المشهد السوري منح عبد الله الثاني قوة ونفوذاً واسعين
خطايا الإخوان لعبت لصالح استقرار النظام الأردني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أفضت خطايا جماعة الاخوان المسلمين، ومليارات الدعم الخارجي للأردن، والأزمة السياسية في سوريا، إلى استقرار نظام الملك عبد الله الثاني، وتمكُنه من بسط نفوذه وسيطرته على البلاد، وجنّبها سيناريوهات الرعب التي شهدتها دول "الربيع".
محمد نعيم من القاهرة: تزامناً مع اندلاع الشرارة الأولى لرياح ما يعرف بـ"الربيع العربي"، تواترت التقديرات حول امكانية تأثر النظام الاردني بتلك الرياح، ما يؤدي في نهاية المطاف الى سقوط النظام على خلفية ما جرى في القاهرة وتونس وطرابلس الغرب.
وبحسب تقديرات سابقة نشرها الإعلام العبري، بات العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني قاب قوسين أو ادنى من السقوط، واعتبر ساسة تل ابيب أن انهيار النظام في عمّان اصبح مسألة وقت، لكن رياح الربيع العربي أتت خلافاً لما اشتهته اسرائيل.
نفوذ النظام الأردني
رغم مرور ثلاث سنوات تقريباً على ثورة الياسمين في تونس، وما تلاها من ثورات في القاهرة وطرابلس الغرب وصنعاء ودمشق، الا أن قبانة الميزان رجحت لصالح النظام الاردني، واستطاع الملك عبد الله الثاني مجابهة ما تتعرض له بلاده من مؤامرات.
وخلال الشهر الماضي فقط، اصبح الاردن عضواً في مجلس الامن التابع للامم المتحدة، ما يُعد اعترافاً من المجتمع الدولي بقوة النظام الاردني، وقدرته على بسط نفوذه وسيطرته على البلاد، وانقاذها من موجات التطرف والارهاب، وزعزعة الاستقرار، التي اضحت مشهداً تقليدياً في دول ما يُعرف بالربيع العربي.
مجلة "والاّ" المحسوبة على التيار اليساري في اسرائيل، تحدثت بإسهاب غير مسبوق عمّا جرى ويجري في ثاني دولة، ابرمت اتفاق سلام مع تل ابيب بعد مصر.
تقول المجلة: "في نهاية الاسبوع الماضي، ضربت الاردن عاصفة ثلجية، لا تختلف كثيراً عن العاصفة عينها، التي ضربت اسرائيل ولبنان وسوريا وكذلك السعودية، وغيرها من دول منطقة الشرق الاوسط".
وتكرر المشهد الدراماتيكي في القدس مع الاردن، حينما تعطّلت عشرات السيارات في الشوارع، وقال اكثر من شاهد عيان اردني، إن الملك عبد الله الثاني نزل من سيارته بنفسه الى الشوارع، وهو يرتدي كوفيّة وغطاء رأس أحمر، وساعد المارة في اماطة السيارات المعطوبة عن نهر الطريق.
مساعدة الشعب في عمليات الانقاذ
رأى خبير الشؤون العربية الاسرائيلي البروفيسور ايال زيسر، أنه من الصعب تكرار هذا المشهد في أي من الدول العربية.
واضاف: "يستحيل رؤية زعيم عربي واحد يقوم بتلك الانشطة، باستثناء رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية، الذي هرول هو الآخر الى الشوارع في محاولة لتصدير صور المشاركة في عمليات الانقاذ للمجتمع الدولي، لكن العاهل الاردني رأس النظام الرسمي في الاردن، آثر القيام بتلك المهام رغم عدم حاجته لتصدير اية صور دولية أو اقليمية".
من جانبه، يؤكد ثاني سفراء اسرائيل لدى عمّان، وأهم الباحثين بمركز الأمن القومي الاسرائيلي، البروفيسور عوديد عيران: "هناك العديد من الاسباب التي منحت العاهل الاردني قوة وثباتاً، لمجابهة موجات الثورات الشعبية، التي عصفت بدول في منطقة الشرق الاوسط، اولها: استحواذ عبد الله الثاني على تأييد جماهيري جارف بين ابناء شعبه، خاصة تلك الجماهير ذوي الاصول الاردنية، اما المعارضة الصوتية في الاردن، فتقتصر في معظمها على جماعة الاخوان المسلمين، وعلى الجماهير فلسطينية الأصول، محسوبة على التيار الديني".
لذلك بحسب الخبير الاسرائيلي، يرى الاردنيون أن البديل المطروح لتولي السلطة حال الاطاحة بالعاهل الاردني، لن يكون في مستوى تطلعات الجماهير، لاسيما في ظل الوضع العصيب، الذي تعيشه جماعة الاخوان المسلمين في المنطقة. وحتى وقت ذروة الاحتجاجات ضد الملك الاردني، كان عدد المشاركين من جماعة الاخوان المسلمين في المظاهرات ضئيلاً للغاية، ولا يتجاوز ما بين 15 الى 20 الف شخص.
خطايا الاخوان لصالح الملك
يفجر الخبير الاسرائيلي قنبلة من العيار الثقيل، اعتبرها مزحة تثير السخرية في الاردن، فقال: "ما يبعث على الضحك هو ما اشيع في حينه من أن الاحتجاجات التي دار الحديث عنها في الاردن، شارك فيها عدد كبير من عناصر الاستخبارات الاردنية، للوقوف على حقيقة ما يجري في البلاد".
ويرى عيران أن خطايا الاخوان المسلمين في الأردن، لعبت دوراً كبيراً لصالح الملك عبد الله الثاني، وكان من بين تلك الخطايا عزوف جماعة الاخوان عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، فخسرت قدرة الحصول على التمثيل، الذي تم تنسيقه مع مختلف الشرائح الاجتماعية بالاردن. بالاضافة الى امتناع الحكومة الاردنية عن استخدام السلاح في المظاهرات، لذلك لم يُلاحظ الرأي العام تشييع أية جثامين للمتظاهرين في أعقاب أي مظاهرات ضد النظام.
وبحسب الخبير الاسرائيلي، لم تكن تلك الخطايا بمفردها باعثاً لبقاء رأس النظام الاردني في موقعه، وانما السبب الاكبر يكمن في حصول النظام على خمسة مليارات دولار من الولايات المتحدة وأوروبا ودول عربية خلال العام ونصف العام الماضيين، فكان لتلك الاموال بالغ الاثر في تهدئة خواطر العشائر الاردنية المؤيدة للقصر الملكي في عمّان.
يضاف الى ذلك أن الاردنيين ينظرون شمالاً وشرقاً، فلا يستحسنون الوضع الذي باتت عليه سوريا، كما أن العاهل الاردني كان موفقاً في اجراء اصلاحات وتغييرات، لبّت جميعها - حتى اذا كان ذلك بشكل نسبي - تطلعات الجماهير.
لاجئو سوريا عبء على الاقتصاد
رغم ذلك، افادت دراسة نشرها ايتمار كوهين، الباحث بمركز دراسات الامن القومي الاسرائيلي INSS الاسبوع الماضي، أنه من المستحيل تجاهل المخاطر الكامنة امام استقرار النظام في الأردن، ويأتي في طليعتها عبء اللاجئين السوريين، المتواجدين حالياً في الأردن، إذ يتسبب هذا العبء في عدد ليس بالقليل من الاشكاليات الاقتصادية بالغة التعقيد.
تقديرات الامم المتحدة تؤكد أن عدد اللاجئين السوريين سيتخطى خلال العام المقبل 2014 حاجز المليون نسمة، وهو ما يشكل 16% من اجمالي تعداد سكان المملكة الهاشمية، وتؤكد تقديرات موثقة أن عدد اللاجئين السوريين في الاردن بلغ العام الجاري 2013 ما يربو على 600 الف لاجئ سوري.
ويشير كوهين الى حجم النفقات المالية الباهظة، التي يتحملها الاردن لاستيعاب تلك الاعداد الهائلة من اللاجئين، بالإضافة الى ما يمثله ذلك من عبء جديد على مؤشرات البطالة المرتفعة في هذا البلد خلال الثلث الأخير من العام الجاري 2013، لتصل نسبة البطالة الى 14%، وهي النسبة الأعلى خلال السنوات الخمس الماضية في الأردن.
ووفقاً للباحث الاسرائيلي، ضاعف اللاجئون السوريون أزمة سوق العمل المحلية الاردنية، والحقوا بها ضرراً غير مسبوق حال دون قدرة سكان البلاد الاصليين على اكتساب فرصة عمل مناسبة.
ولوحظ ذلك الى حد كبير بين ابناء الطبقة الكادحة. وخلص كوهين الى أنه من اجل استمرار النظام الاردني في الصمود امام تلك العراقيل، ينبغي على المجتمع الدولي مواصلة مساعداته المالية للمملكة الهاشمية، لاسيما أن ذلك هو كلمة سر الحفاظ على استقرار نظام عبد الله الثاني، كما أنه يجب على اسرائيل أن تساهم هي الأخرى في تلك المساعدات.