أخبار

تدخله سيعود بنتائج كارثية على اقتصاد لبنان عبر طرد عاملين من الخليج

الحكومة اللبنانية عجزت عن ردع حزب الله عن الانغماس في المستنقع السوري

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رغم اتباع الحكومة اللبنانية سياسة النأي بالنفس إلى حدّ ما تجاه الصراع في سوريا، إلا أنها عجزت عن إرغام حزب الله على التراجع عن تدخله في القتال السوري. خصوصًا لما يستجلبه هذا التورط من تبعات اقتصادية سلبية على لبنان، عبر قرار دول خليجية طرد موظفين لبنانيين يدعمون حزب الله.

عاد المقاتل عباس فرحات أخيرًا إلى بلدته بعد القتال في سوريا. لكنه عاد إليها محمّلًا على الأكتاف، وصوره تملأ اللافتات التي علقت خارج منزله.

إنه واحد من اثنين في بلدته قتلا خلال القتال الشرس الذي دار في الشهر الماضي في مدينة القصير السورية الإستراتيجية، والتي كانت تخضع لسيطرة الثوار لمدة عام قبل أن تسقط في 5 حزيران/ يونيو بيد نظام الرئيس بشار الأسد بعد 17 يوم من القتال بقيادة حزب الله.

فخورون بالتضحية
يقول أحد أقرباء عباس إنه فخور بالتضحية التي قدمها، مشيرًا إلى أنه وأشخاص آخرين من أقربائه يستمدون الإلهام من فقيدهم.
وقال أحد أفراد العائلة، الذي رفض الكشف عن اسمه، احترامًا لطلب العائلة: "نحن فخورون جدًا بعبّاس. أرغب في الذهاب والقتال في سوريا غدًا إن استطعت".

هذه التعليقات وغيرها يتردد صداها في المناطق الشيعية اللبنانية اليوم، على الرغم من عودة الكثير من مقاتلي حزب الله جثثًا من أرض المعركة في سوريا لكي يحظوا بجنازات مهيبة في بلداتهم.

واعتبرت الـ "كريستيان ساينس مونيتور" أن الدعم المستمر للقتال في سوريا إلى جانب الأسد، يعود إلى الجهد الناجح من قبل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لإقناع قاعدته الشعبية بتبني مسار حزب الله الجديد المتطرف والخطير القاضي بتدخل حزب الله في الحرب الأهلية السورية.

تقول رندة سليم، باحثة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن ومتخصصة في شؤون حزب الله، إن "الوقت والجهد الذي يبذله نصرالله في صياغة وتسويق روايته، يدل على أن حزب الله على دراية بأن قاعدته بحاجة إلى إقناع في ما يخص التدخل في سوريا".

الانفتاح المتزايد
قرار حزب الله في المشاركة الكاملة في حرب سوريا الدموية نيابة عن نظام الأسد، يعتبر بمثابة تطور دراماتيكي لمنظمة كان ينظر إليها دائمًا على أنها اللاعب الشجاع والبطل في مقاومة إسرائيل.

لكن حزب الله يجد نفسه اليوم وهو يقاتل إخوانه العرب المسلمين، وتحديدًا السنة، الذين يشكلون الغالبية في صفوف المعارضة السورية المسلحة. حزب الله وحليفه إيران، يشعران بأنهما سوف يضعفان إذا سقط حليفهما نظام الأسد وحلت مكانه حكومة سنية أكثر اقترابًا من الغرب ودول الخليج.

بدأت الشائعات تتحدث عن تورّط حزب الله في سوريا بالإنتشار بعد وقت قليل على انطلاق الانتفاضة في آذار/ مارس 2011، لكن الإدعاءات الأولى كانت غير مقنعة بشكل عام وتفتقر إلى الأدلة. في أكتوبر/تشرين الأول 2011، قال نصرالله في مقابلة تلفزيونية إن اتهامات نشر حزب الله لمقاتليه في سوريا "غير صحيحة على الإطلاق". وأضاف: "ليس هناك آلاف ولا ألف أو حتى نصف جندي في سوريا".

لكن مع بداية العام 2012، أصبح معروفًا لدى الأوساط الشيعية أن بعضًا من مقاتلي حزب الله قد أرسلوا إلى سوريا. في ذلك الصيف تحدث العديد من التقارير في الإعلام اللبناني عن جنازات لعناصر حزب الله قيل إنهم قتلوا "بينما كانوا يؤدون واجبهم الجهادي".

تذمر خفي
على نحو غير عادي، كان هناك تذمر خفي داخل الدوائر الشيعية، بما فيها قاعدة دعم حزب الله الشعبية، حول مدى أخلاقية إرسال مقاتلين لمساعدة القمع الوحشي الذي يمارسه نظام الأسد ضد المعارضة.

في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2012 أعلن الجيش السوري الحر أنه قتل علي ناصيف، وهوقائد مخضرم في صفوف حزب الله، قرب القصير في سوريا. بعد أربعة أيام على ذلك، وصف نصرالله الإدعاءات المستمرة حول قتال حزب الله في سوريا بأنها مجرد "أكاذيب". لكنه اعترف بأن ناصيف ومقاتلين آخرين من حزب الله كانوا يقاتلون تطوعًا للدفاع عن بيوتهم ضد هجمات الثوار في العديد من القرى ذات الغالبية الشيعية داخل سوريا.

مع حلول ديسمبر/كانون الأول 2012، عرضت بعض مقاطع الفيديو التي ظهر من خلالها عدد من مقاتلي حزب الله في جنوب دمشق قرب مرقد السيدة زينب.

في هذه الأثناء، كان التعاطف الذي حظيت به المعارضة السورية يشهد تراجعًا وسط أدلة متزايدة على ارتكاب فظاعات على يد المعارضة وارتفاع حدة الخطاب المعادي للشيعة من جماعات مثل جبهة النصرة التابعة للقاعدة. وفي الوقت عينه، ركز قادة حزب الله على التهديد الذي تشكله الجماعات التكفيرية في سوريا على استقرار لبنان.

في أبريل/نيسان، اندلع القتال قرب القصير، فشنّ نظام الأسد ومقاتلو حزب الله حملة لطرد الثوار من القرى القريبة قبل الهجوم على البلدة. ومع نهاية الشهر، اقترب نصرالله أكثر من الاعتراف بأن حزب الله موجود في سوريا، وذلك عندما قال إنه يشعر بالفخر " بالشهداء الذين سقطوا خلال الأسابيع الماضية"، وحذر من أن لدى نظام الأسد أصدقاء حقيقيون لن يسمحوا بسقوط سوريا في أيدي "أميركا أو إسرائيل أو الجماعات التفكيرية".

اعتراف بالمشاركة
في 19 أيار/ مايو، قاد مقاتلو الحزب هجومًا على بلدة القصير الخاضعة لسيطرة الثوار، عندها اعترف نصرالله أخيرًا بالمشاركة الفعلية لمقاتليه في سوريا قائلًا: "من خلال هذا الموقف، فإننا نعتقد أننا ندافع عن لبنان وفلسطين وسوريا".

على الرغم من أن الشيعة في لبنان تقبلوا بشكل عام أسباب تدخل حزب الله في سوريا، إلا أن ردود الفعل تراوحت بين الخوف والغضب، وامتدت إلى مناطق لبنانية أخرى، فاندلعت اشتباكات محدودة بين مسلحين شيعة وسنة على خلفية المواقف المتناقضة من الثورة السورية.

واتبعت الحكومة اللبنانية سياسة النأي بالنفس تجاه الصراع في سوريا، لكنها تفتقر إلى القوة لإرغام حزب الله القوي على التراجع عن تدخله في القتال السوري.

واستبعدت الـ "ساينس مونيتور" أن تشهد شعبية حزب الله أي تهديد حقيقي في المستقبل القريب. لكن الموالين قد يحجمون عن التدخل الطويل في سوريا، خصوصًا إذا بقيت حصيلة القتلى مرتفعة، واستمرت حالة العداء للشيعة بالتصاعد في أنحاء المنطقة، وابتعد المؤيدون السابقون عن الحزب.

يشار أيضًا إلى أن انخراط حزب الله في الحرب السورية سيعود بنتائج كارثية على الاقتصاد، ليس أقلها إعلان دول الخليج العربي عن نيتها بطرد موالي وممولي حزب الله الذين يعيشون في بلدانها. تقول سليم: "كلما ارتفعت حصيلة القتلى في صفوف حزب الله، كلما ارتفعت المخاوف من التكلفة المترتبة على هذه المشاركة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف