أخبار

زيارات ومساعِ لتعزيز التعاون بشكل أكبر مع الأفارقة

محمد السادس لتقوية البعد الأفريقي للمغرب

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يرى خبراء ومهتمون أنّ العاهل المغربي يتوجه نحو مزيد تقوية البعد الأفريقي لبلاده، وذلك من خلال مزيد الاهتمام بالدول الأفريقية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية.

أيمن بن التهامي من الرباط: رفع العاهل المغربي الملك محمد السادس من مستوى التعاون مع البلدان الأفريقية.

وينعكس هذا الاتجاه في تقوية العلاقات الثنائية على مجموعة من القطاعات منها الاقتصادية، والاجتماعية، وحتى السياسية والعسكرية، وهو ما حدث في مالي، حيث لعبت الرباط دوراً استراتيجياً في الحرب ضد الجماعات المتطرفة، التي كانت فرضت سيطرتها على أجزاء من هذا البلد الأفريقي.

بعد أفريقي

ساهمت الزيارات المتعددة للعاهل المغربي إلى عدد من الدول الأفريقية في إعطاء صورة عن المكانة المتميزة لأفريقيا في السياسة الخارجية للمغرب، كما أنها كشفت عن البعد الأفريقي للمملكة إن على المستوى السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، أو على المستوى الثقافي والروحي.

وأخذ هذا البعد أشكالاً أعمق من خلال التدخل لحل أزمات معقدة، كما كان الشأن في مالي، حيث قادت الخطوة المغربية إلى تخليص هذا البلد من "نزوعات العنف والتطرف والإرهاب التي باتت تهدد منطقة الساحل والصحراء".

كما نشرت الرباط، أخيرًا، عناصر من قواتها العسكرية في جمهورية أفريقيا الوسطى للمساعدة في عمليات الاستقرار بهذا البلد.

جذور المغرب أفريقية

وقال عبد الرحمن مكاوي، الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية، إن "هذا الاختيار وهذا البعد الأفريقي للمغرب ليس بجديد. فالمغرب كانت دائمًا دولة ساحلية، وصحراوية، وأفريقية، وأطلسية، ومتوسطية، وعربية، وإسلامية"، مشيرًا إلى أن "جذور المغرب في أفريقيا ضاربة في عمق التاريخ، إذ لا يمكن رؤية المملكة من دون جذورها الأفريقية التي قد تصل إلى أدغال أفريقيا مارة من الصحراء الكبرى".

وأوضح عبد الرحمن مكاوي في تصريح لـ"إيلاف"، أن "هذا أمر جيوستراتيجي قديم. فالمغرب دولة ساحلية ومن واجبه أن يتدخل كدولة صحراوية وكدولة أفريقية، وأن يتعاون مع أشقائه الأفارقة سواء أكانسياسيًا، أو اقتصاديًا، أو عسكرياً، أو إنسانيًا".

أمر طبيعي

أضاف: "هذا أمر طبيعي ولا يعني تغيير مواقع القوى في المنطقة، بل يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي والحقيقي، ومن دون أن يؤثر على ما يعتقده البعض أنها منطقة أمنهم القومي، التي لا ينبغي لأحد أن يتحرك فيها، رغم أن المغرب كان الفاعل الأول قبل حتى الدولة العثمانية ويرجع له الفضل في انتشار الإسلام في عمق أفريقيا وما زالت الشعوب الأفريقية من نيجيريا إلى السودان تعتبر المملكة المرحلة الأولى في الذهاب إلى مكة المكرمة، أي الحج الأول قبل الحج الكبير".

وأضاف الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية، "هذا أمر ينبغي عدم إغفاله ونسيانه والتاريخ هو الشاهد على تواجد المغرب في أفريقيا".

أول زيارة لغينيا

أعطت الزيارات المتعددة للعاهل المغربي إلى عدد من الدول الأفريقية دفعة قوية وحقيقية لعلاقات التعاون مع هذه البلدان في المجالات التنموية المهمة، كالفلاحة، والصيد البحري، والتعليم، والتكوين، والصحة، وتدبير المياه والسقي، والمواصلات والتجهيزات الحضرية.

ومن المتوقع أن تطال هذه الدفعة غينيا، التي سيزورها الملك محمد السادس الشهر الجاري، في أول زيارة له منذ اعتلاء العرش، في سنة 1999.

وقال الخبير الاقتصادي محمد اليوحي إن "المغرب قوّى مؤخراً علاقاته الاقتصادية مع أفريقيا، خصوصًا بعد الجولة الملكية التي قام بها العاهل المغربي، في آذار/ مارس الماضي، لمجموعة من الدول الأفريقية"، مبرزًا أن "المملكة تتوفر على موقع استراتيجي مهم يشكل ممراً نحو أفريقيا، كما أنها مخاطب جيد لأوروبا ومجموعة من الدول التي تربطها بها علاقات متميزة وعلاقات شراكة وتعاون".

وذكر اليوحي لـ"إيلاف" أن "المغرب يتوفر على إمكانيات مهمة جدًا، فمثلاً مطار محمد الخامس هو نقطة عبور مهمة بالنسبة إلى عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال نحو أفريقيا الفرنكفونية، كما أن البنوك المغربية تشتغل بشكل مهم في دول أفريقيا عن طريق فروعها، إلى جانب (اتصالات المغرب) الفاعل القوي الذي يتوفر على استثمارات هناك، إلى جانب تأمين الرباط تأطير مجموعة كبيرة جدًا من الأطر والطلبة الأفارقة في الجامعات المغربية والمعاهد المتخصصة".

سوق واعدة للمغرب

أكد الخبير الاقتصادي أن "السوق الأفريقية تشكل مليار مستهلك، وهي سوق جد مهمة ويمكن أن تعوض المغرب عن انخفاض الطلب في أسواقه الكلاسيكية، خصوصًا نحو أوروبا. وإذا كان المغرب قد نجح في بعض المجالات، كالبنوك والاتصالات، في الولوج إلى السوق الأفريقية، ففي مجالات أخرى وهي مهمة جدًا وتشكل مشاريع مهمة للاستثمار، كالبناء والأشغال العمومية والنسيج والصناعات الغذائية، يمكن أن يجد صيغاً لتمويل هذه المشاريع وإيجاد خطوط للنقل واللوجيستيك المناسبة".

وقال محمد اليوحي: "مجموعة من الدول الأفريقية بدأت تعرف استثمارات مهمة في المجالات التصنيعية، وهي محتاجة إلى البنية التحتية والطرقات والسكة الحديدية، وهذا مكان مهم للاستثمارات بالنسبة للمقاولات المغربية، خصوصًا المختصة في مجال البناء والأشغال العمومية"، مشيرًا إلى أن "الطبقة المتوسطة في أفريقيا أصبحت جد مهمة، إذ تمثل 340 مليون فرد، وبالتالي يجب التفكير في تلبية حاجياتها المتزايدة من طرف المصنعين المغاربة".

وختم قائلاً: "بعد اتخاذ إجراءات جد متقدمة في مجال الهجرة، ينتظر أن تعطي هذه الخطوة دفعة قوية للعلاقات المغربية الأفريقية، إذ ستسجل تعاطفاً أكبر للأفارقة من دول جنوب الصحراء مع المغرب، وبالتالي ستشجع على الانفتاح على منتوجات المملكة واستثماراتها، وعلى كل مبادرات أفريقيا، خاصة الفرنكفونية".

يشار إلى أن الرئاسة المالية أعلنت الثلاثاء، عن تأجيل زيارة للملك محمد السادس إلى مالي لبضعة أيام، بعد أن كانت مقررة، اليوم الأربعاء.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف