أخبار

هاجرت إلى الأردن بلا نية في الرجوع بعد صمود طويل

مسيحية عراقية تخسر معركة البقاء بعد عشر سنوات عناء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قررت العراقية المسيحية فاتن يوسف ترك العراق نهائيًا نحو الأردن مع أفراد من أسرتها، بعد رفضها طوال 10 سنوات ماضية من الأمن المفقود مغادرة العراق، مؤكدة أن المسيحيين يدفعون ثمن حرب مذهبية سنية شيعية فيُسلبون كل شيء حتى حياتهم.

تحمّلت فاتن يوسف حرب الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، وكذلك أعمال العنف الطائفي التي فجّرها الاحتلال، وخاصة بين عامي 2006 ـ 2007، وتحملت أيضًا استهداف الكنائس وخطف القساوسة فقتلهم، وتردي الوضع الأمني منذ رحيل القوات الأميركية في كانون الأول/ديسمبر 2011.

وحين يقتتل المسلمون في ما بينهم بسبب الانتماء المذهبي والطائفي فإن المخاطر التي تهدد فاتن بوصفها مواطنة مسيحية تكون أكثر مما يهدد المواطن العراقي عمومًا. ورغم هجرة ما يقرب من نصف مسيحيي العراق، الذين يُقدر عددهم بنحو مليون، فإن فاتن ظلت صامدة طيلة السنوات العشر الماضية، إلى أن فاقت الأخطار والتهديدات قدرتها على التحمّل خلال هذا الصيف.

وقبل أقل من شهر، غادرت فاتن وطنها إلى الأردن بلا رجعة مع ابنتها المراهقة وأمها العجوز. ومن بين زهاء 60 شخصًا من الأهل والأقارب لم يبقَ في العراق إلا شخص واحد.

تؤكد قصة فاتن معاناة لاجئين مسيحيين عراقيين آخرين والخطر الذي يهدد واحدة من أقدم الطوائف المسيحية في العالم، أفرادها أصحاب ديانة مختلفة عن غالبية العراقيين، ولكنهم يشاركون العراقيين آلامهم ومعاناتهم، بصرف النظر عن مذاهبهم وانتماءاتهم.

تقول فاتن يوسف إن عمها خُطف في العراق، ثم قُتل بعد ثلاثة أيام على خطفه، وكان مستهدفًا لأنه مسيحي. واتصل القتلة بعائلتها لكي تستلم جثته، ثم بدأوا يهددونها.

سلبوها الوظيفة والمنزل
تتذكر فاتن إنذار القتلة لها على الهاتف: "في غضون 24 ساعة تتركين وظيفتك، وتتركين منزلك. وإذا لم تغادروا خلال 24 ساعة سنفجّر البيت". فتركت فاتن وظيفتها في شركة الخطوط الجوية العراقية، حيث عملت مضيفة 13 عامًا، وتركت بيتها، وانتقلت للعيش مع عمتها.

في النهاية قررت أن تغادر العراق، ولكن في يوم سفرها اتصلت شقيقتها من سوريا، حيث لجأ أكثر من 300 ألف مسيحي عراقي، وأخبرت فاتن بأن زوجها عاد إلى العراق، وخُطف لدى وصوله، وتوسلت بها شقيقتها ألا تغادر العراق، وأن تبقى وتسعى من أجل الإفراج عن زوجها. بقيت فاتن، لكنّ أحدًا لم يتصل ويبلغها بنبأ عن مصير زوج شقيقتها.

لوريتا، ابنة فاتن، وجدت نفسها المسيحية الوحيدة في صفها، الذي يضم 40 طالبة. وكان عليها أن تحضر دروس التربية الإسلامية وتستمع إلى تعليقات جارحة من بعض الزميلات.

القاعدة حرمتنا الكنيسة
لم تتمكن العائلة من اللوذ بالكنيسة طلبًا للسلوان، لأنها كانت تخاف ارتياد الكنيسة، بعد مقتل 85 مصليًا في هجوم نفذه مسلحو دولة العراق الإسلامية على كنيسة سيدة النجاة في وسط بغداد عام 2010. وقالت فاتن لصحيفة كريستيان ساينس مونتر "نحن لا نذهب إلى الكنيسة في بغداد بطبيعة الحال، لأنهم سيقتلوننا داخل الكنيسة".

ورغم حرمان فاتن من الصلاة في الكنيسة، فإنها لم تفقد إيمانها برحمة الله، الذي أعانها على إخراج ابنتها من العراق بسلام. وقالت فاتن إنها تحمد الله وتشكره على إنقاذ ابنتها. وأخيرًا تأمل فاتن بأن تتمكن من الالتحاق بشقيقتها في أستراليا. وقالت عن ابنتها لوريتا "إنها أثمن شيء في حياتي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف