توتر في صيدا ومعارك في جرود بعلبك ومحاولة اغتيال في صيدا
لبنان في مهب الريح السورية العاصفة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يبدو أن النار السورية تقترب أكثر فأكثر من البيت اللبناني، الذي تعصف به الأهواء الطائفية. فالاشتباكات مستمرة في طرابلس، وصيدا تشهد محاولة اغتيال إمام مسجد القدس الموالي لحزب الله، والثوار السوريون يفتحون جبهة جديدة أمام حزب الله في جرود بعلبك.
بيروت: يزداد لبنان يومًا بعد يوم رزوحًا تحت وطأة الحرب الأهلية السورية، والتي اتخذت وجهًا طائفيًا لم يعد ممكنًا التستر عليه. ولأن الحالة الطائفية اللبنانية نشيطة وفاعلة في المجتمع، ولأن الانقسام اللبناني على وقع الأزمة السورية نافر، تستمر مناطق لبنانية عديدة في العيش تحت مظلة من التوتر الدائم، يتصاعد حينًا إلى اشتباكات دامية، ويخف أحيانًا إلى عمليات محدودة، خصوصًا على محاور طرابلس شمال لبنان، بين باب التبانة السنية وجبل محسن ذات الغالبية العلوية.
طرابلس... القصير
ليل أمس الأحد، تصاعدت الاشتباكات على هذه المحاور، ما أدى إلى مقتل ثلاثة اشخاص وإصابة 27 آخرين، واستمرت حتى صباح اليوم، لتردي شخصًا إضافيًا في باب التبانة وتجرح 21 آخرين في المنطقتين المتحاربتين.
وكانت الاشتباكات هدأت منذ اسبوع بعد جولة من العنف أوقعت 31 قتيلا واكثر من مئتي جريح من المدنيين.
وفي باب التبانة مجموعات إسلامية سلفية متشددة، تعلن جهارًا تعاطفها مع الثورة السورية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعمها لجبهة النصرة لبلاد الشام، بينما يتحصن في جبل محسن مقاتلون علويون، تابعون للحزب العربي الديمقراطي، الموالي مذهبيًا وإيديوليوجيًا للنظام السوري.
وأتى التصاعد الأخير في القتال على وقع المعارك الضارية في مدينة القصير السورية الحدودية، إذ أراد الفريقان تخفيف الضغط عن المتقاتلين في القصير، خصوصًا ان المقاتلين السنة أعربوا مرارًا عن نيته اقتحام مواقع العلويين في جبل محسن، ليكون لهم الطريق مفتوحًا للانتقال إلى سوريا، ولقطع الطريق بأي شكل من الأشكال على عناصر حزب الله، التي تتوغل في القصير.
محاولة اغتيال في صيدا
والاحتقان السياسي المذهبي اللبناني، الموازي للحرب السورية، لا يقتصر على طرابلس، ولا يأخذ فقط شكل القتال على محاور ثابتة. ففي صيدا، عاصمة الجنوب اللبناني، تعرض الشيخ ماهر حمود، القيادي في تجمع العلماء المسلمين وإمام مسجد القدس في المدينة والمتعاطف مع حزب الله، لاطلاق نار صباح اليوم الأثنين، من دون ان يصاب بأذى.
وذكر مصدر أمني لبناني ان حمود خارجًا من منزله في ساحة القدس، قرب مستشفى حمود بصيدا، لأداء صلاة الفجر عندما تعرض لإطلاق النار، مشيرًا إلى أنه نجا من محاولة الاغتيال. وفي حديث صحافي، قال حمود ان مسلحين اطلقا باتجاهه بين 15 إلى 20 طلقة من سلاح رشاش، من داخل سيارة من نوع تويوتا، بعيد الرابعة فجرًا، أثناء توجهه سيرًا على الأقدام إلى المسجد لاداء صلاة الفجر.
وأضاف حمود ان مرافقيه الثلاثة ردوا على النار، ففر المسلحون. وأشار إلى ان التحقيقات الاولية أكدت ان السيارة مسروقة. وأكد ان الاغتيال قد يكون رسالة بسبب مواقفه المدافعة عن حزب الله كحامٍ للمقاومة، والمؤيدة لحل سياسي في سوريا، "والهدف قد يكون إحداث فتنة لتفجير الأوضاع، خصوصًا ان صيدا تعيش انقساما سياسيًا حادًا". ويتهم حمود التكفيريين بمحاولة اغتياله، ودعا الجميع، وخصوصًا حزب الله، إلى معاملة هؤلاء كمرضى. والمعروف ان حمود، بالرغم من تأييده حزب الله، كان قال مرارًا ان الحزب أخطأ في تدخله بالحرب السورية.
جبهة بعلبك الجديدة
أما في البقاع، فالتوتر يتصاعد بشكل مطّرد. فقد أطلق مجهولون النار فجر اليوم على سيارة الشيخ السني ابراهيم مصطفى البريدي، قرب منزله في قب الياس، ما أدى إلى احتراقها بشكل جزئي. وأتت الحادثة في أعقاب تواتر الأنباء عن اشتباك عنيف في جرود بعلبك، قبل يومين، بين مقاتلين سوريين وعناصر من حزب الله.
لم تتأكد الرواية النهائية بعد حول ما حصل، إذ ثمة من يقول ان عناصر لجبهة النصرة كانت تتسلل نجو بعلبك، ووقعت في كمين أعده حزب الله، ما أدى إلى تكبدها نحو 11 قتيلًا، فيما نفت المعارضة السورية سقوط أي قتيل لها في أي مناطق متاخمة لبعلبك اللبنانية، وتحدثت بالمقابل عن هجوم نفذه الثوار على موقع لحزب الله في المنطقة، مؤكدين مقتل أحد عناصر الحزب، وجرح أربعة آخرين.
ايًا كانت النتائج، فالاشتباك هذا يؤكد اقتراب النار السورية من الهشيم اللبناني، ويشي بنية الثوار السوريين فتح جبهة جديدة في المنطقة، لتخفيف الضغط عن القصير، خصوصًا بعدما تمكن المئات من الثوار فتح ثغرات عديدة في طوق حزب الله على المدينة.
وتفيد تقارير مختلفة بأن الثوار السوريين بادروا إلى فتح هذه الجبهة الجديدة بعدما تناهى إليهم قرار حزب الله الجيش النظامي السوري تحويل قواتهم إلى القلمون المقابلة لعرسال وبعلبك، بعد الفراغ من معركة القصير، وصولًا إلى الزبداني المقابلة للبقاع الأوسط، مرورًا بقارة ورنكوس وجرود سرغايا وبلودان ومضايا، في محاولة لانتشار في هذا الشريط الحدودي الشرقي، لقطع الطريق على أي هجوم يعده الثوار على دمشق. غير ان هذا كله مرهون بسير المعارك في القصير، التي تبدو طويلة ومضنية ومرتفعة الكلفة.