أخبار

الهجوم على كنيستهم كان مروّعًا وخلّف آثارًا لا تُمحى

مسيحيّو باكستان يتخوّفون من الإبادة على أيادي المتطرّفين

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الهجوم الاكثر دموية الذي يطال الاقلية المسيحية في باكستان، وقتل فيه قرابة المائة شخص، جعل تلك الاقلية تخشى من حرب إبادة تشنّ ضدّها من طرف متشددي طالبان.

بيشاور: كان شالوم يستعد لفتح الكتاب المقدس عندما اقدم انتحاريان على تفجير نفسيهما في الكنيسة.

وما لبث أن عاد وشاهد كامل افراد عائلته الذين قضى عليهم الهجوم الاكثر دموية في تاريخ باكستان ضد المسيحيين الذين باتوا "هدفًا جديدًا" للاسلاميين المسلحين.

قبيل ظهر الاحد، كان البروتستانت وبعض الكاثوليك يخرجون من كنيسة جميع القديسين، وهي مبنى ابيض في وسط مدينة بيشاور التي تشكل نقطة التقاء بين الشمال والغرب قرب افغانستان.

كانت الاجواء هادئة. وفي الباحة الخارجية لهذا المبنى المشيد منذ مئة عام وفق الهندسة التي تذكر بمسجد من شبه القارة الهندية اكثر مما تذكر بكنيسة، كان توزيع صحون الأرز قد بدأ عندما جاء شبح الموت.

وقال الشاب شالوم ناظر: "كنت سأذهب الى الكنيسة لحضور درس عن التوراة عندما سمعت الانفجار. اسرعت في الخروج. كان حوالي 300 شخص ممددين على الارض. لقد رأيت والدتي وأخذتها بين ذراعي، لكنها كانت ميتة".

وقُتل ايضًا والده واخوه واخته وعمه في باحة هذه الكنيسة حيث تكدست أحذية وصنادل ملطخة بالدم في زاوية، وهي الاثار الوحيدة لضحايا هذه المجزرة التي حصدت اكثر من 80 شخصًا.

وفي باكستان، تبنى المسيحيون الاربعة ملايين عادات وتقاليد "اشقائهم" المسلمين، وهم يخلعون احذيتهم كما لو أنهم في مسجد.

وجدران الباحة نخرتها الكرات الحديدية الموجودة في القنبلة لزيادة قوتها وتمزيق اجساد المصلين واحشائهم.

وغالبًا ما يتحدر المسيحيون الباكستانيون من الفئات الهندية الوضيعة التي اعتنقت المسيحية على ايدي مرسلين اجانب، وما زالوا حتى اليوم يقومون بأعمال متواضعة.

وفي السنوات الاخيرة، اتهم مسلمون مسيحيين بـ "تدنيس" القرآن وشتم الرسول محمد، وهي تهمة تفترض عقوبة الاعدام في باكستان. وساهمت هذه الامور في تسميم العلاقات مع الاكثرية المسلمة.

لكنّ المسيحيين الباكستانيين لم يتعرضوا لهجوم بهذه الخطورة، والشيعة هم الذين يلاقون هذا المصير لأنهم في مرمى المجموعات الاسلامية المسلحة.

وقال سليم هارون الذي جاء من غوجرانوالا في قلب البنجاب (وسط) للاعتناء بقريبتين احترقت ايديهما، وهما في مستشفى بيشاور "من قبل، كان الشيعة الهدف، لكن الان جاء دورنا. إنها حرب جديدة مخطط لها".

واضاف: "لقد عوملنا مثل الخطأة، لا نملك أراضي ولا مصانع ولا متاجر، لسنا سوى اشخاص يمسحون الارض، وتتم معاملتنا على هذا الاساس".

في وسط القاعة، وعلى البلاط، تختلط النفايات بماء التنظيف ودماء المصابين. وقال سليم: "انظر! اذا مات جميع المسيحيين، من سيغسل هذه الغرفة؟ جميع الكناسين ماتوا الاحد".

وقال دانيس يوناس (35 عامًا) الذي اخترقت المسامير جنبه الايسر ولم تصب زوجته وولديه: "دائمًا ما اقمنا علاقات جيدة مع المسلمين قبل هذا الاعتداء. لكننا نتخوف من أن تبدأ موجة عنف جديدة ضد المسيحيين".

واعلنت مجموعة مرتبطة بحركة طالبان الاسلامية مسؤوليتها عن الاعتداء، الا أن القيادة المركزية للمتمردين نأت بنفسها عن الاعتداء. والمتمردون مدعوون الى مفاوضات سلام مع الحكومة الباكستانية.

وقال همفري بيتر اسقف شمال البلاد: "اتخوف من أن يكون ما حصل هو البداية، ومن أن تحصل حوادث في جميع انحاء باكستان. نحن الافقر بين فقراء هذه المنطقة ... نحن اهداف سهلة".

في الاحياء التي اجتاحها الغبار قرب الكنيسة، يعرب المسيحيون عن غضبهم حيال الحكومة الفدرالية وخصوصًا السلطات الاقليمية في خيبر باختونخوا التي يرأسها حزب لاعب الكريكت السابق عمران خان.

وقال خالد شهزاد الذي فقد تسعة من اقربائه ويتهم عمران خان بالافساح في المجال للاسلاميين المتطرفين، إن السلطات "لا تتعاطف مع الاقليات".

وتساءلت عافية زهني عمة الشاب شالوم "الحكومة تقول إنها تفرض الامن، لكن كيف تمكن الانتحاريون من دخول الكنيسة؟"

واضافت "في انتخابات الربيع، وعدونا بتغيير، لكن هل هذا هو التغيير"، ثم غمرت ابن اخيها الذي اصبح يتيمًا في الرابعة عشرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف