كل ما يريده الإبراهيمي الآن هو استخلاص العبر
مفاوضات جنيف-2 تنتهي اليوم ولا تقدم نحو حل أزمة سوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تعقد اليوم في جنيف جلسة أخيرة من المفاوضات بين وفدي النظام والمعارضة السوريين لكن دون تسجيل أي تقدم في المباحثات حتى الآن، وكل ما يأمله الأخضر الإبراهيمي اليوم هو استخلاص الدروس من أجل عمل أفضل في الجولة المقبلة إن تمت.
جنيف: يلتقي وفدا الحكومة والمعارضة السوريان قبل ظهر اليوم الجمعة للمرة الاخيرة في جنيف، حيث لا يتوقع أن يحققا أي تقدم في اتجاه حل الازمة في بلادهما، والتي اوقعت خلال ثلاث سنوات تقريبًا اكثر من 130 الف قتيل.وفي انتظار انعقاد الجولة الثانية المقررة، بحسب ما هو معلن حتى الآن، في غضون اسبوع، ستنشط الحركة الدبلوماسية الموازية، ومحورها خصوصاً عرابا المفاوضات روسيا، حليفة النظام، والولايات المتحدة الداعمة للمعارضة. وقد اعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الخميس أن رئيسه احمد الجربا سيزور موسكو في الرابع من شباط/فبراير.كما اعلن أن الجربا سيشارك في مؤتمر ميونيخ حول الامن الذي سيجمع في نهاية الاسبوع مسؤولي الدفاع والدبلوماسية في عدد كبير من الدول، وابرزهم وزيرا الخارجية والدفاع الاميركيان جون كيري وتشاك هيغل، ووزيرا الخارجية الايراني محمد جواد ظريف والروسي سيرغي لافروف. في جنيف، اعلن الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي أن جلسة مشتركة اخيرة ستعقد اليوم من دون أن يحدد مضمونها، مشيرًا الى أنه سيعلن بعد انتهائها بعض "الخلاصات"، معرباً عن امله في أن" نستخلص دروسًا مما فعلنا وأن نقوم بعمل افضل في الجولة المقبلة".وكان اعلن قبل يومين أنه لا يتوقع "تقدمًا ملموسًا" في نهاية هذه الجولة، مشيرًا الى أن "الهوة كبيرة" بين الفريقين. وتم خلال الايام الستة الماضية من المفاوضات طرح الموضوعين الاساسيين اللذين يختلف الوفدان على تفسيرهما وعلى الاولوية التي يجب أن تعطى لكل منهما، وهما هيئة الحكم الانتقالي والارهاب، بالاضافة الى موضوعين آخرين يدخلان في الاطار الانساني، وهما ادخال المساعدات الى الاحياء المحاصرة من النظام في مدينة حمص واطلاق المعتقلين والمخطوفين، لم يصلا فيهما الى نتيجة.وتعتبر السلطات السورية أنها تخوض منذ ثلاث سنوات "معركة ضد الارهاب الممول من الخارج"، لا سيما من السعودية وقطر وتركيا. وتطالب بتعاون دولي من اجل مكافحته. ولا تعترف الحكومة بوجود مقاتلين معارضين لها، بل تتهم كل الكتائب المقاتلة ضمن المعارضة المسلحة بالارتباط بتنظيم القاعدة، بينما تميّز المعارضة بين الكتائب المعروفة بـ"الجيش السوري الحر" رغم أنها لا تنضوي تحت قيادة واحدة، والمجموعات الجهادية. ويخوض مقاتلو الجيش الحر منذ اسابيع معارك دامية في مناطق عدة من سوريا مع تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المرتبط بالقاعدة. وينص اتفاق جنيف-1 الذي تم التوصل اليه في مؤتمر، غابت عنه كل الاطراف السورية في حزيران/يونيو 2012، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية.وتعتبر المعارضة أن نقل الصلاحيات يعني تنحي الرئيس بشار الاسد، وهو ما يرفض النظام التطرق اليه، مؤكداً أن مصير الرئيس يقرره الشعب السوري من خلال صناديق الاقتراع. كما ينص الاتفاق الذي وضعته الدول الخمس الكبرى والمانيا والجامعة العربية، على "وقف فوري للعنف بكل اشكاله" وادخال المساعدات الانسانية واطلاق المعتقلين والحفاظ على مؤسسات الدولة.وقد لخصت صحيفة "الثورة" السورية اليوم الجمعة ما حصل في سويسرا بالقول: "لم ينجح جنيف، لكنه لم يعلن فشله.. ليست أحجية ولا هي مفارقة لا معنى لها، بل هي كلمة السر في صراع الإرادات التي تقاطعت على الحاجة لجنيف، حيث يلتقي عرّابوه مجدداً من أجل جولة جديدة لا تمتلك أي فرصة في النجاح، ومن غير المسموح لها أن تفشل". ورأت أن الجولة الأولى "سجلت انتصاراً دبلوماسياً كبيراً للوفد السوري" الحكومي.وافاد متابعون ودبلوماسيون في جنيف أن حركة اتصالات وضغوطات دبلوماسية مكثفة رافقت المفاوضات. وقال الابراهيمي إن "مجرد جلوس الطرفين الى طاولة واحدة هو أمر جيد".في مسألة المعتقلين، قدم وفد المعارضة خلال جلسات التفاوض لائحة اولية بـ2300 اسم من الاطفال والنساء معتقلين في سجون النظام، مطالبًا بالافراج عنهم. وقال النظام إن لا اطفال في سجونه، مطالبًا في المقابل بأن يسلم الائتلاف لائحة بأسماء كل المخطوفين والمعتقلين لدى المجموعات المقاتلة. ورد وفد المعارضة بأنه مستعد، اذا تسلم لائحة اسماء باجراء اتصالات مع هذه المجموعات لمعرفة مصير الاشخاص المعنيين. ومنذ اسبوع، لم تتمكن شاحنات محملة بالاغذية والمساعدات في دمشق من الحصول على ضوء أخضر من التوجه الى مدينة حمص، حيث يحاصر حوالى ثلاثة آلاف شخص في احياء يسيطر عليها مقاتلون معارضون. وتقول السلطات إنها مستعدة لاخراج المدنيين من هناك، الا أن المعارضة تعبر عن خشيتها على مصير النساء والاطفال من القوات النظامية في حال خروجهم.وقال الابراهيمي امس: "انا اشعر بخيبة امل كبيرة" ازاء عدم دخول المساعدات الى حمص.على الارض، تواصلت الاعمال العسكرية في موازاة مفاوضات جنيف على وتيرتها التصعيدية، حاصدة عشرات القتلى والجرحى.المعلم يؤكد عدم التوصل إلى نتائج ملموسة
من جانبه، اكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم اليوم الجمعة ان مفاوضات جنيف-2 لم تحقق "نتائج ملموسة" خلال اسبوع. وقال في مؤتمر صحافي عقده بعد انتهاء جولة المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين "للاسف، لم نتوصل الى نتائج ملموسة خلال هذا الاسبوع من الحوار".
وعزا ذلك لسببين، "الاول عدم نضج وجدية الطرف الآخر وتهديده بنسف الاجتماع اكثر من مرة، والتعنت على موضوع واحد كما لو اننا قادمون لساعة واحدة نسلمهم فيها كل شيء ونذهب". واضاف "هذا يدل على عدم النضج وعلى الاوهام التي يعيشونها".
اما السبب الثاني، فهو "الجو المشحون والمتوتر، الذي ارادت الولايات المتحدة ان تغلف به اجتماع جنيف، وتدخلها السافر في شؤون الاجتماع، وتحديدًا بتسيير الطرف الآخر وصولًا الى قرار التسليح" الذي اتخذه الكونغرس الاميركي. وكان يشير الى تقرير اوردته وكالة انباء "رويترز" يتحدث عن "قرار سري" للكونغرس الاميركي بتسليح "المعارضة المعتدلة" في سوريا.
وقال ان من وضع هذا القرار "كانه يعيش على القمر، لا توجد معارضة معتدلة في سوريا، توجد تنظيمات ارهابية، داعش (الدولة الاسلامية في العراق والشام) وجبهة النصرة والجبهة الاسلامية... تدمر البنى التحتية وتفتك بدماء الابرياء". وذكر انه طلب من الوسيط الذي يقود المفاوضات الاخضر الابراهيمي ان يطلب من الولايات المتحدة ان تثبت "حرصها على الحل السياسي، وليس العسكري، من خلال خلق اجواء مؤاتية لانجاح الحوار في جنيف".
واستغرب كيف ان واشنطن "تدعم العراق في حربه ضد داعش، في حين تسلح داعش والنصرة ضد السوريين"، قائلا "هذا غير مفهوم". واكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد الجربا في وقت لاحق حصول المعارضة على "وسائل الدفاع" على الارض، مؤكدا ان "التسليح سيزداد" حتى التزام النظام السوري بتشكيل هيئة الحكم الانتقالي.
وبينما اعلن الجربا التزام المعارضة بالعودة الى جنيف لجولة اخرى من التفاوض، قال المعلم ان دمشق ستبلغ الامم المتحدة بقرارها في شأن المشاركة في الجولة الثانية "حينما تصدر التوجيهات"، ردا على سؤال الى ان الرئيس السوري بشار الاسد "الذي يدير البلد والحكومة هما من يقرران".
وجلس كل اعضاء الوفد الحكومي المفاوض وراء المعلم في مؤتمره الصحافي في احدى قاعات الامم المتحدة. وشدد وزير الخارجية على ضرورة "دعوة اوسع شريحة من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني" للانضمام الى وفد المعارضة، قائلا "ما زلنا نامل ونصر على الحوار مع اوسع شريحة ممكنة ومقنعة من شعبنا". وتابع "عندما يحضر هؤلاء سنسعى بكل جهدنا الى ان ينقل الحوار الى سوريا. الحوار البناء يجري تحت سماء الوطن".
وردا على سؤال عن الموقف الذي اعلنه في وقت سابق وزير الاعلام السوري عمران الزعبي عندما قال ان الوفد الحكومي "لن يقدم اي تنازل" في المفاوضات، اكتفى المعلم بالقول ان وزير الاعلام كان يعني "لن يتنازل عن ذرة تراب". وعن المطالبة برحيل الرئيس بشار الاسد، قال "ان وثيقة جنيف-1 لا تذكر هذا الموضوع"، مضيفا "لقد قلت في مونترو بالنسبة الى مقام الرئاسة ان لا احد يستطيع ان ينوب عن الشعب السوري في مسالة الرئيس".
وتابع ردا على سؤال عن سبب رفض سلطات بلاده تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، "نحن لدينا دستور وحكومة ومؤسسات، لذلك نحن جاهزون لمناقشتها، لكن يجب ان نعرف هوية الطرف الآخر هل هو سوري او لا؟". وقال "نحن لدينا حكومة، عندما نرى شريكا حقيقيا في صنع المستقبل يمكنه ان ينضم الى الحكومة"، متابعا "لكن من سيمثل المعارضة في الحكومة المقبلة". ويشكك الوفد الحكومي بتمثيلية وفد المعارضة وبالائتلاف الوطني المعارض. وقال المعلم "استنتجنا حجم المسافة بين هؤلاء وبين ما يجري على الارض في سوريا"، مضيفا "من يجلس في فنادق الخمسة نجوم في الخارج ينفصل عن بلده".