقيق في المفاضلة بين الأسلحة المعروضة جعل المنافسة تزداد شراسة بين مصنّعي السلاح العالميين.
مع ذلك فقد كانت صحيفة "الاقتصادية" السعودية نقلت عن خبراء دفاع بريطانيين قولهم إن الأمر لا يمكن اختزاله بتراجع قيمة الأسهم أو مخاوف بشأن تقليص العمالة، وإنما للقضية تبعات مستقبلية يجب على بريطانيا أن تعمل على تداركها سريعًا.
ويعتقد آر إس أوليفر الخبير في الصناعات الدفاعية، أن علينا أن ندرك أن عدم إكمال الصفقة جاء وفقًا للتصريحات البريطانية لأسباب تجارية محضة، وعلينا أن نتذكر أن المجموعة البريطانية كانت قد فشلت في إقناع الهند بشراء 126 مقاتلة من طراز "تايفون" لمصلحة شركة "داسو" الفرنسية، ثم جاء سحب الإماراتيين للعرض.
ضربة مؤلمة
أضاف أوليفر، أن هذا يمثل ضربة مؤلمة للمجموعة البريطانية، التي تعد أكبر شركة للمنتجات الدفاعية في أوروبا، وبذلك لن تستطيع أن تحافظ على موقعها كأحد أكبر الموردين للمقاتلات الجوية لبلدان دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح أن سحب العرض الإماراتي يعني أننا سنواجه مشكلة في تمويل مشروع دمج الجيل الجديد من الرادار في الطائرة "تايفون"، وهذا طلب دائم من قبل جميع المشترين المحتملين لهذه الطائرات، وكان سيمنح مقاتلات "تايفون" ميزة نوعية على منافسيها، وأبرزهم "رافال" الفرنسية.
إلى ذلك فإن الجانب السعودي يجري اللمسات النهائية على اتفاقيته للحصول على 72 مقاتلة من طراز (تايفون) البريطانية، كما تجري مفاوضات مع كل من سلطنة عمان ومملكة البحرين لشراء هذا الطراز، كما تفكر قطر والكويت بصفقات مماثلة.
وكانت تقارير صحافية قالت إن الصفقة مع السعودية وقّعت عام 2007، لكنها تتضمن بنودًا لإعادة التفاوض مع تغير الظروف الاقتصادية. وكانت الشركة البريطانية أكدت، بحسب الغارديان، على أن لديها علاقات مستمرة منذ وقت طويل مع "عميلها المهم جدًا في السعودية"، في إشارة إلى أنها قد تصل إلى اتفاق بشأن الصفقة.
المقاتلة تايفون
تتميز طائرة "التايفون" بتصميم إيرودينامكي عال يمنحها قدرة عالية على المناورة، حيث تعتمد الطائرة مبدأ الهيكل غير المستقر إيروديناميكًا وتحقيق الاستقرار المطلوب عن طريق أنظمة الطيران السلكي الحاسوبي الرقمي. أجنحة المقاتلة من النوع "المثلث" -دلتا- المصنوع من المواد المركبة في معظمه، واستخدمت في صناعة الهيكل والجناح مواد الكربون المركب والبلاستيك الزجاجي المقوى والتيتانيوم والألمونيوم. تستخدم جنيحات التقلب الأمامية في المساهمة في تحقيق مستوى المناورة الفائقة.
ورغم أن يوروفايتر تايفون لا تصنف كمقاتلة خفية، إلا أن عناصر في التصميم سمحت بخفض مقطعها الراداري مقارنة بالجيل السابق من المقاتلات الأوروبية، حيث صممت مداخل الهواء بشكل تخفي واجهة المقطع الأمامي لمروحة تربينة المحرك النفاث، وهو يعتبر واحدًا من أهم العواكس الرادارية في أي طائرة نفاثة.
ومع توافر القدرة على استخدام مواد ماصة للموجات الرادارية في بعض مناطق الهيكل الخارجي، نجح في التخفيض من المقطع الراداري في الواجهة الأمامية من المقاتلة، ولكن ليس لمستوى المقاتلات الخفية. تدفع هذه المقاتلة بزوج من المحركات النفاثة التوربينية عالية الأداء من طراز إي جيه 200 (EJ200) من إنتاج شركة يوروجيت توربو، يولد كل محرك مقدراه 20.250 رطل (90 كيلو نيوتن)، من الدفع عند استخدام الحارق الخلفي. وبإمكانهما دفع المقاتلة إلى التحليق بسرعة تفوق سرعة الصوت من دون الحاجة إلى حرق وقود إضافي تطبيقًا لمفهوم "التطواف الفائق"، وعلى العكس من المقاتلة الأميركية إف - 22 رابتور، فإنه لا يعرف مدى فعالية تطبيق التطواف الفائق في المقاتلة الأوروبية.
إنتاج تايفون
تساهم في إنتاج التايفون، وهي مقاتلة أوروبية مطورة، مجموعة من شركات عدة، هي بي إيه إي سيستمز البريطانية، "الينيا إيرونوتيكا" الإيطالية، إي أي دي إس الألمانية، و"أيدس كاسا" الأسبانية.
وقد حلقت الطائرات الأربع الأولى لهذه الدول المشاركة في المشروع للمرة الأولى في شباط/فبراير 2003م. وتمت الموافقة على نموذج التصميم النهائي لها في حزيران/يونيو من العام نفسه. وزوّد سلاح الجو الألماني ثم الأسباني يليه الملكي البريطاني بأول طائرات تايفون ذات المقعدين في صيف وشتاء 2003م، وأعقبتهما إيطاليا في مطلع العام 2004م. أما تصميم الطائرة بمقعد واحد للطيار فقد سلم في بداية عام 2005م، وتسلمت الدول المشاركة في إنتاجها نحو 50 طائرة.
وتجهز المقاتلة تايفون بمدفع من طراز "ماوزر بي كي" عيار 27 ملم، وفيها 13 موقعًا لحمل السلاح، أربعة تحت كل جناح، وخمسة تحت البدن. وتحمل الطائرة أنواعًا من الصواريخ للقتال الجوي المتفوق، وصاروخين جوالين كروز، ومثلهما مضادين للرادارات، وصواريخ مضادة للدفاعات الأرضية المعادية، وأخرى مضادة للدروع، وثالثة للمعارك البحرية.