أخبار

من يصدق أن قتلة خالد سعيد لم ينالوا عقابهم حتى الآن؟

التعذيب في مصر مستمر وتشريعات الإخوان تحمي الجناة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رغم أن الثورة في مصر اندلعت إحتجاجًا على التعذيب، وكانت وفاة خالد سعيد تحت التعذيب بمثابة الشرارة الأولى لها، إلا أن قتلته ما زالوا بلا عقاب، والتعذيب مستمر، ما يستدّعي تغييرًا في تشريعات الاخوان المسلمين التي تحمي الجناة، ولا تحدد عقوبة جريمة التعذيب.

القاهرة: انفجرت ثورة 25 يناير بسبب شرارة وفاة الشاب خالد سعيد تحت التعذيب بالإسكندرية، إلا أن تلك الجريمة ما زالت من دون عقاب، وما زال الجناة من ضباط وأفراد الشرطة بعيدين عن أيدي العدالة، بل دائمًا ما يفوزون بالبراءة في حالة تقديمهم للمحاكمة.

وكشف الحكم الذي أصدرته محكمة جنايات الإسكندرية، الاثنين 17 حزيران (يونيو)، ببراءة أحمد مصطفى كامل البرعي، ضابط أمن الدولة بالإسكندرية المتهم الرابع بقتل الشاب السلفي سيد بلال بعد إعادة محاكمته، عن وجود عوار تشريعي في ما يخص معالجة جريمة التعذيب في مصر، لا سيما بعد حصول غالبية المتهمين في القضية على البراءة، وبعدما حصل المتهم محمود عبد العليم، ضابط أمن الدولة-قسم المفرقعات الذي أُعيدت محاكمته، على البراءة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

في وقت سابق من الشهر نفسه، أفرجت محكمة جنايات الإسكندرية عن الشرطيين المتهمين بتعذيب الشاب خالد سعيد، المعروف بـ"أيقونة الثورة المصرية"، ما أثار غضب المصريين، لا سيما أن التعذيب ما زال منتشرًا في أماكن الإحتجاز على نطاق واسع، وما زال الجناة يفلتون من العقاب.

وكانت مباحث أمن الدولة ألقت القبض على الشاب سيد بلال فجر الخامس من كانون الثاني (يناير) 2011 مع مجموعة كبيرة من السلفيين، للتحقيق معهم في واقعة تفجير كنيسة القديسين، التي وقعت ليلة رأس السنة من العام نفسه، وراح ضحيتها 21 مواطنًا، فضلاً عن مئات المصابين والجرحى. وتعرض بلال للتعذيب بمقر أمن الدولة باللبان، من قبل ضباط أمن الدولة، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة عقب نقله مباشرة إلى مركز طبي.

تقبيل حذاء الضابط

وللمرة الثانية، خلال فترة وجيزة، أجبر ضابط شرطة أحد المصريين على تقبيل حذائه، ورصدت حملة "وطن بلا تعذيب"، الواقعة التي تعرض لها محمد عبد الفتاح،وقامت بتوثيقها بالفيديو.

وقالت الحملة في تقرير لها، حول الواقعة: "استكمالاً لسيناريو إنتهاك حقوق المواطن المصري، نقف أمام جريمة أخرى من جرائم الداخلية ومن جرائم ضابط المباحث بقسم كفر الدوار عمرو صقر، حيث سبق له تعذيب أحد اعضاء حركة 6 أبريل" علي الجندي "والإعتداء على الناشط "محمد السنهوري"، وأضافت: "وها نحن أمام واقعة الإعتداء على المواطن محمد عبدالفتاح بالضرب والسب وإجباره على تقبيل قدم الضابط عمرو صقر بعد الإعتداء عليه أمام مرأى ومسمع الأهالي".

وتوعدت الحملة بملاحقة الجناة قانونيًا وشعبيًا ضد إنتهاكات وجرائم وزارة الداخلية التي ترتكبها بحق المواطنين، وأضافت: "سوف نرد بقوة على هذه الإعتداءات بالقانون وبتحريك الرأي العام ضد هذه الجرائم التي ترتكبها وزارة الداخلية ويصمت عنها النظام"، وتابعت: "ولن ترتاح ضمائرنا إلا إذا رأينا كل المشتركين فى هذه الجريمة قابعين خلف القضبان فى السجون ولن نرضى بكل هذا بعد ثورة كانت تطالب بالعدالة والكرامة".

تعذيب ممنهج

ما زالت جرائم التعذيب مستمرة في مصر بعد الثورة، وما زال الجناة يفلتون من العقاب، كما كان الحال في عهد حسني مبارك. وقال عبد الله النقيطي، القيادي بحملة "وطن بلا التعذيب"، أن الحملة توثق بشكل دائم حالات تعذيب في مختلف أنحاء البلاد، مشيرًا إلى أن التعذيب يمارس في جهاز الشرطة المصري بشكل ممنهج، منذ عهد النظام السابق.

ولفت إلى أن البنية التشريعية تساهم بقدر كبير في شيوع التعذيب، لا سيما أنها لا تقدم تعريفًا يتوافق مع التعريف الدولي لها، كما في المواثيق الدولية. ونبّه النقيطي إلى أن النظام الحالي لم يتعرض لتلك البنية حتى الآن بالتعديل أو التغيير، على الرغم من أن الثورة بدأت بمظاهرات إحتجاجية واسعة في يوم 25 كانون الثاني (يناير)، ضد التعذيب.

وقال محمد عبد العزيز، الناشط في حركة "أوقفوا التعذيب"، لـ"إيلاف" أن هناك علامات إستفهام كبيرة حول الموقف السلبي لجماعة الإخوان المسلمين من عدم تعديل التشريعات الخاصة بجرائم التعذيب، بالرغم من أن أعضاءَها تعرضوا للتعذيب بأبشع الصور في العهود السابقة، مشددًا على أهمية أن يتوافق قانون العقوبات المصري مع المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تعرف التعذيب على أنه "أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًا كان أم عقليًا، يلحق عمدًا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات، أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه، أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه، أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب، يقوم على التمييز، أيًا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفة رسمية".

ودعا عبد العزيز إلى ضرورة تغيير ثقافة الشرطة المصرية، وتعديل مناهج كليات الشرطة، وإخضاع الضباط والأفراد إلى دورات تدريبية نفسية لإعادة تأهيلهم، للتوافق مع عهد الثورة الذي يرفض التعذيب أو الإستبداد.

لتعديل القانون

إفلات الجناة في جرائم التعذيب من العقاب يؤكد وجود أزمة حقيقية في منظومة التشريعات المصرية. وقال الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن في قانون العقوبات المصري عواراً في ما يخص توصيف جريمة التعذيب.

وأضاف أن المادة 126 من قانون العقوبات، التي تنص على "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو مثل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالأشغال الشاقة أو السجن من ثلاث إلى عشر سنوات، وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل العمد"، لا تشترط أن يكون الموظف العام قام بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف.

ولفت إلى وجوب تعديل تلك المادة، بحيث يعاقب الموظف العام الذي يرتكب جريمة التعذيب أو يأمر بها أو يعلم بها من دون أن يمنعها، وألا يكون الهدف من التعذيب الحمل على الاعتراف، وأن يكون التعديل يشمل جميع البواعث وليس الإجبار على الإعتراف فقط.

ونبّه أبو سعدة إلى أن القانون المصري لم يحدد أو لم يضع تعريفًا لجريمة التعذيب. وأشار إلى أن المادة 126 لا توفر الحماية الجنائية اللازمة والفعالة لحق الإنسان في السلامة البدنية والذهنية، كما لا تنسجم مع أحكام الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، التي صادقت عليها الحكومة المصرية في العام 1986، وأصبحت بمقتضى هذا التصديق جزءًا لا يتجزأ من التشريع الوطني.

ولفت أبو سعدة إلى أن شيوع التعذيب ضد المعتقلين والمشتبه بهم والمحبوسين احتياطيًا والمحكوم عليهم أصبح ذا هدف آخر غير العمل على الاعتراف، "بل صار هدفه الانتقام منهم في أعقاب ارتكاب أي حادثة من حوادث العنف، أو بهدف تحديد الهوية السياسية والتنظيمية للمعتقل أو المحكوم عليه". ودعا إلى ضرورة تعديل قانون العقوبات والإجراءات الجنائية للقضاء على ثقافة التعذيب في المؤسسات الأمنية، التي تقوم بإرضاء النظم الفاسدة التي يصل الأمر فيها أحيانًا إلى إزهاق الأرواح.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف